تناولنا في مقال سابق تحت عنوان « مصر على الخريطة التعليمية» أهمية أن تعود مصر إلى المشاركة من جديد في التقييمات الدولية جنباً إلى جنب مع أكثر من 59 دولة تستهدف معرفة مستوي طلبتها على خريطة التعليم في العالم.


التقييمات الدولية تشمل دراسة الاتجاهات الدولية في العلوم والرياضيات timss، والبرنامج الدولي لتقييم الطلبة pisa ويقيس المهارات التي اكتسبها الطلبة في عمر 15 سنة ، ودراسة مهارات الطلبة في القراءة pirls.


إن حصول مصر على ترتيب متأخر للغاية في نتائج في دراسة timss خلال دورة عام 2007م، يؤكد عدم وجود أداة فاعلة لضمان جودة الأداء التعليمي في المدارس المصرية.


هنا تبرز الحاجة إلى إعادة هيكلة الهيئة القومية لضمان جودة التعليم باعتبارها محورا رئيسيا لتحديد فعالية الأداء التعليمي عبر معايير تنتقل من تنفيذ مبدأ «الاعتماد الأكاديمي» إلى مبدأ «الرقابة والجودة»، فالاعتماد وفقاً لمتخصصين هو ضمان جودة «مدخلات» التعليم، بمعنى أن الإجراءات التي تتبعها المدرسة تلبي الحد الأدنى الذي يقبله النظام التعليمي، وهي أداة تعتمد على مراجعة وثائق ومستندات روتينية حول عدد الفصول ومساحاتها وآلية تسجيل الطلبة وأعمارهم ومراجعة أداء الطاقم الإداري والتدريسي.

في المقابل، فإن مبدأ الرقابة والجودة - الذي لم ينص عليه قانون الهيئة المستقلة التي تأسست في عام 2006م- يعتمد في كونه إطار عمل متكاملا يقيس جودة «المخرجات» التعليمية، بدءاً بتقييم التحصيل الدراسي للطلبة في المواد الدراسية الرئيسية ونهاية بالسمات الشخصية للطلبة.


ببساطة.. القصة – على سبيل المثال –ليست في كم مواطنا مصريا حصل على رخصة قيادة سيارة؟.. وإنما في كم مواطنا مصريا من هؤلاء المرخّص لهم بالقيادة يجيدون القيادة في الشارع؟!.. القصة أن أكثر من 90% من معلمي مصر يحصلون على تقييم أداء سنوي «ممتاز» ، فيما تشهد المخرجات تراجعاً حاداً كشفت عنه نتائج التقييمات الدولية التي أشرنا إليها سلفاً.


إن مبدأ جودة التعليم من منظور الرقابة المدرسية، يقوم على وجود عناصر مدربة على الأرض تفتش وتتابع داخل الحرم المدرسي بحثاً عن إجابة عن أسئلة سبعة تقود النظام التعليمي في مصر إلى التميز، وهي ما مدى جودة تحصيل الطلبة وتقدمهم الدراسي ومهاراتهم في التعلم؟، وما مدى التطور الشخصي والاجتماعي للطلبة؟، وما مدى جودة عمليات التدريس والتقييم؟، وما مدى تلبية المنهاج للحاجات التعليمية لجميع الطلبة؟، وما مدى الاهتمام بالطلبة وتوفير الدعم لهم؟، وما مدى جودة القيادة والإدارة المدرسية؟، وما مدى مستوى الأداء العام للمدرسة؟.


الخلاصة: الاعتماد المدرسي أقرب إلى «صك صلاحية المدرسة كوحدة إدارية مستقلة»، أما الرقابة المدرسية فهي «كيف تستخدم مدارسنا – معلم ومدير مدرسة- هذا الصك من أجل توفير خريجين يمتلكون المعارف والفهم والمهارات بالنسب المتعارف عليها دولياً من أجل التأثير في محيطهم والمشاركة الإيجابية في «عالم تنافسي» يستند إلى مبدأ « البقاء للأفضل».


سؤال: هل تعلم متى يصبح ذلك حقيقة؟
الإجابة: حينما تقرأ ذات صباح تصريحاً لمسئول رفيع في وزارة التربية والتعليم معلناً نعم ، الامتحان لم يأت من الكتاب المدرسي»!