القائد العظيم هو القادر على تحقيق نجاح عظيم من خلال الآخرين.
لكن هذا القائد العظيم لم يحصل على هذه العظمة بالمجان، لقد تطلب الأمر أن يتحمّل مسئولياته في احداث التغيير اللازم لمؤسسته والإرتقاء بالأشخاص العاملين معه.
وعلى هذا المنوال، ما زال هناك غالبية من الناس يعتقدون بأسطورة الرجل العظيم الذي يمكنه تحقيق كلّ شيء بما يملكه من قدرات فذة وكاريزما ساحرة.
هذا الكلام صحيح في جزء منه، والباقي على العكس منه تماماً، أسطورة الرجل العظيم أو البطل الوحيد التي يملكها القائد عالي الأداء بالطبع والقدرات والمواهب التي يتمتع بها لا أحد يستطيع أن ينكرها أو أن يتجاهلها داخل المؤسسة أو المنظمة، لكن الأمر ليس معزولاً عن الآخرين، فبدون جهودهم لا يستطيع هذا القائد عالي الأداء أن يصل إلى النجاحات التي وصل إليها بسهولة تامة.
الأمر تكاملي في لعب الأدوار، فحاجتنا للعاملين الرائعين في مؤسساتنا تتوازن بنفس الدرجة مع حاجتنا إلى قادة رائعين ومؤثؤين لإلهامنا إلى الطريق المسدود والعقبات العصية على التفكير والحلّ، نحن بحاجة إلى القائد الذي لا يتوانى في خلق روح الإبداع في المؤسسات وإطلاق قدرات الأفراد الرائعين بداخلها.
حسناً، ما هي الصفات التي يتمتع بها القائد عالي الأداء؟ هذا ما سوف نستكشفه سوياً من السطور القادمة.
1- يديرون علاقاتهم بكفاءة
علاقاتهم بالأفراد داخل المؤسسة أو خارجها، يقوم القادة بالتواصل الفعال مع الجميع بما يُحقق الأهداف بعيدة المدى كزيادة الإنتاجية والحفاظ على منافسة في المستوى المطلوب، وتذليل العقبات التي يمكن أن تعترض مسيرة العمل ككل.
وتتطلب الإدارة العلائقية من القائد التحلي بالمسئولية العالية تجاه ما يجب عليه القيام به، ولعب الأدوار التفاعلية التي يتطلبها العمل بكفاءة عالية.

2- ثقتهم بأنفسهم عالية
قد يكون من أكثر الصفات الظاهرة للقائد العظيم هو ثقته بنفسه، وهذه الثقة بالنفس تدفعه لأن يثق بمن حوله، فهو لن يختار في العادة إلا الأشخاص الذين يستحقون هذه الثقة ومن لديهم الإستعداد الكافي للتضحية، وهذه الثقة بالنفس ستسري مثل العدوى للآخرين حوله، وسترتفع بهم إلى المستوى اللائق لطموحاتهم، إذ لا معنى حقيقي يُرتجى من قائد مؤسسة لا يتحلى بالشجاعة باتخاذ القرارات اللازمة للتغيير، أو لا يتمتع بالمرونة الكافية في حلّ المشكلات المتعلقة بالأفراد أو المنافسين في خارج المؤسسة.

3- يلهمون الآخرين للإنجاز
القائد العظيم هو باراميتر الحركة في المؤسسة، ولا يعني ذلك أن يكون في مناصب عليا، بل ربما تجد موظفاً يتسم بالمبادرة والشجاعة الكافية ويتمتع بكاريزما شخصية تجعل له حضوراً واضحاً في جميع ما يتطلبه العمل لإحداث تغيير في صالح المؤسسة، إنّ غالبية الناس لديهم القدرات والمواهب العظيمة بداخلهم لكنهم يتكاسلون في إطلاقها ويخذلون أنفسهم في غالب الأوقات، للأسف، فليس كلّ الناس قادة، وفي الحديث الشريف “الناس كإبل مائة، لا تكاد تجد فيها راحلة” أو كما قال نبي الرحمة المهداة محمد صلى الله عليه وسلم.

4- رؤية واضحة
وضوح الطريق أو الرؤية يجعل الآخرين في ثقة عظيمة بما يقومون به، فمن لا يملك رؤية واضحة للهدف النهائي، لا شك أنه سيصطدم في المجهول إن عاجلاً أو آجلاً، يُعرف القادة العظماء بإدراكهم لما يرغبونه حقاً، فأن تكون قائداً بدون رؤية يعني أنك تفتقد إلى أهمّ عنصر دافع ومحفز لك للتقدم نحو نجاح مؤسستك أو مساهمتك الحقيقية في المجتمع.
إن غياب الرؤية الواضحة أطاح بشركة كوداك للتصوير الفوتوعرافي والتي تربعت على عرش التصوير 40 عاماً، وأطاح بزيروكس وشركة نوكيا للهواتف المحمولة قبل أن تُباع بثمن مُتواضع، إنّ وضوح الرؤية يعني أن تعرف ما الذي تريده وكيف تصل إليه وقبل كلّ ذلك أين تقف الآن.

5- يتغلبون على المحن والشدائد
يتمتع القادة العظماء بروح التحدي، فهم يُصرون دائماً على تذليل الصعوبات التي تقف أمامهم، سواء داخل المؤسسة أو خارجها، يستطيع القائد ببعد نظره إلى القضاء على المشكلات التي يمكنها أن تعصف بمؤسسته بأن يُزيل جميع العوامل التي يمكنها أن تزيد احتقان العاملين أو تذمرهم من الإجراءات الروتينية أو شعور بعض الأكفاء بالظلم الواقع بهم جراء استثنائهم من الترقيات أو المكافآت أو حتى الطرد من الوظيفة لأيّ سبب، وكذلك التمتع بالمرونة الكافية للبقاء في مستوى منافسة سوق شديدة، في العادة يتبع المدراء التنفيذيون المهارات الإدارية والإجراءات الصارمة لتحقيق الأهداف الموضوعة لهم كي يُحافظوا على أماكنهم، لكن القادة العظماء هم من يُدركون بأنّ النجاح لا يأتي إلا من خلال عملية التوازن بين المهارات القيادية والإدارية معاً.

6- يتخذون القرارات الصعبة
نحن في كلّ يوم نقوم باتخاذ قرارات كبيرة أو صغيرة في حياتنا، ولا ننتبه كثيراً للنتائج التي يمكن أن نحصدها من خلال هذه الممارسة، إنّ الوعي بالقرارات التي نتخذها يزيد من نجاحاتنا ويمكّننا من التقدم بثبات قوي نحو أهدافنا في الحياة.
وفي كلّ يوم يكون هناك قرارات صعبة على طاولة القائد وعليه أن يحسم أمره بشأنها، وأفضل القرارات تلك التي تكون بعد مشاركة الآخرين والسماع منهم، فعقلية القائد العظيم نابعة من تبنيه لآراء من حوله واحترامه لما يقولونه في مؤسسة تحترم تعدد وجهات النظر وتُعززها في نفوس أفرادها، وقد يعتقد البعض أن هذا الفعل قد يكون به جانب ضعف في شخصية القائد، لكن الأحداث والأرقام تقول عكس ذلك.
منقول ل
لإستفادة

المقال في عدد يونيو 2015 من مجلة إدارتي