لماذا نبحث عن فرص عمل خارج البلد
التوجه ناصية السفر للخارج للبحث عن فرصة عمل مناسبة براتب مجزى ، ليس أمراً جديداً ، ولكنه كان منتشراً بشكل كبير منذ السبعينيات ، وكانت أغلب الدول الجاذبة للمصريين هى دول الخليج حيث زيادة العائد المادى للأجور، والحوافز ، وارتفاع مستوى المعيشة .
كما كانت المنح الخارجية للدول الأوربية على أشدها منذ أيام محمد على ، وبعد تأسيس الدولة الحديثة .
ولكن هل هذا التوجه يعد أمراً سليماً أم غير ذلك ؟ وما الذى تجنيه الدولة من سفر أبناءها للخارج ، ونحن نعلم أن الطلب على الهجرة لأمريكا ، وكندا قد اشتد فى السنوات الأخيرة .
الخطورة فى الأمر أن المسافرين للخارج من الكوادر البشرية ، وذوى الكفاءات ،والمهارات العلمية ،والفنية المطلوبة لبنية المجتمع المصرى .
والسؤال لماذا أصبح مجتمعنا بيئة طاردة لأبنائه بهذا الشكل ؟ لعل الكثير من العوامل التالية تفسر الأمر بعض الشئ :-
-ضعف الحصول على فرص عمل مناسبة .
-تدنى مستوى التعليم لبعض الفئات التى تكون بحاجة حقيقية للعمل لكسب العيش، ولا تجد فرصة عمل .
-زيادة عدد السكان ، وزيادة نسبة الشباب فى سن العمل .
-عدم وجود نظام أو سيستم واضح لآليات التوظيف .
-عدم وجود قواعد منظمة لمسألة الهجرة أو السفر للخارج ، فى مقابلها توفير حياة كريمة للمواطن المصرى .
-إحساس المواطن بالظلم ،والقهر داخل مجتمعه ، فيفضل الاغتراب عن بلده سنوات طويلة .
-ارتفاع أسعار السلع، والمنتجات الأساسية التى يحتاجها المواطن المصرى .
-زيادة الضغط ،وأعباء العمل ، مع قلة الأجور المتحصل عليها بالمقارنة بالدول الجاذبة للأيدى العاملة .
-قلة الحصول على فرص تعليمية تواكب متطلبات العصر ، ومن ثم تقليدية أداء المواطن العادى ،وعدم حصوله على مستوى تعليميى يضمن له فرصة عمل جيدة تؤهله لحياة كريمة .
كلنا لدينا الكثير من الأسباب التى تشير إلى خطورة الرغبة الداخلية للكثير من المواطنيين للسفر للخارج بلا عودة ، لكن أحسب أن أخطر عامل قد يستوعب كافة العوامل السابقة هو
عدم الشعور بالأمان داخل المجتمع .
ولكن ما الحل ؟
الأمر أصبح جد خطير ، ولا يمكن السكوت عليه مطلقاً، وبحاجة إلى دراسة ، وعلاج من قبل الدولة ، والعمل على أن تكون الدولة جاذبة لأبنائها ، وغير طاردة كما نرى فى كثير من الدول مثل الهند ، والولايات المتحدة الأمريكية ، وفرنسا ، وإيطاليا وغيرهم الكثير من الدول العربية أيضاً الكويت ، قطر ، الإمارات ...
الطبيعى أن يعمل الجميع داخل الوطن الأم ، ولا يذهب للخارج إلا للدراسة ، والتعليم، والإتيان بخبرات جديدة ، أو الزيارة ثم يعود يخدم الوطن ، وليس هجرة الوطن من أجل العمل للخارج ، حيث خروجاً بلا عودة .
لهذا فالدولة لها حق فى أبنائها الذين تعلموا بداخلها ، وصرفت عليهم الكثير لتنشئتهم مواطنين صالحين لأنفسهم أولاً ثم لمجتمعهم ثانياً ، لا لكى يغادروها للعمل بالخارج . ولكن أين حق المواطن على الدولة من توفير فرص حياة كريمة ، وعيش مستقر ، وعمل مناسب كل فى مكانه ،ومجاله، وتخصصه ، وعدم قبول أى شخص بناء على المحسوبية أو الرغبة فى المجاملة ،أو الزمالة . متى ينزل إعلان توظيف دون تظبيطات داخلية معينة ، ويكون الإعلان صورياً ، والأمر محسوم من قبل مع أصحاب العمل أو القيادات العليا لصالح فلان أو فلانة ؟
ما أدى بأبنائنا للرغبة فى هجرة المجتمع ،والسفر خارجه هو إنعدام العدالة ، وعدم جذب المجتمع لأبنائه بكافة السبل الممكنة لأن القيادات السابقة كان الشغل الشاغل لها هو المصلحة الشخصية فحسب ،وحماية النحبة، وسلب أموال البلد .
أما التنمية الحقيقية تبدأ من إشراك المواطن العادى بها ، وإحساسه بأن الدولة دوماً بحاجة ماسة إليه ، وإلى جهوده ومثابرته ،وعمله الدءووب ، حتى حين يخفق نعيد تأهيله من جديد ، لأنه جزء من جسد المجتمع . هل يمكن أن نقطع جزء من أجسادنا دون ألم حقيقى ؟ فلماذا نفعل ذلك مع المواطنين، ونستبعدهم ،ونهمشهم أليسوا هم الأحق بالمشاركة ، ومد يد العون إليهم بدلاً من بترهم ، ونبذهم، وجعلهم يفكرون فى السفر للخارج لجلب الأموال فحسب .
هذا حقاً عيباً على المجتمع لأنه غير قادر على كفاية أبنائه ، ويتركهم للدول الأخرى ترعاهم ، وتقطف ثمارهم ، وتستخرج أفضل ما عندهم لأنهم يستوعبون جيداً من هم حقاً .
لهذا فشعار yes we act نوجهه اليوم للدولة ، ونطالبها بتوفير سبل الأمن والأمان وفرص العمل ، والحياة الكريمة للمواطنين المصريين كى نستخرج أفضل ما عندهم ، ويعملون بحب ،وإبداع حقيقى . وان ينظروا لإعلانات التوظيف بالخارج نظرة عابرة ، وليس بشغف، واهتمام، وتساؤلات ملحة تعد مؤشراً إلى أن المجتمع الأم بيئة طاردة لأبنائه . yes we act