توالت أحداث الثورة المصرية على مدار العام الماضي، وتوارى ملف استرجاع الأموال المنهوبة والمهربة من قبل أعمدة نظام حسني مبارك إلى خارج البلاد، إلا أن البرلمان في أسبوعه الثاني أعاد فتح ملف تلك الأموال.

وتقدم النائب وحيد عبد المجيد بطلب إحاطة لوزير الخارجية يتهم فيه الوزارة بالتراخي في التحرك في هذا الملف، كما قدم النائب عصام سلطان مشروع قانون لاسترداد هذه الأموال.

ويضمن مشروع القانون ست مواد تقضي بتشكيل لجنة من قبل مجلس الشعب تضم قضاة وقانونيين ودبلوماسيين واقتصاديين، وتكون لها صلاحية الاستفادة من كافة إدارات الدولة للقيام بمهمتها.

وقد اتهم سلطان حكومات شفيق وشرف والجنزوري بعدم الجدية في استرداد الأموال، وأن اللجنة التي شكلت اقتصرت على القضاة فقط، ولا يتوفر لديهم الخبرة المالية الكافية لهذا الملف.

وذكر النائب في مذكرة مشروع قانون بأن تونس اتخذت خطوات جادة وقطعت شوطا مهما لاسترداد أموالها المهربة، في حين تسير الأوضاع في مصر ببطء شديد.

السفير عادل الصفطي: من طبيعة ملفات استعادة الأموال المنهوبة استغراق وقت طويل (الجزيرة نت)
الطريق الصحيح

السفير السابق عادل الصفطي يتبنى وجهة نظر أخرى بخصوص استرجاع الأموال المهربة، قائلا للجزيرة نت إن هذا الملف هو قانوني بالدرجة الأولى، وإن الدور الدبلوماسي فيه ضعيف جداً.

وأضاف أن دور الدبلوماسي يقتصر على تبليغ ما يصله من دولته للحكومات المهرب فيها تلك الأموال، ويؤكد الصفطي أن اللجنة الحالية تسير على الطريق الصحيح، ولكن من طبيعة هذه القضايا استغراق وقت طويل، والتجارب الدولية تشهد بذلك، فالفلبين ظلت خمس عشرة سنة وهي تسترجع أموالها المهربة.

ويبين الدبلوماسي السابق أن الطريق السياسي لاسترجاع الأموال المذكورة استخدم دولياً في حالتين فقط حيث أجبرت أميركا سويسرا على الاعتراف بحجم الأموال المهربة إليها وإعادتها لأميركا، وكذلك اليهود الذين استخدموا سلاح الابتزاز السياسي.

صعوبة ومماطلة
ويوضح الصفطي أن الدول التي لديها هذه الأموال تعمل على إطالة فترة الاسترداد للاستفادة منها أكبر فترة ممكنة، كما أن هذه الدول في الوقت الذي تطلب فيه أحكام نهائية قضائياً لرد الأموال "فإنها لا تتعامل بشرف في هذه القضايا، فلا تفصح عما لديها من أموال تخص الحكام المستبدين أو الهاربين أو من ماتوا إلا بعد فترات طويلة".


وحول ما ذكره النائب سلطان من أن السفارة المصرية بواشنطن رفضت التعاون مع اللجنة الشعبية لاسترداد الأموال، يقول السفير السابق إن الجهود الشعبية مشكورة ولكن البنوك في أميركا لا تعترف إلا بالأحكام القضائية النهائية التي تفيد بأن هذه الأموال مهربة وليست من حق مودعيها.

ويرى أستاذ القانون بجامعة القاهرة يسري العطار أن إقدام البرلمان على هذه الخطوة (تأسيس لجنة) يعد من أهم واجباته، وهي خطوة إيجابية تحسب له.

"
أستاذ القانون يسري العطار يرى أن مصر على مدار عام لم تنجز شيئا في ملف استرجاع الأموال المنهوبة حيث كان المفروض منذ الشهر الأول لسقوط مبارك التقدم بإجراءات احترازية بالتحفظ على هذه الأموال
"
تراخ مصري
وصرح العطار للجزيرة نت بأن مصر على مدار عام لم تنجز شيئا في هذا الملف، وأضاف أنه كان من الواجب على الحكومة منذ الشهر الأول لسقوط مبارك أن تتقدم بإجراءات احترازية بالتحفظ على هذه الأموال.

ولكن للأسف –يضيف المتحدث- فإن هذا الإجراء أتى من خلال مبادرات من دول أجنبية مثل سويسرا والاتحاد الأوروبي، ولم تطلبه مصر إلا مؤخراً.

وبسؤال العطار عن أيهما أجدى تشكيل لجنة جديدة تابعة للبرلمان أم تطعيم اللجنة الحالية ببعض المتخصصين، أجاب بأن المهم هو تحقيق الهدف لأن هذه القضايا تستغرق وقتا طويلا.

وقال الأستاذ الجامعي "لابد من البدء في التحرك لأنه من الممكن أن يتم تحريك هذه الأموال بين بنوك وشركات، فيصعب علينا بعد ذلك متابعتها أو معرفة أماكنها على وجه الدقة".

وأعرب العطار عن تفضيله وجود لجنة جديدة مدعومة من البرلمان حتى تكون منبتة الصلة عن النظام القديم، وتكتسب شرعيتها من برلمان منتخب مما سيجعل لها قبولا لدى الدول الأجنبية.

المصدر - الجزيرة