فى الحلقة السابقة تناولنا مفهوم الممارسات التعليمية ، وأهميته داخل المنظومة التعليمية . فى هذه الحلقة سنبدأ فى تناول الممارسات التعليمية الحاصلة فى العملية التعليمية ، وكيف يمكن تحسينها لتصبح أفضل ممارسات ممكنة .
لهذا فسنتناول الممارسات داخل مرحلة رياض الأطفال فى البداية ، ثم المرحلة الابتدائية حتى الجامعة .
أولاً الممارسات التعليمية داخل رياض الأطفال .
علينا فى البداية أن نقر بأننا لدينا تنوع فى مجال التعليم وفقاً لطبيعة التعليم هل هو حكومى ، أم خاص ، أم لغات ، أم أزهرى عام أو خاص أو لغات .
وكلنا يعرف أن شكل، ومضمون الممارسات يختلف كليةً داخل كل نوع من أنواع التعليم تلك رغم أن الأطفال فى نفس الفئة العمرية . لكن درجة الاهتمام، والرعاية ليست واحدة .
ولكن مع إقرار ذلك نجد أن جميع الممارسات التعليمية فى مرحلة رياض الأطفال لدينا تفتقر إلى المعيارية ، والأداء المتميز الذى يمكن البناء عليه فى المراحل التالية عليه .
الممارسات الفعلية داخل مرحلة رياض الأطفال
بالنظر إلى مرحلة رياض الأطفال داخل التعليم نجد أنها تفتقر إلى البرامج الموحدة، والمفعلة على كافة أنواع التعليم العام، والخاص، واللغات، والأزهرى . رغم وجود معايير لمرحلة رياض الأطفال لكنها مغيبة بشكل تام داخل الممارسات الفعلية مع الأطفال فلازالت نسبة الأطفال داخل مرحلة الأطفال الحاضرين بالفعل داخل المدرسة ، وليس المقيدين فى السجلات نسبة محدودة تتراوح من 40% إلى 60% حسب طبيعة المدرسة ، والخدمات المقدمة ، هذا مع تكرار ، وإرتفاع نسبة الغياب من الأطفال الذين يتواجدون بالمدرسة فى تلك المرحلة .
كما أن معايير إعداد معلم رياض الأطفال غير مفعلة ، فليس هناك برامج تدريبية مخصصة له أو لها ، كما أنهم ُيدَرجون ضمن فئة معلمى التعليم الابتدائى عند التعامل بعد حصولهم على شهادة معلم رياض الأطفال .
هذا بالإضافة إلى إقتصار معلم رياض الأطفال على فئة النساء غير المؤهلات أوالمدربات والمعدات إعداداً كافياً للتعامل مع الأطفال .
والغريب فى الأمر أننا نجد فى دول مثل اليابان ، وماليزيا ، وقطر ، والأردن، والمملكة السعودية معلمات رياض الأطفال مدربات تدريباً جيداً على برامج معدة خصيصاً للتعامل مع الأطفال فى الفئة العمرية من أربعة إلى سبع سنوات ، وتراعى تلك البرامج البعد النفسى فى كيفية التواصل مع الأطفال فى مثل تلك السن الخطيرة من العمر .
هذا فضلاً عن أن الكثير من الدول مثل إنجلترا ، وأمريكا ، وفرنسا ، وألمانيا تضع شرط حصول معلمة رياض الأطفال على الماجستير على الأقل للالتحاق بتعليم هذه الفئة العمرية من السن . هذا فضلاً عن ارتفاع أجور المعلمات فى تلك المرحلة عن بقية مراحل التعليم الأخرى.
لماذا تسن الدول المتقدمة قوانين صارمة فى إعداد معلم مرحلة رياض الأطفال؟
تنظر الدول المتقدمة إلى التعليم بصفة عامة على أنه قضية أمن قومى ، بمعنى أن الطفل متى يولد لا يصبح فقط إبن أبويه ، وإنما إبن المجتمع ككل ، ومواطن المستقبل الذى نراهن عليه فى تشكيل عمليات التنمية ، وعلى هذا النحو لا يحق للآباء أو الأهل التعامل مع الأطفال دون الرجوع إلى قوانين الدولة بهذا الشأن لا سيما قوانين التعليم ذاتها .
لهذا فمعلمة رياض الأطفال تعد إعداداً خاصاً بشكل يضمن تشكيل مواطن على أسس، وقواعد الانتماء للدولة ، وضرورة بناء العقلية الإبداعية منذ البداية ، واكتشاف مواهب المواطنين وتوظيفها منذ السنوات الأولى لكى تنمو معهم حتى الكبر ، والدخول فى عالم العمل .
ومن ثم ما تضعه تلك الدول من برامج تعليمية لمرحلة رياض الأطفال تنبع من نظريات قابلة للتطبيق فى الواقع ، وهى برامج مرحلية تنمو مع الطفل كى يصل إلى المرحلة الابتدائية بعد أن أخذ قسط من التعليم ، والإبداع، والاكتشاف يؤهله للتعامل مع المرحلة التالية (الابتدائية ) لذلك فإن تلك الدول تنظر إلى التعليم بشكل منظومى متكامل لا قطاعى منفصل عن بعضه البعض .
لهذا فمسألة حضور الطفل المدرسة فى مرحلة رياض الأطفال مسألة محسومة ، وعدم الحضور معناه إعادة تلك المرحلة لأنه لم يحصل على البرامج التى تؤهله للتعامل مع المراحل التعليمية التالية .
إلا أنه الشائع لدينا أن مرحلة رياض الأطفال بأنها سنوات لا منهجية ليس شرطاً حضور الطفل إلى المدرسة لأنه لا يختبر فى النهاية على تلك المرحلة ، ولا تدخل ضمن عملية التقويم ، كما أن الكثير من المدارس للأسف تشجع الكثير من أولياء الأمور على ذلك خوفاًُ من تحمل مسئولية الأطفال الصغار فى مثل تلك المرحلة الخطيرة من العمر .
ولكن دعونا نسأل لماذا يعزف الكثير من أولياء الأمور عن حضور أطفالهم المدرسة فى تلك المرحلة ؟
تشير العديد من الدراسات فى هذا الصدد إلى أن هناك جملة من الأسباب تسهم فى إحجام أولياء الأمور عن إرسال أبنائهم للمدرسة فى مرحلة رياض الأطفال ، ومن أهم تلك العوامل :-
-القصور فى إعداد معلمة رياض الأطفال .
-عدم وجود سياسات واضحة للتعامل مع الأطفال .
-افتقار البرامج إلى المرجعية والوثوقية ، واختلافهامن مدرسة لأخرى .
- معايير رياض الأطفال غير مفعلة بشكل صارم من الدولة .
-عدم اهتمام الدولة بتلك المرحلة الخطيرة فى العملية التعليمية .
-عدم فصل المحتوى المقدم فى مرحلة رياض الأطفال داخل الكثير من المدارس عما هو متبع فى المرحلة الابتدائية .
-القصور فى إجراءات الأمن والسلامة .
-القصور فى التغذية ، والرعاية الطبية .
-قلة وعى أولياء الأمور بأهمية تلك المرحلة نتيجة القصور فى عملية الإرشاد، والتوجيه من قبل الدولة .
-قلة الخبراء فى مجال التخطيط لمرحلة رياض الأطفال .
-غلبة الجانب النظرى على عقول الكثير من الخبراء دون وضع آليات ، وممارسات لتنفيذ البرامج الموضوعة .
والنتيجة هى أن هناك جزء مفتقد فى تكوين المواطن المنشود مستقبلاً نتيجة الإحجام عن تلك المرحلة الهامة من التعليم .
ولكن كيف يتم تحسين الممارسات داخل مرحلة رياض الأطفال ؟ هذا هو موضوع الحلقة القادمة بإذن الله .
التخطيط لمستقبل جودة التعليم (الحلقة 28)
رد مع اقتباس
مواقع النشر (المفضلة)