بعد انتشار السلوكيات العنيفة بين الطلاب وتكرار حوادث العنف والسطو في المجتمع الناتج عن عدم الفهم الصحيح للديمقراطية واحترام الرأي الآخر ووصول الأمر للمدارس من استخدام العنف ضد التلاميذ من المدرسين الذي يقابله عنف بين الطلاب.. أكد أساتذة علم النفس والتربية والاخصائيون الاجتماعيون والنفسيون ضرورة نشر قيم الحب والتسامح ونبذ العنف والتطرف والتعصب من خلال المؤسسة التربوية وان يتعاون الجميع من المشاركين في العملية التعليمية علي زرع هذه القيم في نفوس ابنائنا منذ الصغر حتي يكونوا أعضاء نافعين في المجتمع.
قال د. عبدالعظيم صبري مدرس المناهج وطرق التدريس بجامعة حلوان انه لابد من الاهتمام بالقيم والأخلاق خاصة في الوقت الذي نعيش فيه الآن.
وهذا يتطلب مننا الرجوع إلي التربية الدينية بغض النظر عن اضافتها للمجموع وزيادة حصصها في المدارس مشيراً إلي ضرورة ان يكون المعلم الذي يدرس هذه القيم يكون قدوة للتلاميذ وهذا ما نفتقده حيث ان الشباب المصري معذور فهو يري اناساً يقولون مالا يفعلون مثل ما ينتشر في الفضائيات فكثير ما يكون الأسلوب عنيفاً في تناول الأحداث رغم انه يدعو إلي عدم العنف لذا لابد ان يكون هناك قدوة في السلوكيات والتصرفات.
القدوة
قالت دكتورة انشاد عز الدين رئيس قسم علم النفس بجامعة المنوفية ان فقد القدوة وانعدام السلوك التربوي القويم لدي تلاميذ المدارس والشباب في سن صغيرة يعد السبب الأساسي في انتشار ظاهرة العنف داخل المدارس باضافة لفقد تلاميذ المدارس لابسط آداب الشارع وآداب الحوار وسبل تقبل الآخر.
أوضحت ان العنف الذي يمارسه التلاميذ داخل المدارس ما هو إلا انعكاس لكميات العنف المتمثل في ألعاب الكمبيوتر ومواقع الانترنت وما تبثه من مواد عنف يرغب الأطفال والتلاميذ بشكل عام في محاكاتها فضلاً عن الدور الأساسي للأب والأم في تكوين صورة جيدة للقدوة لأبنائهم حيث يري الطفل حالة مصغرة من العنف داخل المنزل متمثلة في طريق تعامل والديه مع بعضهما البعض ومعه بشكل خاص بالاضافة لانخفاض مستوي المعيشة الذي يؤدي بالوالدين لمثل هذا السلوك العنيف مع أبنائهم.
أشارت إلي أننا في حاجة لتغيير سلوكنا كأولياء أمور في المقام الأول ومسئولين عن تكوين سلوك ابنائنا عن طريق اعطائهم مزيداً من الحنان والحب والوقت لتقويم سلوكهم بالاضافة لدور المدرسة من خلال تخفيض الكثافات في الفصل الواحد والاهتمام بالأنشطة المتنوعة والتي تسهم في اطلاق طاقات التلاميذ في هذه السن المبكرة.
أكدت ان المجتمع ككل مسئول عن سلوك افراده وأن سيادة العدالة الاجتماعية هي حجر الأساس نحو بناء مجتمعي متكامل يشعر ابناؤه بالمساواة والحصول علي كافة حقوقهم وبالتالي يستطيعون تأدية واجباتهم علي أكمل وجه ومن هناك ينهمك كل فرد في المجتمع لأداء دور وتقل ظاهرة العنف والكراهية ونكون بصدد مجتمع متحضر معاصر يتكامل كافة افراده من أجل خلق جيل جديد من الشباب الواعي المتفهم لدوره في النهوض بمجتمعه.
تعدد الأنماط
أضافت دكتورة عزة الخضري أستاذ علم النفس بتربية حلوان أن تعدد الأنماط التعليمية يعد أحد أهم أسباب تفاوت مخرجات التعليم المتمثلة في الطالب والتي تعد بدورها انعكاساً للطبقية التي يعاني منها المجتمع فالبعض يملك كل شيء والبعض الآخر لا يملك أي شيءومن يملك المال فإنه يستطيع ان يحصل علي تعليم راق شكلاً يحقق الحد الأعلي من الرفاهية المجتمعية أمام الطبقة الفقيرة فتبقي دائماً في مستوي أقل تعليمياً وصحياً وهو ما ينعكس بالضرورة علي سلوك العنف لدي الأطفال في سن الدراسة.
سلوك
اشارت سحر سعد اخصائية اجتماعية بمدرسة ناصر الثانوية بنات ان السلوك العدواني لدي الطالبات أقل بكثير منه لدي الطلاب وذلك لطبيعته الهادئة للبنت فضلاً عن تركيز الطالبات في الدراسة بشكل أكبر من الذكور.
قالت ان هناك أساليب عدة للحد من ظاهرة انتشار العنف بين الطالبات داخل المدرسة يأتي علي رأسها تفعيل الأنشطة المدرسية وتنظيم الندوات والمحاضرات التثقيفية للطالبات واعطائهن الفرصة للتعبير عن آرائهن بحرية تامة مع المختصين في مختلف المجالات حتي ينشأن علي ثقافة الحوار مع الآخر وقبوله.
أوضحت انه في حالة صدور عنف من احدي الطالبات فإنه تم الحديث معها لبحث مشكلتها وما إذا كان هناك دور للمنزل في حالتها أم لا حتي نستطيع مساندتها علي الوجه الأمثل ولا نقوم باتباع سياسة العقاب العمياء أو استدعاء ولي الأمر حتي لا تكبر الفجوة وتزداد انعكاساتها السلبية.
رد فعل
تري حنان محمد شاكر اخصائية نفسية في احدي المدارس ان معظم السلوك العنيف الذي يصدر من الطلاب داخل المداسة هو في الأساس رد فعل لما يتبعه معهم أولياء أمورهم في المنزل لذا فإننا نحاول التقريب في وجهة النظر بين الطالب وولي أمره حتي يتفهم ظروف المرحلة السنية التي يمر بها ابنه لكننا غالباً ما نصطدم بنوعيات ترفض التفاهم في أي من هذه الأمور مطلقاً مما يفاقم من الأزمة وبالتالي فإن الأسرة شريك رئيسي وفعال يسهم في تعليم الأبناء ثقافة الحب والود من عدمه.
ثقافة العنف
طالبت عبلة الشقري اخصائية اجتماعية مؤسسات التربية والتعليم بضرورة رفض ثقافة العنف ضد الأطفال من خلال الدورات التدريبية والمحاضرات واللقاءات التنويرية مشيرة إلي العنف في المدارس من الأسباب التي تجعل التلاميذ يتصفون بهذه السلوكيات خارج المدرسة أو المؤسسة التعليمية.
اضافت ضرورة تدريب المعلمين لاكتشاف العنف والتعامل معه والتواصل مع أولياء الأمور وتوعيتهم وعدم استعمال اي أساليب عنيفة تؤثر علي نفسية الأطفال مطالبة بضرورة المتابعة المستمرة لغياب الطالب وتوثيق العلاقة بين البيت والمدرسة والبحث عن الوسائل للتعامل مع الطالب والتعرف علي مشكلاته مشيرة إلي أهمية قيام الأسرة بتلبية متطلبات الطالب.
التحصيل الدراسي
أوضحت مني عبدالرحمن اخصائية نفسية ان العنف يؤثر علي مستوي التحصيل الدراسي للتلاميذ وقد يدفعه إلي الهروب من المدرس فضلاً عن كراهية المدرسة والمعلمين ووجود جو من الكراهية بين الطالب والمدرس مطالبة بضرورة نشر ثقافة التسامح ونبذ العنف وتخصص حصص لتعليم الحب والقيم السلوكية الحميدة وتنمية الجانب القيمي لدي التلاميذ مع اجراء بحوث اجتماعية لمعرفة الضغوط التي اتاحت مساحة من الوقت لجعل الطالب يمارس العديد من الانشطة الرياضية والهوايات المختلفة.
اضافت ان هناك الكثير من الظواهر السلبية المنتشرة في مدارسنا والتي تؤثر علي انفعالات التلميذ وتترك عنده آثاراً سلبية مثل عدم السماح للطالب بالتعبير عن مشاعره وآرائه فضلاً عن الأساليب المهنية في العقارب وإهانة الطالب أمام زملائه مع وجود فجوة كبيرة بين المعلم والطالب وعدم ملاءمة المناهج لاحتياجات الطلاب.
قالت ان المناهج الدراسية لها تأثير كبير في زيادة العنف لدي الطالب العنف وخاصة في مادة التاريخ التي تتضمن الحروب والمواقف العنيفة التي تعمل علي زيادة العدوانية لدي الطالب.
الإيذاء
قال علي السيد اخصائي نفسي ان استخدام الايذاء الجسدي ضد الطالب يسبب له النفور من المدرسة فضلاً عن عدم وجود الأنشطة الجاذبة للتلاميذ إلي المدرسة وعدم وجو حوافز تشجيعية للطلاب أو توفير الخدمات الارشادية الجيدة في المدرسة.
اضاف ان الأسرة يقع عليها عبء كبير لا يقل بالمرة عن دور المدرسة لذلك فإن التنشئة غير السليمة من الأسرة للأبناء مثل عدم متابعة الطالب وعدم تشجيعه علي الاعتماد علي نفسه فضلاً عن رفقاء السوء والتدليل الزائد مما يفرز آثاراً سلبية سيئة تكبر مع التلميذ منذ الصغر.
اتجاه نفسي
أشار علي السيد اخصائي إلي ضرورة مساعدة الطالب علي تكوين اتجاه نفسي ايجابي نحو المدرسة مع ضرورة تعاون المعلم مع تلاميذه ومعاملتهم بالحب مما يجعلهم مقبلين علي المدرسة مع تنمية روح التعاون بين التلاميذ وجميع العاملين بالمدرسة في جو من الألفة والمحبة مع الابتعاد عن استخدام أسلوب العقاب البدني مع الطلاب القيام ببعض الانشطة المدرسية كالرحلات والعمل علي بث روح التعاون بين الطلاب.
______________________
الجمهورية :: 15 إبريل 2012
رد مع اقتباس
مواقع النشر (المفضلة)