النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: الامن ....الفكرى

  1. #1

    الامن ....الفكرى

    هناك خيط رفيع يفصل بين الأمن الفكري والحجر الفكري .

    كيف يمكن تحقيق الأمن الفكري دون الحجر على حق الناس في التفكير ، ومناقشة الأفكار والرؤى والعقائد وتمحيصها ؟

    كيف يمكن تحقيق التفاعل الفكري والاستفادة مما عند الآخرين ، دون الوقوع في مأزق التبعية ، والاستلاب الحضاري ؟ كيف يمكن المحافظة على الخصوصية الثقافية والفكرية ، دون الوقوع في فخ التقوقع والانعزالية ؟

    إبتداء ، لابد من الإقرار أن الهوية الفكرية ، والخصوصية الثقافية ، مسألة حتمية ، ومسلمة لا يمكن مناقشتها ، أو إعادة النظر فيها ، بغض النظر عن الكلام الطويل ، والجدل الدائر حول العولمة ، ومفهوم القرية الكونية . إن الكلام عن موت الأيدولوجيا ، ونهاية التاريخ ، قضية لا تصمد أمام النقد الموضوعي . سيظل العالم (مؤدلجا) ، وستبقي الثقافات والحضارات ، بأبعادها التاريخية ، وأفعالها المكتسبة ، هي المحرك الرئيس لسياسات الأمم والشعوب .

    إن الدين كمنظومة فكرية ، يبقى مغروسا في عمق الذاكرة الجمعية للأمم والشعوب، مهما ضعف إرتباط الناس به من حيث السلوك والممارسة . إننا يمكن أن نقول ، بل ونتكلم عن (أوروبا المسيحية) ، و (الشرق الكونفوشي) ، دون أدنى حرج . إن (علمانية) أوروبا لم تلغي وجهها ولا هويتها المسيحية . كما أن (ماركسية ماو) ، لم تحل محل العقائد الكونفوشوسية في الصين . إن ماكس فيبر ،عالم الاجتماع المشهور مثلا ، يعزو تقدم أوروبا للقيم المسيحية ، كما أن كثيرا من الباحثين يعزو التقدم الحاصل في دول شرق، وجنوب شرق آسيا ، إلى تعاليم بوذا وكونفشيوس .

    إن الاستلاب الحضاري لا يولد تبعية فقط . إنه يبذر جرثومة الصراع الاجتماعي العنيف ، الذي يقسم المجتمع إلى تيارات متناحره ، تقود في النهاية إلى تقاتل ، وتشرذم ، وتمزيق ، للكيانات السياسية والبنى الاجتماعية .

    يجزم شيلر ، أحد أبرز الباحثين في قضايا التنمية والثقافة ، بأن سبب تخلف معظم البلدان، التي تقع في تصنيف (العالم الثالث) ، جاء بسبب إصطدام خططها ومشاريعها التنموية ، مع مسار منظومتها الفكرية ، ونظامها القيمي . يقول شيلر : لا يمكن أن أعلم الناس سلوكا ، مهما كان (حضاريا ومتقدما) في الغرب ، لأناس ، يعتقدون أن ثقافتهم تعتبره لا أخلاقي ، أو إذا كانوا يعتقدون أنه سيهدد بعض عناصر ثقافتهـم . يضرب شيلر مثالا بالسياحة فيقول : إن السياحة شئ جيد وذات مردود اقتصادي ، لكن السياحة بالمفهوم الغربي ،هي (بيع) ، وإبتذال للخصوصية الثقافية ، من أجل إمتاع الانسان الأبيض . وضرب مثلا بإحدى دول الشمال الأفريقي ، التي تم تحويل الثقافة المحلية فيها إلى كرنفالات للرقص ، لإدخال البهجة على السائح الغربي .

    لقد كانت دراسات دانيال ليرنر ، عن التنمية والاتصال ، مثالا صارخا على فشل السياسات التنموية ، بكل أبعادها الثقافية ، والاجتماعية ، والاقتصاديـة ، في كثير من دول العالم الثالث . إن نتائج تلك السياسات كانت كارثية على النظم الاجتماعية والاخلاقية لتلك الدول ، لأنها خلقت توترات داخل فئات المجتمع ، فارتفعت نسبة الجريمة وأزداد الانشقاق الاجتماعي ، بسبب الاغتراب الثقافي ، وتكرست الطبقية ، ونشأ ت تيارات العنف السياسي والديني .

    على ضوء ما سبق ، هل يمكن أن نعرف الأمن الفكري بأنه الانسجام بين ما نؤمن به ، وما نتطلع إليه ؟ قبل الاجابة بنعم على هذا التساؤل ، لابد من الاتفاق على مصطلحات معينة مثل :

    · الغزو الفكري .. هل هناك شئ إسمه الغزو الفكري ، وما هي طبيعته ؟

    · هل التقنية محايده ؟ هل التقنية آله ، أم مفاهيم ، وطريقة تفكير ؟ وما علاقة ذلك كله بالخصوصية الثقافية ، والشخصية الحضارية ... والأمن الفكري ؟

    · ما هي التنمية ، وما هي عناصرها ؟ هل المدنيه ، والنتاج المادي للبشرية ، مثل وسائـل الاتصال والمواصلات الحديثة ، والمخترعات العصرية ، هى التنمية ، وهل تحقـق وحدهـا تقدما للإنسان .. أو تحقق تنمية بالمفهوم السائد .. ؟

    · ما هو الفرق بين التحديث والعصرنه وبين التغريب ؟ هل يمكن تحديث المجتمع دون تغريبه ؟ هل يحقق التحديث تنمية متوازنه ؟ ... بل ما هي التنمية المتوازنه ؟ .

    · أين يقع الانسان في التنمية المتوازنه ، وكيف يمكن تحقيق مقولة : "تنمية الانسان أولا" ، دون الوقوع في مأزق التبعية ، واختراق ثقافة الآخر للخصوصية الثقافية ..؟

    هذه التساؤلات ، وكثير غيرها ، تصب في مفهوم الأمن الفكري ، مثلما هي تمثل سؤال التنمية العريض . إن الأفكار المتطرفة لا شكل ، ولا وجهة محدده لها . فالتطرف يمكن أن يكون يمينا أو يسارا . يمكن أن يحمله فرد أو أفراد ، ويمكن أن يصدر من مؤسسات . يمكن أن يكون ممارسة سلطة ، أو سلوك جماهير . يمكن أن يكون على شكل كتاب ، أو مقال ، أو خطبه ، ويمكن أن يقدم في شكل سياسات وقوانين .

    الأمن الفكري يتحقق حينما يكون هناك صلح بين ما تؤمن به الجماعة ، وما تطالـب بتأديته . الأمن الفكري يتحقق حينما لا تكون شرعية وجود (أي مجموعة) ، من خلال المنظومة الفكرية والقيميه ، التي تؤمن بها ، مهدده بممارسات مفروضة لا تستطيـع مدافعتها .

    الأمن الفكري يتحقق حينما تنسجم السياسات التنموية مع الثوابت ، وحينما لا تكون تلك السياسات التنموية ، بحكم كونها طريقة تفكير ، وأسلوب حياة ، مهددا للشرعية التي يستمد منها الكيان ، سواء كان اجتماعيا أو سياسيا ، مبرر وجوده .

    لذا ، لا يمكن الحديث عن أمة ، أو شعب ، أو نظام سياسي لا يعتمد في شرعيته على (أيدولوجية) ، هي خلاصة النتاج الثقافي للأمة والشعب ، عبر فترات تاريخية متفاوتة، وهي في الوقت نفسه منظومته الفكرية والقيمية ، وموضوع أمنه الفكري .

    إن الأمن الفكري مسألة تهم المجتمع مثلما تهم الدولة ، وهي قضية المحكوم كما أنها قضية الحاكم . الأمن الفكري هو إحساس المجتمع أن منظومته الفكرية ونظامه الأخلاقي ، الذي يرتب العلاقات بين أفراده داخل المجتمع ، ليس في موضع تهديد من فكر وافد ، بإحلال لا قبل له برده ، سواء من خلال غزو فكري منظم ، أو سياسات مفروضه .

    الحجر الفكري أن تكون غير قادر على مساءلة الآخر ، وتفهم ما لديه ... وأن لا تملك الحق في مناقشة السياسات المفروضة ، سواءا ارتدت عباءة التنمية ، أو تترست بالخصوصية الثقافية.
    منقول للمعرفه
    دمتم و دام عطاءكم
    البحار الهادئه لا تصنع ملاحا ماهرا
    عزت عدلى أسناسيوس

  2. #2
    عضو مميز
    تاريخ التسجيل
    Jan 2011
    الدولة
    عالم افتراضي
    المشاركات
    162
    هناك خيط رفيع يفصل بين الأمن الفكري والحجر الفكري .
    نعم
    هذا الخيط هو الضبط
    الضبط الهاديء الواعي الموضوعي
    أنا أؤمنك فكريا
    فكر كما تريد
    انتج افكارك وتداولها
    ولكن
    لا تهدد الأمن الفكري للآخرين أيضا
    لا تحول أفكارك الي قنابل عنقودية موقوتة
    وأنا لن أضبط أفكارك...بفعل
    انما سأضبطها أيضا بالأفكار
    فلا يفل الفكر الا الفكر
    الشطارة بقي أن تصمد
    وتظل تواجه
    ولا تعتبر أني أحجر عليك فكريا
    اذا ما صادفني النصر في احدي الجولات
    فلنكن محايدين قدر الامكان
    فلنكن موضوعيين قدر الامكان
    فلنكن صافيين قدر الامكان
    عندها سيحس كل منا بالأمان
    علا عبد الفتاح عبد الحميد
    طالبة علم
    أَنا ظِـلُّ حرفِـــكَ، جَنْيُ زَرعِــــكَ، فِي دَمِي ،منْ ذَوْبِ حِسِّــــكَ،
    ما يَفُوحُ وُرُودَا !

    للعلا أبناء مصرَ للعلا...وبمصرَ نملك المستقبلا

    وا فدًا لمصرِنا الدنيا فلا....نضعُ الأوطان إلا أولاً

  3. #3
    عضو فعال
    تاريخ التسجيل
    Jan 2011
    الدولة
    القاهرة
    المشاركات
    355
    رزقك الله الخير في الدنيا والاخرة ..اللهم آمين

    وجزاك الله خيراً


    الخدمة الجيدة ..تحتاج الى التسويق الاجود

    مع خالص تقديرى لشخصكم الكريم
    ابوبكر احمد العملة
    عضو فريق مجتمع المعرفة المصرى
    ليس للعلم وطن ...
    ولا للحكمة دار ...
    بل العاقل من له على كل ارض مدرسة ...
    وعلى كل طريق استاذ...



  4. #4
    عضو ذهبي الصورة الرمزية مرفت محمد فايد
    تاريخ التسجيل
    Jan 2011
    المشاركات
    800

    Thumbs up

    إن الأمن الفكري مسألة تهم المجتمع مثلما تهم الدولة ، وهي قضية المحكوم كما أنها قضية الحاكم . الأمن الفكري هو إحساس المجتمع أن منظومته الفكرية ونظامه الأخلاقي ، الذي يرتب العلاقات بين أفراده داخل المجتمع ، ليس في موضع تهديد من فكر وافد ، بإحلال لا قبل له برده ، سواء من خلال غزو فكري منظم ، أو سياسات مفروضه .

    استاذ عزت عدلي

    بصراحة مع كثرة مطالعتي لكتب إلا أن هذا الموضوع لم أكن أعرفه و استفدت منه كثيراً و قرأته أكثر من مرة

    و أتمني أن يكون الأمن الفكري في بلدنا الحبيب مصر درجته عالية

    و نحس أن منظومتنا نابعه منا و غير مفروضة علينا

    و نتمتع بالحرية الفكرية و الأمن الفكري

    شكراً لكم ، دامت مصر حرة و دمتم بكل خير
    لازلت أحلم بالورود و بالندي
    و بأنني المبعوث من قبل الصباح
    لأعلم الأطفال أحلاماً ندية
    و أعلم الفقراء نور الإبتسام
    أم الجودة
    مرفت محمد فايد

المواضيع المتشابهه

  1. المدرسة الافتراضية : الامن والسلامة
    بواسطة نادر الليمونى في المنتدى المدرسة الافتراضية
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 20-03-2012, 05:19 PM
  2. اعمال فريق الامن والسلامة بالمؤسسات التعليمية
    بواسطة عاطف كامل يوسف في المنتدى المدارس
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 09-03-2012, 02:26 PM

مواقع النشر (المفضلة)

مواقع النشر (المفضلة)

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
مُنتديَات الجَودة العَرَبيّة
أكاديمية الجودة تعود إليكم في شكل جديد وإسم جديد
منتديات الجودة العربية - www.arquality.com - ملتقى خبراء الجودة في الوطن العربي
إنضم إلينا