خارج السجن!

لم تشعر بالمعني الحقيقي للحرية ولكلمة " افراج" التي سمعتها من زمن قصير، الا عندما التقت عينيها بعينيه ساعة أن فتح الحارس البوابة،
أحست بالتوازن وهي تضع كفها الصغير في كفه الممدودة لها في حنان، أحست بالأمان حين قبض علي يدها ، فضمهما جميعا، الكف والانسان
همت أن ترتكز عليها وهي تمد قدمها لتجتاز العقبة،
ولكن
قبل أن تطرق الي الأرض تلتمس الخطوة،
وجدت نفسها بين ذراعيه
حملها وراح يجري بعيدا
بعيدا عن محيط الأسر
لم يعبأ لنظرات الناس
لم يعبأ لاضطرابها من وقع المفاجأة
لم ينبس ببنت شفة
هي تفهم فيما يفكر
هو يعرف ماذا تريد
هو يعرف أن هذا ما تريد!

علي شاطيء البحر انزلها برفق
تلونت السماء بحمرة الشفق
لحظات ويدركنا الغروب،، اطرقت حزينة
رفع وجهها اليه
تلاقت عميقتاه وحزينتاها
بمنتهي الوضوح وصلت الرسالة
مازال في العمر بقية..مازال في الحياة حياة
اخترقت نظرته "المصممة" الصميم،
مزقت رداء الخوف الذي غلف قلبها سنين
وكساه ثوب الأمل
ثوب الفرح

ابتسمت..مدت ذراعيها فتحت صدرها للنسيم،
نسيم الحرية
أخذت نفسا عميقا
وثاني وثالث
أسكرتها النشوي فطفقت تدور
يا الله
هواء
سماء
بحر
وحبيب
حياة..حياة
حرية
ضحكاتها تعالت مع تعالي السعادة
شدته الي البحر
مغتسل بارد
تراشقا بالماء
تبادلا الدفعات تضاحكا كثيرا
لحظات جميلة تغسل هموم العمر

وعندما انهكهما التعب
توسدت صدره
ونامت علي الشاطيء
نامت
نامت في هدوء وبعمق
نامت تحلم بالحياة الجديدة
نامت تحلم بالسعادة..

لم تحس الا بيد تهز كتفها بشدة
اصحي يا بنتي
اصحي...اصحي ...لا اله الا الله

فتحت عنينيها ، فلم تندهش،،

انها رئيسة العنبر توقظها كما تفعل كل يوم
وتقول لها ما تقوله كل يوم..
أنت أغرب انسانة قابلتها في حياتي!
لا أدري من أين يأتيك النوم بهذا العمق في السجن؟

فقط التقطت ابتسامة من عقب حلمها الجميل
تستعين بها علي الواقع
قلبت عينيها بين الجدران الجاثمة علي من فيها

وتنهدت وهي تجاوبها في سريرتها كما تفعل كل يوم:
ومن قال لك أني أنام في السجن؟
أنا أنام خارج السجن!