تلزم المادة 18 من الدستور الدولة بالرعاية الصحية لكل مواطن وفقا لمعايير الجودة وتخضع جميع المنشآت الصحية لرقابة الدولة كما تخصص 3% من الموازنة فما هى تلك المعايير وهل تكفى هذه النسبة للارتقاء بصحة المصريين ؟
د. هانى الناظر رئيس المركز القومى للبحوث الأسبق وأستاذ الأمراض الجلدية أكد أن معايير الجودة تشمل كل من الأدوات والأجهزة المستخدمة فى التشخيص والكشف والعلاج بدءا من استقبال المريض وعمل التحاليل والأشعة وانتهاء بوصف الدواء ، وهذه المواصفات عالمية، والدستور يلزم وزارة الصحة أن توفر تلك المعايير لينال المواطن الخدمة الصحية المرجوة ،والوزارة تراقب المستشفيات والعيادات الخارجية والوحدات الصحية لتقف على مدى تطبيقها لتلك المعايير .



د. هاني الناظر


أما فيما يخص رقابة الوزارة على المنشآت الصحية فكان من الأفضل أن يكون هناك هيئة محايدة عليا لمراقبة الجودة مثل هيئة الجودة فى التعليم ونأمل أن تتقدم الحكومة الجديدة بقانون لإنشاء هيئة جودة للخدمات الصحية ويصدر بها قرار جمهورى للارتقاء بصحة المصريين وتقديم أفضل خدمة.


ويوضح أن المادة 18 من الدستور تلزم الحكومة بزيادة الميزانية المخصصة للصحة ، وعلى الوزارة أن تحسن توظيف هذه الميزانية ، فمنظومة الصحة عبارة عن مريض ومستشفى وأجهزة للتشخيص والعلاج ودواء وأعضاء مسئولين عن الخدمة من أطباء ومعاونين لهم من هيئة التمريض والاداريين ، لذا يجب أن تشمل الميزانية تلك المنظومة بكل أركانها ، فعلينا الارتقاء بمستوى الطبيب والهيئة المعاونة له علميا وفنيا وإداريا من خلال الدورات التدريبية وإشراكهم فى المؤتمرات ، كما يجب إعادة تأهيل المستشفيات وتزويدها بالمستلزمات والأجهزة الحديثة ، وصيانتها خاصة وهناك العديد من المبانى المتهالكة . كما أكد د.هانى الناظر فيما يخص مشكلة توفير الدواء ، أن مصر تمتلك كل المقومات التى تجعلها قادرة على تصنيع الدواء وتصديره ، من مراكز بحوث وجامعات وثروة من الأعشاب والنباتات الطبية غير متوافرة فى أى مكان فى العالم ، وكذلك للشعاب المرجانية فى البحر الأحمر الغنية بالمواد الأساسية فى تصنيع الأدوية ، بالإضافة إلى أننا نمتلك موقع جغرافى متميز يسهل عملية التصدير لمختلف دول العالم.


ودعا وزير الصحة الجديد إلى وضع استراتيجية لمدة 10 سنوات تقريبا ، يتدرج خلالها رفع ميزانية الإنفاق ، وصولا الي النسب العالمية . كما أشار إلى ضرورة البحث عن مصادر جديدة للتمويل دون الاعتماد على الميزانية المخصصة من الحكومة من خلال التوسع فى مشروعات العلاج السياحية وإنشاء مستشفيات ذات طبيعة خاصة.


من أبرز المشكلات التي تواجهه تطوير القطاع الطبي كما يوضح د. جمال عصمت أستاذ الكبد والجهاز الهضمى بطب القاهرة عضو اللجنة القومية لمكافحة الفيروسات الكبدية، نقص التدريب المناسب والمتطور بين الأطباء ، فنحن حتى الآن لا نعمل بالقواعد العالمية المتعارف عليها والتى تشترط تجديد رخصة الطبيب كل فترة زمنية محددة ، وهذا التجديد يكون مرتبط بحضور الطبيب دورات ومؤتمرات علمية ، فمن غير المعقول أن يزاول طبيب المهنة لمدة 20 عاما بنفس الفكر بينما يتم التطوير العمل الطبى بشكل سريع .


ضاربا مثالا ببجهود مكافحة انتشار العدوى والإصابة بالفيروسات الكبدية والتي تحتاج إلى التنسيق بين وزارة الصحة ووزارة التعليم العالى التى تتبعها المستشفيات الجامعية ، وذلك لمنع انتشار العدوى داخل مؤسساتنا ومراكزنا الصحية ، لانه للأسف 75% من العدوى بفيروس سى تحدث داخل المنشآت الصحية ، ونأمل فى ظل التوجه الحالى الذى تشهده البلاد ومع وجود دستور جديد أن يتم تطبيق قواعد مكافحة انتشار العدوى داخل تلك المنشآت الصحية .


كما أكد ضرورة وجود بعض التشريعات القانونية العاجلة ، وأوجزها فى ثلاث تشريعات رئيسية ، الأول تشريع لتجريم الشخص المسئول عن نقل العدوى كائنا من كان سواء الطبيب أو أحد أفراد الطقم الطبى أو غيرهم .


التشريع الثانى ، يهدف لغلق الباب أمام أى علاجات أو طرق لتشخيص الفيروسات الكبدية تكون غير معتمدة من وزارة الصحة ، وتجريم من يعلن عن هذه العلاجات وتعريضه للمساءلة القانونية دون الدخول فى مهاترات عن تجربة العلاج الجديد ونتائجه .


أما التشريع الثالث المأمول ، بمعاقبة التمييز ضد المرضى ، حيث يتم منع مرضى الفيروسات الكبدية من السفر للعمل فى البلدان العربية بل وداخل بعض البنوك والشركات الوطنية وذلك لمجرد وجود أجسام مضادة عندهم وليس وجود الفيروس نفسه ، الأمر الذى يتسبب فى مشاكل نفسية واجتماعية ومالية للمرضى .


ودعا د. جمال عصمت إلى ضرورة تفعيل دور المجلس الأعلى للصحة الذى تم إنشاؤه منذ زمن بعيد ولم يجتمع سوى مرتين خلال العشرين عاما الماضية بحسب تصريحات د.حمدى السيد نقيب الأطباء الأسبق . موضحا أن وزارة الصحة لاتسيطر سوى على 50% من العلاج الصحى داخل جمهورية مصر العربية ، أما الـ 50% الأخرى فتتفرق بين المستشفيات الجامعية ومستشفيات الجيش والشرطة ، ومن هنا تأتى أهمية عودة دور المجلس الأعلى للصحة لمعالجة هذا الانفصال ولربط الخدمات الطبية داخل مصر .