العصا
بقلم/ نوال حامد
بعد أن رفعت راية العصيان ضد سجانيها وقواديها , واستقرت فى الصحراء الجافة حيث أشجار التين والنخيل وبقايا حشائش مصفرة, وأرض مقفرة هم جدران لبيتها الجديد . مايصبرها على التواجد فى هذا المكان هو أنها تنتمي لهذه العائلة , فهى عصا قوية وعفية , يعود أصلها إلى جريد النخيل بعد أن هذبوه وقلموه ليستخدم فى أغراض عدة .
ترجع درجتها الوظيفية لآلاف السنين . فقد ذُكرت فى القرآن الكريم, وتنقلت كثيرا بين الدرجات الوظيفية المتعددة فتارة نراها ونسعد بأدائها البهلواني المتميز فى التسلية والامتاع حيث كان الشباب قديما يستخدمونها فى أعمال التحطيب والترقيص فى الساحات الشعبية , ومرة نراها فى مجال الإسكان والتعمير _فلطالما عششت أسقف دور الفلاحين فى القرى, وحمتهم من البرد_ ,واستمرت فى التنقل بين الوظائف المتعدده وهى سعيدة بكل الترقيات التى تحصل عليها مادامت تحقق الغرض الذى خلقت من أجله .
على كل هى الآن سعيدة بتحديد اقامتها الاختيارية, وأعتقد أنه قد حان وقت الخروج من المنفى حيث حملت لها الرياح بشرى سارة وهى ان العريس المرتقب الذى تنتظره من عشرات السنين قد اقترب --ها هى تسمع صوته مدويا ينادى عليها بكل اللغات ، والنغمات. لقد جاء يطلب يدى ( يا مرحى به ) (هكذا تقول ). شكرت الرياح على هذه البشرى الجميلة ,واستعدت لاستقبال زائرها بالرقص والتهليل, أخذت تتمايل يمينا ويساراَ تداعب الطبيعة, وتبادلها الطبيعة تلك المداعبة , الطيور تغرد أغاريد الشكر للحياة ولقدوم هذا الزائر, والأشجار تلونت أغصانها بلون الورد, حتى أنها تعجبت من هذا وقالت فى نفسها :يا إلهى كيف الربيع أتى فىالخريف أهلا بالحبيب أنا فى انتظارك منذ سنين ,هيا اقترب فقد اشتقتُ للعمل فى مثل هذه الأوضاع هيا اقترب يافارس أحلامي. نظرت للرياح وقالت :
فلتساعدنى الرياح- بعد إذنها - وتدفعه إلىّ , وعندما وصل إليها رمت نفسها تحت رجليه , وقالت له : هيا احملنى , انتظرتك طويلا ,هيا --- هيا ----وكررت أكثر من مرة .
وعندما نظر إليها عن قرب, ودقق النظر جيدا, وشاهد حركاتها،ثم نظر إلى يديه, فوجدهما ترتعشان, همّ ان يتحرك فتسمرت قدماه . أخذ يلتفت فى كل اتجاه, فوجد أنه لم يبصرها ,وكأن الأرض قد انشقت وبلعتها . كل هذا ومازال البوق الذى يضعه على فمه يرسل صوته مدوياَ فى كل الاتجاهات بنغمات متعددة ومتنوعة .
تمـــــــــــــــــــــــ ــــــت