الجودة والقبول في اتخاذ القرارات :
أما الجودة فتختص بالعنصر الفني : الموضوع الذي يتخذ بشأنه القرار ، الإجراءات عنصر التكاليف ، السلامة الجوانب القانونية ...
وأما القبول فيتعلق بالعنصر الإنساني : مدي قبول المرؤوسين للقرار ورضاهم عنه واستعدادهم لتنفيذه وتحقيق الهدف منه .
ويوجد متغيرين هامين في عملية تحليل المشكلات هما : الاتجاه الإنساني والخلفية الثقافية .
الاتجاه الإنساني يؤثر بدرجة كبيرة على عملية حل المشكلات من حيث المدخل للتعامل مع تلك المشكلات . على سبيل المثال يوجد المدخل التقليدي الذي يركز على تقليل عنصر المخاطرة مما يؤثر سلبا على الابتكار ، وعلى النقيض يوجد المدخل الابتكاري الذي يركز على عنصر الابتكار على حساب المخاطرة .
وتعتبر الخلفية الثقافية لمتخذي القرار من العوامل المحددة في تحليل المشكلات حيث تتباين القيم التي تفرزها الثقافة بين المجتمعات المختلفة .
المدخل الابتكاري في تحليل وحل المشكلات :
يتلخص مفهوم المدخل الابتكاري في الخروج من القوالب الجامدة في التفكير ، والتركيز على إفراز أكبر عدد من الأفكار مما يزيد من احتمال وجود حلول فعالة . والمدخل الابتكاري في تحليل وحل المشكلات يتكون من ثمانية خطوات متكاملة بحيث تؤدي في النهاية إلى تحليل المشكلة وحلها وبناء القرارات على أساس سليم .
2 1 إدراك المشكلة ظهور أعراض مرضية في مجال العمل يلفت نظر متخذي القرار ومحللي النظم على وجود خلل في مكان ما يستوجب التحليل وسرعة التلبية . أي أن الإدارة تبدأ آلية تحليل وحل المشكلات بناء على ظهور مظاهر خلل في النظام الإداري يستوجب الانتباه حيث أن تعريف المشكلة هو وجود انحراف عما هو مخطط . ومثلما تدرك الأم بوجود مشكلة لطفلها عند ظهور أعراض مرضية له مثل ارتفاع درجة الحرارة ، تدرك الإدارة أن بوادر مشكلة معينة ستلوح في الأفق فتبدأ بتحليلها والتعامل معها . وأهمية الخطوة الأولى تكمن في أن عدم وجود آلية الإدراك المشكلة قد يؤدي إلى تداعيات خطيرة تتمثل في عدم قدرة الإدارة على التعامل مع المشكلات المحيطة لأنها لم تستعد لها جيدا . وأبلغ مثال على أهمية تلك الخطوة في المجال العسكري هو وجود جهاز الرادار الذي يكتشف أي أهداف معادية ، وعدم وجوده يؤدي إلى عدم التمكن من التعامل مع الخطر الداهم .
2 2 تعريف المشكلة علاج والتعامل مع الأعراض لا يؤدي إلى الشفاء التام ، لذا يجب أولا التعرف على هوية المشكلة ، أي سبب الأعراض . والأسلوب العلمي لذلك هو تشخيص المشكلة بتصنيفها أولا إلى التقسيمات السابق ذكرها للمشكلات (نظم ، اقتصادية ، وإنسانية ) . ومن هذا المنطلق يمكن تحديدها تحديدا دقيقا . على سبيل المثال فمشكلة سرعة دوران العمالة في منشأة ما يمكن إرجاعها إلى أنها 90% مشكلة اقتصادية بسبب ضعف المرتبات ، و10% إلى أنها مشكلة نظم من حيث سوء ظروف العمل .
2 3 جمع المعلومات والبيانات المرتبطة بالمشكلة في هذه المرحلة يتم جمع جميع البيانات والمعلومات التي قد تساهم في تفهم جوانب المشكلة وإبعادها وفي نفس الوقت تساهم في حلها ولا تقتصر عملية جمع البيانات والمعلومات على مرحلة من المراحل بل تتم في جميع مراحل تحليل وحل المشكلات . والأسئلة التالية تساعد في تحديد الجوانب الهامة من المعلومات والبيانات المرتبطة بالمشكلة : ما هي العناصر الأساسية التي تتكون منها المشكلة ؟ أين تحدث المشكلة ؟ لماذا تحدث المشكلة في هذا الموقع ؟ متى تحدث المشكلة ؟ كيف تحدث المشكلة ؟ لماذا تحدث المشكلة بهذه الكيفية وهذا التوقيت ؟ لمن تحدث هذه المشكلة ؟ لماذا تحدث المشكلة لهذا الشخص بالذات ؟
2 4 تحليل المعلومات يتم في هذه المرحلة تكامل المعلومات التي جمعها في الخطوة السابقة وذلك لوضعها في إطار متكامل يوضح الموقف بصورة شاملة . ويشمل ذلك اختبار كل عامل من العوامل على حدة وكذلك علاقته بالمتغيرات الأخرى في المشكلة ، ويشمل كذلك العلاقات والتفاعلات بين العمليات . ويلي ذلك مقارنة المشكلة بالمواقف الأخرى ، وأخيرا تصنيف وتسجيل توالي أحداث المشكلة. وتحليل المشكلة يتطلب الإجابة على الأسئلة التالية : ما هي العناصر التي يمكن التحكم فيها في المشكلة والتي لا يمكن التحكم فيها ؟ من يمكنه المساعدة في حل تلك المشكلة ؟ ما هي آراء واقتراحات الزملاء والمرؤوسين لحل تلك المشكلة ؟ ما هي آراء واقتراحات الرؤساء لحل تلك المشكلة ؟ ما مدى تأثير وتداعيات تلك المشكلة ؟
2 5 تحديد بدائل حل المشكلات تعرف هذه المرحلة بأنها المخزون الابتكاري لعملية حل المشكلات ، حيث أنها تختص بإفراز أكبر عدد للأفكار مما يؤدي إلى تعظيم احتمالات الوصول إلى الحل الأمثل . وسيتم التعرض بالتفصيل إلى أسلوبين من أساليب تعظيم الابتكار في الجزء الثالث وهما أسلوب " تعصيف الذهن" Brainstorming وكذلك "الجماعات الاسمية" Nominal Group Technique
2-6 اختيار البديل الأمثل في هذه المرحلة يتم مقارنة البدائل من حيث مزايا وعيوب كل بديل على حدة وذلك في ضوء الوزن النسبي لكل من المزايا والعيوب وفيما يلي قائمة بمواصفات البديل الأمثل : ينتج من تطبيقه مستوى أعلى من الإنتاجية . يساعد على تخفيض تكاليف التشغيل . تسانده الإدارة العليا . شارك فريق العمل في إعداده . يوفر في الوقت . يحقق الهدف من تطبيقه . بسيط في التطبيق وسهل في الفهم .
2 7 تطبيق البديل الطريق الوحيد لمعرفة درجة فعالية البديل والمحك الوحيد له هو وضعه موضع التنفيذ الفعلي . ويشمل التطبيق كل التعديلات الضرورية في الوظائف الإدارية من إعادة التخطيط والتنظيم وكذلك كل الإجراءات والمتغيرات التنفيذية . وللتطبيق الفعال يجب وجود خطة تنفيذية تفصيلية لتنفيذ دقائق العمل بفاعلية . والخطة التنفيذية يجب أن تشمل ما يلي : تحديد مراحل التنفيذ والخطوات في كل مرحلة بالتوالي . تحديد توقيتات تنفيذ الخطوات والمراحل عن طريق Milestone Chart تحديد من سيقوم بتنفيذ كل خطوة من الخطوات تحديد من سيراقب على التنفيذ .
2 8 تقييم التنفيذ تعتمد مرحلة التنفيذ على المعلومات المرتدة عن التنفيذ في الجوانب التالية ؟ هل أنتج العاملين الكميات المطلوبة في التوقيتات المتوقعة ؟ هل أنتج العاملين بالكيف المطلوب في التوقيتات المتوقعة ؟ هل تم تطبيق مقاييس العمل بأسلوب سليم ؟ هل تم خفض تكاليف تنفيذ المهام ؟ هل تم رفع مستوى الروح المعنوية ؟ وتمتد عملية التقييم لتشمل الجوانب التالية : درجة تحقيق أهداف المنشأة . التقييم الذاتي للأداء التداعيات الغير متوقعة لتنفيذ البدائل . بعد تجميع المجموعتين من العوامل للوصول إلى رؤية شاملة لتقييم البديل . في حالة وجود مراجعة منتظمة . أما في حالة وجود تقييم سلبي ، يتم الرجوع إلى الخطوة الأولى
مقدمات مهمة عن المشكلات الإدارية:
§ لا تتصرف من فورك إلا في الأزمات الخطيرة.
§ السرعة في حلّ المشكلة قد يضيع الوقت والجهد ويساهم في إيجاد مشكلة جديدة.
§ قد يستحيل الحصول على حلول كاملة في واقع غير كامل!
§ إنّ ما يزعج الناس ليس مشاكلهم، وإنّما نظرتهم لها.
§ التعايش مع المشكلة أمر مطلوب أحياناً.
§ قد يحسن تجاهل المشكلة بعد استيفاء دراستها!
§ وازن بين الفعل التكيّفي" لتهدئة الآثار " وبين الفعل التصحيحي " التوصل إلى حل".
§ يفترض تسمية المشكلة باسم معين يُتعارف عليه.
§ يجب أن يعلم رئيسك بالمشكلة عن طريقك
§ تأكد أنّك لست جزءاً من المشكلة أو سبباً رئيساً لها: وهذه تحتاج إلى نقد الذات وإشاعة ثقافة الحوار والنقد البناء بين العاملين.
§ لا تحاول استنتاج شيء ثمّ تسعى لإثباته.
§ لا تقفز مباشرة إلى الحل.
§ لا يكن البحث عن كبش فداء أهم من حل المشكلة.
§ ميّز بين أخطاء الأفراد وأخطاء النظام.
§ اسأل دائماً عن المظاهر والحقائق وليس عن المشاعر والأحاسيس
§ كثير من المشاكل لها خاصية التفاعل والاتجاه نحو التضخم
§ لا يوجد سبب واحد لكل مشكلة؛ بل عدّة أسباب متداخلة
§ فجوة الأداء هي الفرق بين ما ينبغي فعله وبين الواقع الفعلي للعمل!
§ لا يمكن حل المشكلة بمستوى التفكير نفسه عندما أوجدناها!
§ نحتاج في حل المشكلات إلى مهارات التفكير الإبداعي والتحليلي.
§ إذا وقعت في مشكلة ففكر في مفاتيحها.. لا في قضبانها!
§ لابد من فتح طرق الاتصال بكل أشكاله: الصاعد والنازل والبيني: ويُعدّ الفشل في الاتصال وباء الإدارة المعاصرة؛ وينسب 85 % من النجاح في العمل إلى مهارات الاتصال.
§ حل المشكلات ـ في الغالب ـ منطق وليس عاطفة: ومن سمات العاطفة الانفلات والجموح فلا مكان لها في حلّ المشكلات.
§ استشراف المستقبل يمنع حدوث المشكلة أو يقلل من أثرها : وعلم المستقبل من العلوم التي لم تحظ بعناية هامة ؛ ولذا نعاني من" صدمة المستقبل" ومن "توالي الضربات والمِحَن".
§ العمل على تحقيق أهداف دائمة يستلزم عقد لقاءات منظمة لحلّ المشاكل وتوثيق المعلومات المتعلقة بحل المشاكل لمنع تكرار حدوثها.
§ يجب إطلاع المسؤول الجديد على مشاكل العمل وحلولها، ويجب على المدير الاطلاع بشكل دوري على ملف المشكلات. المشكلة فرصة ثمينة!: المعنى المرادف للمشكلة عند الصينيين هو: الفرصة ! فرصة.. لماذا؟
- إيجاد حل جديد وعدة حلول أخرى بديلة لكل مشكلة. - اكتشاف قدرات فكرية وطاقات عملية. - استمرارية البحث عن برامج وآليات جديدة وإبداعية. - تحافظ على وحدة المجموعة وتزيد من ثباتها مما يعزّز روح الفريق الواحد.
وأشار كل من هيوز ويوين Hughes & Ubben إلى أن هناك خمسة معوقات للقرار تحد من فاعليته وهي :ـــ
-1 التنظيم الخاطئ للمشكلات : فبعض المشكلات يمكن إعطاؤها أهمية ودراستها للوصول إلى حل لها ، بينما هناك مشكلات أكثر منها أهمية لم يتم بحثها ، والحل ينحصر في تحليل المشكلة ، هل هي سهلة وبسيطة أم أن لها العديد من العناصر المعقدة ، وإذا نظرنا إلى المشكلات الثانوية التابعة لها فينبغي التعرف على درجة أهميتها ومدى ضرورة حلها ، وهل تتطلب قرارا فوريا أم لا ، ويستطيع المدير والعاملون معه الاستفادة من ذلك في توفير الوقت لجمع المعلومات مع مراعاة عدم تأخير القضايا وإهمالها.
-2 التسرع والخطأ في إصدار القرارات : وينتج ذلك عن اتخاذ قرارات هامة سريعة دون تفكير وروية نتيجة لعدم الاستفسار التام عن المشكلة أو الاستفسار الخاطئ عنها.
-3 التفكير المزدوج : يقع كثير من المديرين في وضع القضايا التي يتخذون قرارا بشأنها في محيط ضيق لا يتعدى جانبها السلبي والايجابي وهذا خطأ في حد ذاته ، فقد تكون القرارات الصائبة خارج حدود هذه الدائرة الضيقة ، فكلما اتسع مدى اختيار الحلول زادت فرصة التوصل إلى أفضل القرارات.
-4 القرار الوحيد الذي لا قرار دونه : وهو قرار فردي تعسفي يتخذه بعض المديرين ، وقد يكون خاطئا ، لأن الكثير من القرارات يتطلب مناقشات مستفيضة، والقرار الصائب يتم فيه جمع الآراء عن طريق تعريف المشكلة وتحديدها وجمع الحقائق حولها للتوصل إلى بدائل وحلول ، وثم اختيار الحل الأمثل واتخاذ القرار وفقا لذلك.
-5 التقصير في عملية الاتصال : ينصب اهتمام المدير على اتخاذ قرارات من شأنها تيسير عمل المعلمين والمتعلمين وإنجازه بكفاءة وفاعليه ، والقرارات إذا كانت مبهمة وغير واضحة للجميع فإنها لا تحقق شيئا من الأهداف الرئيسية للمدرسة
وتعتبر حدود العقلانية في اتخاذ القرار ذات قيمة في حد ذاتها ، ويوضح ذلك سيمونSimon فبالنظر إلى العقلانية وحدودها في موقع الفرد نفسه نجد أن لها ثلاثة حدود ، الأول أن يكون الشخص محدودا بمهاراته غير المقصودة وعاداته وانعكاسات ذاته ، والثاني أن يكون محدودا بقيمة ومفاهيمه الذاتية عن الهدف الذي قد يختلف عن قيم ومفاهيم المؤسسة التي يعمل بها ، والثالث أن يكون محدودا بمدى معرفته ومعلوماته ، بالإضافة إلى ذلك فإن هناك نظاما قيميا لمتخذ القرار ، يجب عدم إهماله ، فهذه القيم تعطي قدرا وقيمة للمشكلة ، وتحدد درجة وطبيعة القرار المتخذ حيالها.