التخطيط لمستقبل جودة التعليم (الحلقة السادسة)
التخطيط لمستقبل جودة التعليم ( الحلقة السادسة )
التخطيط لرسم السياسة التعليمية
كلنا يعلم أن التعليم فى مجتمعنا يفتقر إلى رسم سياسة تعليمية واضحة المعالم ، تستهدف خطى موسعة لعلاج الفجوة الحاصلة بين ما هو مخطط له ، وما هو واقع فعلى .
والأزمة لدينا تكمن فى غموض الخريطة التعليمية لدينا ، فكلما يتغير وزير التربية والتعليم ، أو وزير التعليم العالى نجد أنفسنا أمام قرارات جديدة ، وبيانات جديدة لا نعرف ما إذا كان تأثيرها إيجابى أم سلبى . إذ كيف تتخذ القرارات دون تخطيط محكم ، ولماذا لا تكون هناك سياسة تعليمية واضحة ثابتة نسبياً لا تتغير مع قدوم كل وزير .
هذا ما يحدث فى بنية المنظومة التعليمية، وأعتقد أن ذلك منبعه الحقيقى هو إغفال مسألة رسم السياسة التعليمية ، أو التخطيط لرسم السياسات التعليمية بأهداف واضحة .
فإلى الآن نحتار بسبب تعددية أنواع التعليم لدينا ، ونتحدث فى جودة المنتج التعليمى مع العلم أن التعددية تخلق فجوة من حيث الإمكانات المادية . فمسالة العرض، والطلب، والتسويق للتعليم فى القطاع الخاص، والدولى بدأت تطغى بقوة شديدة ، وأمام ذلك لا يوجد قوى متوازنة من قبل التعليم الحكومى لأن المنتج ضعيف رغم إن المجتمع واحد ، لكن السياسة غير موحدة أو واضحة .
هذا ما جعلنا نجد أنفسنا فى شتات من أمرنا ،ونبذل كل ما فى مقدورنا لكى نعلم أبنائنا تعليماً خاصاً أو دولياً لغموض التعليم لدينا، وعدم وجود سياسات واضحة تعلى من قيمة جودة منتج التعليم الحكومى .
إذن ما الحل ؟ هل نترك الأمر هكذا ونحن ندعو للمستقبل المشرق لأبنائنا ؟
فى العهد الماضى كان التعليم قضية أمن قومى ، والآن من الضرورى أن يكون التعليم قضية المجتمع بأكمله، وليس الدولة فحسب .
وإذا كانت المشروعات كلها موجهة للتعليم الخاص، واللغات ،والدولى ، فالتعليم الحكومى الجامعى، وقبل الجامعى بحاجة إلى أن تكون المشروعات موجهة صوبه ، وأن يعمل به كوادر مدربين لا على المحتوى بل على الطريقة، والتكنيك للوصول إلى تكوين مواطن محلى، وعالمى فى الوقت ذاته .
لهذا الأمر فالتخطيط لرسم سياسة تعليمية موحدة لكافة أنماط التعليم أمر بحاجة إلى مجهود ضخم ليس من قبل الخبراء فحسب ، ولكن من المجتمع المدنى، والدولة السياسية .
وفكرة التوحيد هنا ضرورية لأننا نعد مواطن فى نفس المجتمع ، والاختلاف يكون فى الكماليات وليس فى الأساسيات . بمعنى من الضرورى أن يتوافر مقاعد للطلاب بمواصفات معينة داخل المدارس، والجامعات ، ومواصفات للمناهج، والمقررات موحدة على جميع القطاعات العام والخاص ، وقواعد لأعداد الطلاب داخل الفصل الدراسى فما نجده من تفاوت فى المدارس من تضخم أعداد الطلاب فى المؤسسات الحكومية بالمقارنة بنظيرها من الجهات الخاصة يعد مهزلة بكل المقاييس . إذ كيف نطالب الفرد المتعلم بالتفوق فى هذا السياق .
كما أن الجهات الخاصة سواء مدارس أو جامعات من المفيد للمجتمع أن تستوعب نسبة 30% من الطلاب من أبناء المجتمع سواء مدارس أوجامعات مجاناً ، وبلا مصروفات ، لسد الفجوة ، وتخريج منتج تعليمى متكافئ .
أحسب أننا نتحدث كثيراً عن العدالة لكنها يبدو أنها لازالت الفارس المنتظر .....
إنتظروا فى الحلقة القادمة استكمالاً لهذا الموضوع بكيفية جديدة للعلاج بإذن الله تعالى .
