العلوم والبحث العلمي في ألمانيا
في الأعوام الأخيرة كان من بين العلماء الذين حصلوا على جائزة نوبل للكيمياء والفيزياء والطب عدد من العلماء الألمان، ففي عام 1991 حصل عالما الأحياء المختصان بالخلايا، إيرفين نيهر وبيرت زاكمان على جائزة نوبل للطب. واقتسم جائزة نوبل للفيزياء في عام 1989 الفيزيائي فولفغانغ باول مع زميلين له من الولايات المتحدة الأمريكية . وحصل عام 1988 البحاثة الألمان الثلاثة يوهان دايزنهوفر وروبيرت هوبر وهارتموت ميشيل على جائزة نوبل للكيمياء. وفي عام 1995 حصل على جائزة نوبل العالمان الألمانيان: كريستيانة نوسلاين فولهارد المختصة في بيولوجيا التطور (جائزة نوبل للطب) وباول غروتسن أستاذ الكيمياء في جامعة ماينتس. وفي عام 1998 حصل على جائزة نوبل للفيزياء الفيزيائي الألماني هورست شتورمر مع زميلين آخرين من الولايات المتحدة الأمريكية.وفي الماضي كانت ألمانيا تعتبر بلد العلوم، وكانت الجامعات الألمانية تتبوأ مكانة طليعية في العديد من فروع العلوم الطبيعية والإنسانية، وحتى الحرب العالمية الثانية حصل الألمان على عشر جوائز مما مجموعه 45 جائزة نوبل للفيزياء، وعلى 16 جائزة من أصل 40 جائزة نوبل للكيمياء. إلا أن دكتاتورية الاشتراكية القومية (النازية) أرغمت منذ عام 1933 الكثير من أفضل العقول على مغادرة البلاد. وكان أن ذهب بعضهم إلى الولايات المتحدة الأمريكية، حيث أعطوا العلوم هناك دفعاً لا يقدر بثمن. ولم تتغلب ألمانيا على هذا النزف بعد عام 1945 إلا بصورة بطيئة وبذل مجهودات جبارة.وضعت الوحدة الألمانية البحث العلمي أمام تحد جديد وهو: إقامة شبكة من مراكز الأبحاث تشمل ألمانيا كلها. ولقد أصبح اليوم لدى الولايات الجديدة شبكة من المراكز المتنوعة والقادرة على المنافسة تضم نحو 120 مركزاً للأبحاث تتلقى الدعم المالي من الاتحاد ويعمل فيها نحو 13000 شخص.تتركز الأبحاث في الولايات الجديدة على تطوير مواد صناعية ومعدنية جديدة، وعلى التقنية المعلوماتية، والإلكترونيات الدقيقة، والتقنية البيولوجية، والأبحاث البيئية، والعلوم الجيولوجية، والأبحاث الصحية. وفي كثير من المواقع تتعاون هذه المراكز مع مراكز الأبحاث الموجودة في الشركات والجامعات. وقطاع البحث العلمي في الولايات الجديدة مرتبط بكثير من البرامج الأوروبية والعالمية، ويقيم علاقات تعاونية وثيقة مع كثير من الجهات الأجنبية.على الرغم من ذلك فإن الحكومة الألمانية مدركة أن توحيد البحث العلمي بين الشرق والغرب مازال في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود، فهي تمول، على سبيل المثال «معاهد الابتكار» التي تشكلت في جامعات الولايات الجديدة والتي تعمل بالتعاون مع مختلف الجامعات ومع اختصاصيين من خارج الجامعات، من ضمنهم اختصاصيون من القطاعات الاقتصادية المختلفة، على تحسين البنية الهيكلية للأبحاث وتحقيق الابتكارات والاختراعات الجديدة.مؤسسات البحث العلمي: يتولى مهمة البحث العلمي في جمهورية ألمانيا الاتحادية ثلاثة أنواع من المؤسسات هي: الجامعات، والمعاهد الحكومية والخاصة غير الجامعية، ومراكز البحث العلمي في الشركات. إن قيام أساتذة الجامعات بمزاولة البحث العلمي هو تقليد ألماني قديم. إذ إن «وحدة البحث والتعليم» هي مبدأ أساسي من المبادئ المنهجية الجامعية منذ عهد فيلهلم فون هومبولت الذي كان في بداية القرن الماضي قد أصلح الجامعات البروسية. وتعتبر الجامعات الأساس الذي يقوم عليه البحث العلمي في جمهورية ألمانيا الاتحادية. فهي المؤسسة الوحيدة التي تشمل بحوثها جميع الفروع والاختصاصات العلمية. وتمثل الجامعات مركز ثقل البحوث العلمية الأساسية التي تعد الشباب وتضمن بالتالي تزويد مراكز الأبحاث باستمرار بالقوى الجديدة المتخصصة. أما الأبحاث العلمية خارج الجامعات فتعتمد اعتماداً كبيراً على البحوث العلمية الجامعية. وهي تركز اهتمامها، على سبيل المثال، على البحوث المكلفة وبالدرجة الأولى في مجال العلوم الطبيعية، التي لا يمكن إجراؤها إلا من قبل فرق كبيرة وباستخدام التقنية الغالية الثمن، وتتطلب إنفاق أموال باهظة. ويتم تنفيذ مثل هذه المشروعات العلمية الكبيرة من قبل مؤسسات يمولها الاتحاد والولايات المختصة بالبحوث الفيزيائية الأساسية، وبالبحث عن مصادر جديدة للطاقة (الالتحام النووي مثلاً)، وبالبحوث المتعلقة بالملاحة الجوية والفضائية، والطب والبيولوجيا الجزئية، والبحوث البيئية والقطبية.يبلغ مجموع العاملين في مجال البحث والتطوير في جمهورية ألمانيا الاتحادية نحو 460000 شخص، يشكل العلماء والمهندسون نحو 50 بالمائة منهم. ويتوزع الباقون مناصفة تقريباً على العناصر الفنية والعناصر الأخرى (العناصر الإدارية مثلاً) أما الأموال المصروفة على البحث والتطوير فقد بلغت عام 1997 نحو 83 مليار مارك أي ما يعادل 2.27 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي. وبذلك تحتل ألمانيا في هذا المجال المرتبة الرابعة بين الدول الصناعية الكبرى (مجموعة السبعة) بعد اليابان (2.98%) والولايات المتحدة الأمريكية (2.52%) وفرنسا (2.31%)، وتتحمل القطاعات الاقتصادية (الشركات) الجزء الأكبر من هذه النفقات، أي ما يزيد على 51 مليار مارك. ويتحمل الاتحاد نحو 15 مليار مارك والولايات نحو 15مليار مارك أيضاً. يضاف إلى ذلك 1.6 مليار مارك دفعها الاتحاد لأبحاث خارج ألمانياً.
منقول
مواقع النشر (المفضلة)