مع استحداث وزارة للتعليم الفنى زادت الآمال والطموحات بالتناغم بين الخريجين ومتطلبات سوق العمل وهو ما يؤكد إدراك الدولة أن التعليم الفنى هو قضية مصر الأولى لأن أعلى نسبة بطالة موجودة بين خريجيه. ورغم أن ملف التعليم الفنى اهمل فترة طويلة فإن احتياجات الصناعة من الفنيين والمهنيين المهرة تطلبت التركيز على هذا القطاع الهام وإعطاءه الأولوية الأولى فى رسم الخريطة التنموية. الدكتور محمد يوسف أول وزير للتعليم الفنى والتدريب درس الملف جيداً على مدى الأشهر الستة الماضية قبل توليه الحقيبة الوزارية حيث كان نائباً لوزير التربية والتعليم السابق، واندهش الجميع وقتها أنه حلف اليمين نائباً للوزير لقطاع التعليم الفنى فى سابقة هى الأولى من نوعها ولكن يبدو أنها كانت إشارة واضحة لإنشاء وزارة التعليم الفني.
وفى حوار مع الدكتور محمد يوسف كشف أن هدفه تأهيل الخريجين لمواجهة متطلبات سوق العمل وتحسين جودة التعليم واكساب الخريجين المهارات الأساسية بالتدريب مشيراً إلى أن نسبة البطالة تصل فى التعليم الفنى إلى 35% علماً بأننا نخرج سنويا نصف مليون طالب وطالبة، مشيراً إلي أن ارتفاع النسبة بين الخريجين ترجع إلى وجود تخصصات بالتعليم الفنى التى لا يحتاجها سوق العمل، مما يتطلب استحداث تخصصات جديدة.
وقال إن الدولة تعمل على تطوير التعليم الفنى من خلال خطة قصيرة الأجل تستهدف تعظيم الاستفادة من الامكانات المتاحة فى الوقت الحالى بالمدارس الفنية إضافة إلى تقسيم التعليم الفنى إلى نظامين فنى ومهني، مؤكدا أنه لا مساس بمدارس التعليم الفنى خاصة المهنية أو تحويل نشاطها خارج التعليم الفنى إلا بقرار من رئيس الوزراء والتوسع فى التعليم المهنى لتصل نسبته إلى 16.5% بعد أن كانت 4%.
وأشار إلى أنه يتم حالياً تطوير المناهج الجديدة لتطبق على الطلاب فى العام الدراسى 2016 - 2017 على أن تشكل لجنة من 5 أعضاء وهم ممثل عن التعليم الفنى وآخر من التربية والتعليم وممثل لقطاع الصناعة وآخر حرفى أو مهنى وأستاذ جامعة، وعلى التوازى سيتم تدريب المعلمين بنفس مستوى المهارة التى تتماشى مع احتياجات الصناعة، مشيراً إلى أن عدد معلمى التعليم الفنى يصل إلى 150 ألف معلم ومعلمة بجميع التخصصات.
وأوضح الوزير أن هناك تنسيقا كاملا مع الدكتور محب الرافعى وزير التربية والتعليم فى كل ما يخص امتحانات الدبلومات الفنية ووضع معلمى التعليم الفنى خاصة أن ميزانية التعليم الفنى لن تنفصل عن التربية والتعليم حتى بداية السنة المالية الجديدة، مشيراً إلى أن ميزانية وزارة التعليم الفنى ستتخطى الـ9 مليارات جنيه وأن الوزارة تدخل فى نطاقها 2000 مدرسة فنية تهدف إلى زيادة بنسبة 5% سنويا حتى نستطيع تلبية الزيادة السكانية ومواجهة متطلبات السوق واحتياجاته من العمالة المدربة.
نص الحوار
- المحاور: إنشاء وزارة للتعليم الفنى أصبح ضرورة تفرضها متطلبات السوق وحاجة الصناعة، فهل لديكم رؤية أو استراتيجية كأول وزير يتولى حقيبة هذه الوزارة الهامة؟
الوزير: إنشاء وزارة للتعليم الفنى هى فكرة المهندس محلب رئيس الوزراء ويأتى ذلك لإدراك الدولة بأهمية الركيز على التعليم الفنى وتخريج فنيين متميزين بمستوى تدريب ومهارة عالية لمواجهة متطلبات السوق.
ومن المؤكد أن لدى استراتيجية لتطوير التعليم الفنى وهى خطة غير تقليدية تنقسم إلى خطة قصيرة المدى واخرى بعيدة المدى وأشار إلى أن الخطة قصيرة الأجل تبدأ بتدريب الطلاب على مهارات الصناعات اليدوية التى يحتاجها سوق العمل عبر إرسال الطلاب إلى مراكز تدريب متخصصة يحصل الطالب فى نهاية الدورة على شهادة مهارة، أما الخطة طويلة المدى فهى تستهدف تطوير المناهج وطرق التدريس، مشيراً إلى ان الوزارة توصلت إلى استراتيجية تتناسب مع احتياجات سوق العمل بالنسبة لتطوير المناهج وتجمع كل المهارات اللازمة للطلاب وهى تعتمد فى الأساس على الجانب العملى وعدم الاكتفاء بالجانب النظري.
- المحاور: وما هى أهداف هذه الإستراتيجية؟
الوزير: الهدف الأساسى سوق العمل فخريجو التعليم الفنى يخرجون لسوق العمل مباشرة وليس كخريجى التربية والتعليم وبالتالى فدراسة احتياجات السوق بطريقة علمية ودقيقة من أولى اهتماماتى، ويجب تغيير نظرة المجتمع لخريجى التعليم الفنى وبالمقابل إعادة ثقة الناس بالمهنى أو الفنى بعد تدنى مستوى الخريجين والنتيجة ان السوق بيقول "ده ما بيعرفش يشتغل".
- المحاور: وما هى من وجهة نظركم مشكلات التعليم الفنى؟
الوزير: جودة التعليم والمهارات الأساسية كيفية التعامل مع هذا الوضع بمعنى كيف اخرج المهنى المدرب الذى يشتغل بأيده فأنا ليس لدى الفنيون الذين يشرفون على أعمال البناء مثلا ً ولكن المشكلة فى المهنى الذى يقوم بتنفيذ أعمال البناء ولذلك نجد ان أقل نسبة بطالة تكون بين هؤلاء المهنيين الذين يشتغلون بايديهم.
إضافة إلى وجود تخصصات بهذا النوع من التعليم لا يحتاجها سوق العمل فمثلا ً نصف البنات يدخلن قسم الميكانيكا، لا استفيد بهذا التخصص للبنات لأنهن لا يعملن به ولا فائدة تعود على المجتمع من هذا فى هذه الحالة تظهر أسباب ارتفاع نسبة البطالة بين خريجى التعليم الفني
- المحاور: معنى ذلك أن لديكم تحفظات على التحاق الفتيات بأقسام وتخصصات معينة؟
الوزير: إطلاقاً، أنا لا أحاسب أى بنت على رغباتها فى القسم أو التخصص الذى تود الالتحاق به، فلم نرا مثلا بنتا تعمل بالميكانيكا، مما أدى إلى وصول نسبة البطالة بين البنات من خريجى المدارس الفنية إلى 60% ولكن النقطة المهمة أن الفائدة من التخصصات هى ضمان أن الخريج سيشتغل، وهو ما يطلق عليه استخدام واستغلال الموارد المتاحة ولكن يمكننا أن نعالج الجزء الاجتماعى الذى يرضى البنات مثل استحداث أقسام جديدة تناسب طبيعهن كالاقتصاد المنزلى ورعاية الأطفال، هذه التخصصات الجديدة تتلاءم مع البيئة الإجتماعية وتحقق قيمة للمجتمع، وهو ما يسمى بزيادة الأعمال ويفتح الأبواب أمام البنات لاقتحام سوق العمل.
وأضاف الوزير أن الوزارة بصدد التوسع فى الفترة المقبلة فى إنشاء تخصصات تتلاءم مع الأطر الاجتماعية والأعراف والعادات والتقاليد فى المجتمعات المصرية واحتياجات سوق العمل كالاقتصاد المنزلى والتريكو والزخرفة ورعاية الأطفال، وهو ما يصب فى إطار دعم المشروعات الصغيرة والريفية كمشروع حضانات الأطفال، كما إنه فى حالة عدم العمل تتحول هؤلاء الطالبات إلى أمهات منتجات وذوات فائدة مرتفعة فى أسرهم الصغيرة.
- المحاور: تحدثتم عن خطة قصيرة المدى وآخرى طويلة فما هى أولوياتكم لتفعيل دور الوزارة الجديدة؟
الوزير: المهمة العاجلة هى التوسع فى التدريب المهنى فهناك قرار وزارى ينص على ذلك بحيث يكون التعليم الفني، جزء منه مهنى والجزء الآخر فنى بمعنى أكثر توضيحا إذا كانت العمالة تقسم إلى فنى وفنى أول ومهنى فإن المهنى أقل نسبة البطالة وبالتالى فالتعليم فى مصر سينقسم إلى مهنى وفنى وعام وبالتالى فتنسيق الإعدادية سيقسم بهذه الطريقة لترتفع نسبة طلاب التدريب المهنى إلى 16.5% بدلا من 4%.
- المحاور: وماذا عن مدارس التدريب المهنى التى تم تحويلها إلى مدارس تجريبية لحل أزمة الإقبال المتزايد على المدارس التجريبية وعدم توافر المبانى المدرسية هل مازال هذا المشروع قائما؟
الوزير: هناك قرار من رئيس الوزراء بعدم المساس بمدارس التعليم الفنى أو تحويل نشاطها خارج التعليم الفنى لا عاما ولا تجريبيا إلا بموافقة رئيس الوزراء وبالتالى سيعاد استخدام هذه الموارد لخدمة التعليم الفنى ولن يحدث مثلما كان يحدث مسبقا من استقطاع جزء من مدرسة فنية مساحاتها كبيرة لإنشاء مبان او الانتفاع بها فى غير أى نشاط إلا للتعليم الفنى فقط.
- المحاور: ومتى سيشعر المجتمع بالتغيير فى مستوى خريجى هذا النوع من التعليم؟
الوزير: النتيجة ستظهر خلال ثلاث سنوات على الأقل، لو بدأت فى تدريب الطالب من الآن من خلال إكسابه مهارات محددة فى الصناعة والتدريب فى الشركات والمصانع ومراكز التدريب فلابد أن يكون هناك جزء تدريب مهنى فى ورشة مهنية ليحصل على شهادة مهارة وفرصة بالشركات والمصانع.
- المحاور: هل سيتم التعاون مع الوزارات المختلفة لتحقيق هذا الهدف؟
الوزير: التعاون قائم مع جميع الوزارات لاننا سنقوم بالتدريب فى مراكز التدريب المعتمدة بالوزارات والشركات والتى يصل عددها إلى 800 مركز فى مختلف الوزارات وقال اننا نفضل فى الوقت الحالى أن تظل إدارتها تتبع الوزارات التابعة لها على ان تتولى وزارة التعليم الفنى الجانب المتعلق بالتخطيط لتطوير التعليم والتدريب بها.
- المحاور: وهل سيتم تطوير المناهج فى الخطة بعيدة المدى؟
الوزير: مادمنا ذكرنا التغيير فى منظومة التعليم الفنى سيتبعه لا جدال تطوير فى المناهج بطريقة علمية لإعداد المنهج بتجربة مؤسسية لآلية التطوير تبدأ بتحديد متطلبات سوق العمل ولجنة تضم 5 أعضاء، ممثلا عن التعليم الفنى وآخر للتربية والتعليم والحرفى أو المهنى وأستاذ جامعة وممثلا عن الصناعة وهذه اللجنة تمثل توليفة شمولية تجمع كل عناصر السوق وتحقق توازنا، مشيرا إلى أن الوزارة سوف تهتم بشكل خاص بوجهة نظر واحتياجات العاملين فى السوق، خاصة أن القطاع غير الرسمى فى مصر يمثل 40% واحتاج إلى اعتراف مهنى بهم.
- المحاور: ومتى ستطبق هذه المناهج الجديدة؟
الوزير: ستطبق المناهج الجديدة فى العام الدراسى 2016 - 2017 بإذن الله.
- المحاور: وهل سيتم تدريب المعلمين على هذه المناهج؟
الوزير: لدينا 150 ألف معلم فى كل تخصصات التعليم الفنى وسيتم تدريبهم على أعلى مستوى ليس على المناهج الجديدة فقط ولكن رفع مستويات المهارة ليتماشى فكرهم مع الصناعة بنسبة 100% إضافة إلى البرامج التدريبية للمعلمين التى بدأت منذ شهور وقبل انفصال الوزارة عن التربية والتعليم.
- المحاور: وهل تتضمن خطتكم بناء مدارس جديدة؟
الوزير: سأبدأ أولا بإعادة استخدام الموارد ونزود كفاءة استخدامها، مثلما قمت باستغلال المدينة التعليمية كمقر للوزارة فلابد أن نحسن استخدام الموارد ونعد التجهيزات اللازمة واستغلال المتاحة.
- المحاور: قمتم بجولة فى مدرسة العباسية الميكانيكية وأجريتم حوارا منفردا مع الطلاب. لماذا؟
الوزير: مبدئيا مدرسة العباسية المكانيكية داخله الصيانة وهى من المدارس المتوسطة وأجريت حوارا منفردا مع الطلاب بعيدا عن مدير ووكيل المدرسة وحتى طلبت من مدرس الفصل الخروج حتى استمع عن قرب إلى طلبات ومشاكل الطلاب والزيارة عموما ليس بهدف توقيع الجزاءات ولكن هذا لا يمنع من المحاسبة فى الزيارة القادمة التحقيق والجزاءات بعد حل المشاكل وهذه قناعتى إلا إذا كان هناك تجاوز واضح استوجب الجزاء
- المحاور: ما هى الميزانية المقدرة لوزارة التعليم الفنى وهل هناك تنسيق مع وزارة التربية والتعليم فى هذا الشأن؟
الوزير: الميزانية ستتخطى الـ9 مليارات جنيه ولكن مازالت الميزانية مشتركة مع وزارة التربية والتعليم حتى السنة المالية الجديدة.
- المحاور: وماذا عن امتحانات الدبلومات الفنية والكنترولات ووضع معلمى التعليم الفنى الذين انتابهم القلق من فصل الوزارة؟
الوزير: أولا لا داعى لقلق المعلمين لان هناك تنسيقا كاملا مع الدكتور محب الرافعى وزير التربية والتعليم ورواتبهم وحقوقهم كما هى ولا مساس بها والامتحانات تحت إشراف التربية والتعليم، مشيرا إلى إن الوزارة استقرت على إبقاء جميع إدارات التعليم الفنى كما هى حتى يوليو المقبل وانتهاء امتحانات الشهادات حرصا منها على عدم حدوث أى قلق أو ظهور أى آثار سلبية على الطلاب أو المعلمين قبل بداية امتحانات نهاية العام، مشيرا إلى انه سيظل مسئولا عن تشكيل لجان النظام والمراقبة ولجان وضع الأسئلة والتصحيح لامتحانات الدبلومات الفنية، مشيرا إلى أن الوزارة لم تنفصل حتى الآن عن التربية والتعليم ولا تزال هناك لجان وهيئات مشتركة بينهما كهيئة الأبنية التعليمية والمجلس الأعلى للتعليم قبل الجامعى وصندوق دعم وتمويل المشروعات التعليمية، مضيفا أنه من متوقع حسم تلك الأمور ووضع الأطر العامة للوزارة مع نهاية الشهر الحالي.
- المحاور: تجربة المدارس المزدوجة تجربة ناجحة لماذا لا يتم التوسع فى هذه النوعية من المدارس التى يقبل عليها طلاب التعليم الفنى؟
الوزير: عدد طلاب مدارس التعليم المزدوج 27 ألف طالب وهى تقدم خدمة تعليمية متميزة وسيتم تطويرها فى إطار الخطة الموضوعة لتطوير كل المدارس.
- المحاور: هناك تعاون فى مجال التعليم الفنى مع الجهات والهيئات الدولية المانحة، كيف سيتم التنسيق فى هذه الشأن؟
الوزير: الوزارة تعد خريطة بالاحتياجات التى تقدم إلى الجهات والهيئات الدولية المانحة بشكل يجعل الدول الراغبة فى التعاون معنا بمشروعات التعليم الفنى والتدريب أكثر ثقة، إضافة إلى أننا سوف نوجه تلك المنح إلى الاحتياجات التى حددناها، مشيرا الى أن تلك الإستراتيجية تطبق أيضا بالنسبة للتعاون القائم مع القطاع الخاص والعام فى مصر، مشيرا إلى أن الوزارة لديها 26 تجربة حاليا تطبق فكرة مدرسة داخل مصنع تحت إشراف مباشر من الوزارة لتلافى أى سلبيات قد تحدث كاستغلال الطلاب فى ساعات عمل زيادة أو شيء يتنافى مع قانون الطفل كما حدث فى بعض الملاحظات على تجربة أمريكانا وفى الوقت نفسه الوزارة لا ترحب بفكرة إقامة مصنع داخل مدرسة.