الوعى السياسى  والتنشئة السياسية فى عصر الحريات
  وقد هبت رياح التغيير على مجتمعاتنا العربية مؤكدة حتمية الحفاظ على الحرية ، والكرامة الإنسانية ، والعدالة الاجتماعية ، داعية إلى ضرورة العمل ، والتنمية من أجل دعم الهوية العربية ، وترسيخ معالمها وسط العالم أجمع . 
  والفرق بين التغيير المؤدى إلى التنمية، والتغيير المؤدى إلى الفوضى هو الوعى بالمضامين السياسية ، والأهداف الكامنة وراء التغيير ، والثورة . 
  فالسؤال لماذا نغير ؟ ولماذا نثور ؟ ولماذا نتضامن من أجل إعلاء كلمة الحق ؟ 
  كلها تساؤلات يجب أن نضع إجابات لها قبل التفكير فى الثورة ، أو الاحتجاج ، أو الرغبة فى التغيير . 
  لهذا فما أحوجنا فى الأيام المقبلة إلى الوعى السياسى ، والتنشئة السياسية السليمة ، فنحن على أعتاب انتخابات تشكيل الكيان السياسى للدولة ،  وبنيتها الأساسية ، واختيار الحاكم، ومعرفة كل مواطن بمهامه المنوط بها لأمر جد مهم ، كى لا يقع المرء فريسة سهلة فى أيدى أصحاب المصالح الشخصية ، وذوى الكلمة المزدوجة لقطف ثمار الثورة لتحقيق مصالحهم  الخاصة. 
   وهذا ما يحدث من قبل بعض الفئات المثقفة اليوم الذين يدركون قيمة ما أحدثته الثورة ، وما ستجنيه من مكاسب سياسية، واقتصادية ، واجتماعية ، وثقافية  فى كافة المجالات المجتمعية ، ويتلونون من أجل جذب ، واستيلاب وعى الكثير من أفراد الأمة البسطاء محدودى الوعى السياسى من أجل تكريس مطالبهم ، وتحقيق أهدافهم الضمنية . والنتيجة تكوين حزب يتضمن شعارات الحرية ، والديمقراطية ، والليبرالية ، أو جماعات فئوية تطالب بحقوق ثانوية فى وقت تحتاج فيه القيادة العسكرية إلى السكينة ، والاستقرار ، والوقت الكافى لتحقيق التنمية  ، وذلك لإنهاك القوى السياسية ، وتشتيت التفكير ، وهدم دعائم الوحدة .
  فالوعى السياسى من الضرورى أن يتأسس من الآن ، وأن تتضافر القيادة العسكرية مع المؤسسات التعليمية ، ووسائل الإعلام بشكل مكثف لتبصرة المواطنين البسطاء بحقيقة ذوى المصالح الخاصة ، وأتباع الأجندات الخفية  -أجنبية أو ذاتية المقصد - الذين يحاولون الصعود على أكتاف الشعب ، مستغلاً أصالته ، وبساطته ، وروحه الخلقية ، وقيمه الدينية الرفيعة ، وتسامحه لتحقيق مآربهم فى التشتيت ، والتفرقة وزعزعة الأمن المجتمعى ، والدخول فى عداءات ، ونزاعات فرعية لضياع الحقيقة ، والقضاء على الثورة ، والوقوف دون نهضة الشعب المصرى . 
  وكما تشكلت فرق للجان الشعبية أثناء الثورة  للحفاظ على الأمن ، والأمان داخل الأحياء والمدن ضد اللصوص، والبلطجية ، ومستغلى الظروف السياسية للمجتمع ، فمن الضرورى أن تشكل القيادة السياسية لجان شعبية مدنية توقظ أفراد المجتمع  من هؤلاء الذين يسلبون عقولهم، ويوجهون تفكيرهم ناصية الفتنة ، والتشتيت لتحقيق مآربهم الخاصة ، وأجندتهم الخفية، وأن ترمى القيادة السياسية إلى بناء الوعى السياسى لدي أفراد المجتمع من الأطفال والشباب ، والرجال، والنساء  من خلال المدارس ،والجامعات، ووسائل الإعلام . ويتم توزيع نشرات دورية فى الأحياء ، والمساكن ، والمدن،  والقرى بأهمية الوعى بما يحدث داخل المجتمع ، وأن التنمية ستنبع من الفهم ، والوعى ، والعمل من أجل المصلحة العامة التى سيعم من خلالها الخير على الجميع . 
  فتشكيل عقل الإرادة الشعبية ، أجدى، وأهم من تشكيل البنى المعمارية ، والهندسية ، لأن العقل الواعى المستنير ، والوطنى الذى يعمل من أجل الصالح العام هو من يقودنا بلاشك للتنمية ، والتقدم . 
  ومن ثم فنحن المصريون بناة الأهرام بعقولنا الإبداعية  الواعية النزيهة، ونحن المصريون بناة ثورة الكرامة ، ثورة الحرية ، ثورة العدالة بعقولنا العلمية، والتكنولوجية ، والآن نحن المصريون القادرون على بناء نهضة المجتمع المصرى من خلال الوعى السياسى السليم الذى يحافظ على هوية المجتمع المصرى ، ويدفعه دوماً إلى التنمية، والتقدم،  والاستقرار الأمنى  فى عصر الحريات.
						
					
مواقع النشر (المفضلة)