التخطيط لمستقبل جودة التعليم الحلقة 16
الكتاب المدرسى، والكتاب الجامعى (5)
والآن جاء دور الكتاب الجامعى من ضمن حلقات التخطيط لمستقبل جودة التعليم .
حديث الكتاب الجامعى يعد أمراً خطيراً ، ومثيراً للجدل لأسباب عدة أهمها شرعية وجود الكتاب الجامعى . هل الكتاب الجامعى أمر مستحب ، وأساس فى الجامعة ؟
أم أن اعتماد الطالب الجامعى على نفسه فى البحث فى عدة مراجع ، من خلال التعلم الذاتى ، والنزول إلى المكتبة ، وإعداد المادة العلمية الخاصة به فى صورة جديدة من إبداع الطالب أمر أساس لمجتمع الجامعة . فطالب الجامعة ليس طالباً فى مدرسة كى يحفظ ،أو يستنتج ،أو يلخص مجموعة من المعارف ، فكما أشرنا من قبل أن الكتاب المدرسى أصبح بالمثل لا يهدف إلى التلقين، والحفظ ،وسرد المعلومات فى الحلقات السابقة عن الكتاب المدرسى.
التعليم أصبح جزءاً من المجتمع ، بمعنى أن كل قضية داخل المجتمع علمية ،وثقافية، وسياسية، وتقنية ،واجتماعية لابد أن يدرسها التعليم ، ويضع حلولاً لها . لأن التعليم هو المجتمع باكمله .
لهذا ففكرة وجود كتاب جامعى بعينه لمادة من المواد تقتل إبداعات الطالب الجامعى ، وتجعل بوصلته الفكرية موجهة ناصية وجهة نظر أحادية الجانب هى وجهة نظر المؤلف فحسب .
لذلك فالسماح للطالب الجامعى بإعداد مادته العلمية الخاصة به فى كل المواد المقررة عليه يعد أمراً فى غاية الأهمية من أجل :-
-أن يعتمد على نفسه فى البحث عن المعرفة .
-أن يكون له آرائه، وتوجهاته الخاصة به .
-أن يعى بقيمة الحرية الممنوحة له فى التفكير فى موضوع بحثى سيتم اختباره فيه ، وفقاً لآرائه، وتوجهاته ، ودرجة إقناع الجمهور به .
-عمل مشروع بحث جماعى مع أقرانه الأمر الذى يسهم فى إرساء قيم العمل الجماعى .
-يتواصل مع أستاذه دوماً فى حوار ، ونقاش ينم عن خبرة ، وتكوين رأى مستمر .
الجامعة تهتم بإعداد مواطن للحياة ، فهى مجتمع صغير ، التعليم ، والامتحان آخر العام الدراسى ليس كل شئ ، بل تكوين الشخصية ، والتوجه ، والنشاط الجمعى ، والمشاركة فى أندية ثقافية ، وألعاب ، ومسابقات ، وعمل مسرحيات ، والمشاركة فى تنمية مجتمع الكلية من خلال بناء قاعدة بيانات تكنولوجية للطلاب، والإداريين ،وأعضاء هيئة التدريس ، والمشاركة فى منتديات تعلم عبر الإنترنت ، وتواصل خبرات ، وعمل مشروعات طلابية مشتركة .
كل ذلك يحقق نواتج التعلم المطلوب إنجازها فى التعليم الجامعى .
والسؤال المطلوب الإجابة عنه ما هى فلسفة التعليم الجامعى ؟
تقوم فلسفة التعليم الجامعى على الاستقلالية فى كل شئ ، فى اللوائح ،والقوانين ، المقررات الجامعية ، إعداد الخريجين ، نمط وطرق التدريس ، المناهج ، أساليب التقويم .
فالفرق بين التعليم المدرسى، والتعليم الجامعى هوتمتع كل جامعة بالاستقلالية فى إصدار القرارات ، وتفويض عملية اتخاذ القرارات داخل كل جامعة للكليات التابعة للجامعة .
ومن ثم فعند مناقشة قضية الكتاب الجامعى سنجد أن الأمر يختلف وفقاً لكل كلية ، وكل جامعة ووفقاً للسياسة المتبعة داخل كل جامعة ، وما تتخذه من لوائح، وقوانين بشأن الكتاب الجامعى .
ولكن مع إقرار الجامعات بوجود ما يسمى بالكتاب الجامعى يكون له مواصفات خاصة لا تخرج عنه ، ويكون على هيئة مذكرة للطالب، وليس مرجع واحد يهيئه للدخول فى عمليات التقويم، والمتابعة التى تختبر كيفية إعداد مواطن ، وليس شخص قادر على الإلمام بمجموعة من الحقائق، والمعارف فحسب ، بقدر إمكانية توظيفها فى الحياة العملية التى سوف يخبرها فى المجتمع الخارجى .
إذن ما هى مواصفات الكتاب الجامعى ؟
-يحوى العديد من المراجع التى يمكن الرجوع إليها للدراسة ،والبحث فى الموضوع المدروس .
-تكلفته تكون رمزية .
-يكون ملماً بأحدث القضايا المعاصرة .
- يحث المتعلم على البحث المستمر ، والتعلم الذاتى .
-لا يتضمن إجابات على تساؤلات المتعلم المستمرة ، بل يجعل المتعلم يبحث عن المعرفة ، ويجربها بنفسه .
-لا يختبر المتعلم فيه فقط ، بل فى قضايا متعلقة به ، لمعرفة مدى قدرة المتعلم على البحث المستمر، والاطلاع .
-يساعد المتعلم على تكوين وجهة نظره الخاصة به دون حصار على عقله .
-لا يشير إلى توجه بعينه سواء دينى، أو سياسى .
-أن يتضمن مخططات ، وأقراص ممغنطة ، وشرائط فيديو شارحة لعملية التعلم سواء من خلال مواقع عبر الإنترنت أو مواد تعليمية مكملة مثل السى دى ، شرائط كاسيت ، شرائط فيديو .
-ألا يكون هدفه ربحى .
ولكن ما الذى يعيب الكتاب الجامعى داخل بعض الجامعات ؟ هذا هو موضوع الحلقة القادمة بإذن الله .