التخطيط لمستقبل جودة التعليم( الحلقة 42)
تحسين الممارسات داخل المنظومة التعليمية (16)
تابع تحسين الممارسات فى المرحلة الإعدادية
تحدثنا فى الحلقة السابقة عن المنهج ، والآن سنتحدث عن المعلم .
فى مجتمعنا لا فرق بين إعداد معلم المرحلة الإبتدائية عن معلم المرحلة الإعدادية فكلاهما داخل كليات التربية تحت مسمى معلم التعليم الأساسى . وهذا من وجهة نظرى ما يسبب خطورة على التعليم فى تلك المرحلة الأساسية من عمر الطفل التى تُعد لها الكثير من الدول مثل ماليزيا ، والهند ، واستراليا مناهج معدة خصيصاً لكل مرحلة لإعداد معلم قادر على الإلمام بكل مرحلة على حدى ، لأنهم يعلمون أن الكيف ،والمدى التى يتم التعامل به مع طفل المرحلة الإبتدائية ، يختلف تماماً عند التعامل مع طفل المرحلة الإعدادية .
المسألة ليست إعداد معلم تعليم أساسى فحسب ، المسألة ترتبط بالعمر والعوامل النفسية والذهنية والمهارية التى تختلف من مرحلة لأخرى . إذن فكيف نعد معلم الابتدائى ، ومعلم الإعدادى بنفس الآليات ، والأدوات، والمناهج ،وطرق التدريس ؟ ومن ثم فإذا كنا قد أكدنا فى مرحلة التعليم الابتدائى على أن يكون المعلم مستقطباً ، ومرحاً ، ومرحباً بالأطفال الصغار ، وأن يحول اليوم الدراسى إلى تعلم من خلال اللعب ، والنشاط ، والنقاش ، والترفيه كى نستقطب كل الأطفال للحضور إلى المدرسة ، وإعطاء صورة إيجابية عن أن التعليم ليس للتلقين ، والمعرفة، وحشو الذهن ، وإنما لإعداد مواطن ماهر ، وفعال .
فإن مرحلة التعليم الإعدادى إذا سلمنا أنها امتداد للتعليم الابتدائى ، فهى ليست مثلها ، وإنما هى مرحلة أكثر نضجاً نريد فيها المتعلم أن يكتشف العالم ، من خلال البحث والمعرفة ، وأيضاً تكوين إتجاهات إيجابية نحو الذات ، وكيف نستخرج قدرات المتعلمين المختلفة ، لتنميتها فى مشروعات مستقبلية تخدم مهنة المتعلم فى المستقبل .
ومن ثم هى مرحلة البحث عن الذات من خلال المعلم بمعنى أن المعلم هو مَن سيقف بجوار الطفل ، ويستخرج طاقته الإبداعية أولاً بأول ، ويضع الطفل فى المسار الصحيح ، والتوجه المناسب له . فكيف يمكن للمعلم تحقيق ذلك ؟
أولاً :-من المفيد أن تكون قناعة المعلم الأساسية هى ( جميع الأطفال فى المرحلة الإعدادية مبدعين ، وعلينا كمعلمين إكتشافهم ، وتوجيههم ) .
ثانياً :- أن يبدأ المعلم فى تصنيف طلابه من حيث توجهاتهم ، وقدراتهم المعرفية ، والمهارية دون أن يعلن ذلك لهم .
ثالثاً :- أن يكتب المعلم تقريراً عن حالة الطفل أسبوعياً ، ومدى تقدمه فى المهارة التى يكتسبها كل يوم بفضل توجيهات المعلم .
رابعاً :- أن يتم تجميع إنجازات كل طفل من حيث ما قد قام به من مشروع بحثى أو عمل فنى أو نشاط جماعى ، أو حصوله على جائزة من المدرسة ، أو درجات فى المواد التعليمية أو كل ذلك معاً.
خامساً :-أن يُثقف المعلم نفسه بإستمرار ليلحق بطلابه الموهوبين، والمبدعين فى مجالات إبداعاتهم ، وأن يشاركهم إبداعاتهم، ويحلم معهم ، ويفكر معهم فى مستقبلهم دون أن يعطى لهم حلولاً جاهزة ، وإنما يجعلهم يكتشفون بأنفسهم ، ويبجثون عن ذاتهم بأنفسهم .
سادساً :- من المفيد أن يتم تحويل حلقات النقاش بين المعلم، وطلابه فى موضوع الدرس إلى ورش عمل مستمرة ، واستنتاج المعلومة بالتجريب، وليس بالتلقين، وربط مهارات الأطفال، وإبداعاتهم بموضوع الدرس .
سابعاً :- لتقريب المعلومات بإستمرار للأطفال فى هذه السن فإن الأمثلة المستمرة ، والمخططات الشارحة، والمعبرة عن الفكرة تؤدى إلى الوصول إلى الهدف ، وهو استيعاب الأطفال ، وشعورهم بأن ما يدرسونه له معنى حقيقى من خلال ربطه بالبيئة بأمثلة حياتية ، وليس خيالى أو مثالى أو يتسم بالغموض .
ثامناً :-التدوين المستمر لكل ما يدور من مناقشات من خلال التسجيل أو الفيديو أو الكتابة الورقية مفيد فى قياس مدى تقدم المعلم، ونجاحه مع طلابه ، وهذا الأمر مستحب أن يقوم به المعلم بنفسه كى يُقوم ذاته بإستمرار . فلن يجد المعلم أداة صادقة لتقويم ذاته غير طلابه ، ودرجة استجابتهم الذين يعبرون بسهولة بها عما كانوا يرحبون بالمعلم أم لا .
تاسعاً :- إلمام المعلم بالتاريخ ، والعلوم الإنسانية ، وذكر الكثير من رموز التاريخ ، والسير لطلابه فى المرحلة الإعدادية يُقرب المسافة بينه ، وبين طلابه ، ويجعلهم يفضلونه ، ويرتاحون له . فكما تحدثنا فى حلقات سابقة الطفل يريد معرفة الكثير عن البطولة، والعظماء ، وقراءة عن الغزوات ، والحروب، ومَن هُزِم؟ ، ومن الُمنتصِر؟ ، والمهزوم لماذا انهزم ؟، والمنتصر ماذا فعل بعد ذلك ؟، وكيف تكونت الدولة؟ ، ولماذا انهارت ؟ ، وهكذا تساؤلات ، واستنتاجات يريد الطفل تكوين حلقاتها ، والوصول إلى إجابات شافية . والمعلم الناجح لا يجيب الطفل بسهولة عن هذه التساؤلات بل يدعه يبحث ويقرأ ، ويكون حكم دون تدخل كى يستقل بتفكيره ، والمعلم دوره توجيه الطفل باستمرار للمراجع التى يقرأها ، وللمواقع التى يبحث فيها عبر الإنترنت كى لا تكون وجهة نظره أحادية ، ويُكون رأى بناء على مرجع واحد فقط .
كما أن مسرحة المنهج ، وأن يمثل الأطفال أدوار فى دروس التاريخ ، واللغة العربية مهمة جداً، وتشجع على الإبداع والإبتكار بإستمرار .
أخيراً :- مظهر المعلم، ونظافته تجذب طلابه إليه بسهولة شديدة ، وقدرته على احترام ذاته مع طلابه فلا ينهرهم بأسلوب غير لائق ، ولا يتناول الطعام أمامهم ، بل يشعرهم دوماً أنه قدوة صالحة ، وأنه المرجع لهم دوماً الذى يذهبون إليه فى كل وقت.
إلى اللقاء فى الحلقة القادمة ونستكمل بقية الممارسات بإذن الله .