تعليم الكبار في ألمانيا
تكتسب متابعة التأهيل بمعنى التعلم المتواصل طيلة الحياة أهمية متزايدة. وينطبق هذا التطور على متابعة التأهيل العام والتأهيل المهني على حد سواء. وفي العادة يعتبر التأهيل السياسي والثقافي من التأهيل العام. وكلما تقادمت المعرفة بسرعة أكبر ازدادت الضرورة للتعلم مدى الحياة لكي يحافظ المرء على قدراته المهنية. وهذا هو أيضاً هدف «الحملة المركزة لمتابعة التأهيل» التي أصبحت منذ عام 1987م المنبر الذي يناقش عليه موضوع متابعة التأهيل والتي تشجع وتدعم التعاون بين جميع الأطراف المشاركة في عملية متابعة التأهيل.في الأعوام الأخيرة قويت المشاركة في ألمانيا في الدورات التعليمية والتدريبات الرامية إلى متابعة التأهل ووصلت عام 1997م إلى أعلى مستوى لها منذ بدء العمليات الإحصائية الخاصة بهذا الموضوع في إطار «النظام الخاص بحصر عمليات متابعة التأهيل». ففي العام المذكور استفاد 50% تقريباً من الألمان اليافعين من عروض متابعة التأهيل.
*الجهات المسؤولة عن متابعة التأهيل:
يوجد في ألمانيا عدد كبير من الجهات والمنظمات المختلفة التي تساهم في عمليات متابعة التأهيل نذكر منها:- الجامعات الشعبية: وهي مؤسسات تعليمية نهارية تركز اهتمامها على متابعة التأهيل وتقدم عروضاً أساسياً شاملة ومنتشرة في جميع المناطق وخصوصاً في مجال التأهيل العام وبصورة متزايدة في مجال التأهيل المهني أيضاً. والانتساب إليها متاح للجميع. والجامعات الشعبية هي في العادة مراكز لمواصلة التعليم تابعة لهيئات الإدارة المحلية (في المدن والنواحي). ويوجد في ألمانيا أكثر من 1000 جامعة شعبية بالإضافة إلى عدد كبير من الفروع الخارجية التابعة لها.- المعامل والشركات: وهي أهم الجهات التي تتولى متابعة التأهيل المهني وتؤدي مهامها في هذا الصدد، إما في أمكنة تدريبية تابعة لها، وإما بالتعاون مع جهات أخرى ومؤسسات لمتابعة التأهيل خارج المعامل.- المعاهد الخاصة والمؤسسات التجارية المختصة بمتابعة التأهيل: وهي تنشط بصورة خاصة في مجال تغيير المهنة (تعلم مهنة جديدة)، اكتساب تأهيل مهني جديد أو رفع كفاءة المتدرب، التدرب على معالجة البيانات إلكترونياً، تعلم لغات أجنبية، الحصول على شهادات مدرسية فوَّت المرء فرصة الحصول عليها في الوقت المناسب.- الكنائس: وهي تركز اهتمامها على المسائل التربوية والمدرسية وشؤون الأسرة والمجتمع والأدب والمسائل الحياتية والصحة والزواج وغير ذلك.- الجامعات والأكاديميات والمؤسسات العلمية: وهي تهتم (غالباً بالتعاون مع النقابات المهنية ذات العلاقة) بمتابعة التأهيل العلمي والاختصاصي.- الغرف (ومنها مثلاً غرف الصناعة والتجارة وغرف الحرف اليدوية وغرف الزراعة) واتحادات أرباب العمل ومراكز التعليم التابعة للشركات: وهي تقدم عروضاً لتطوير المعلومات المهنية وتكييفها مع الظروف التقنية والإدارية المتغيرة، وتشرف على الاختبارات المهنية وتمنح شهادات معترفاً بها.- نقابات العمال: وهي تركز نشاطها على تأهيل العمال للمشاركة في النشاط السياسي وفي الدفاع عن مصالح العمال في الشركات والمعامل. وتشارك بالتعاون مع الجامعات الشعبية (الرابطة الاتحادية «الحياة والعمل») في أعمال التأهيل السياسي والمهني.- المنظمات الخيرية: وهي تزود الكبار بمعلومات وكفاءات في المجال الاجتماعي والصحي والتنموي.في عام 1997 أقام 177 معهداً خاصاً للتعليم بالمراسلة نحو 1280 دورة لمتابعة التأهيل في المجال العام وفي المجال المهني (وخصوصاً في المجال الاقتصادي والتجاري). وإلى جانب «الرسائل التعليمية» الكلاسيكية تستخدم المعاهد اليوم بصورة متزايدة وسائل الاتصال الجديدة لإيصال المعلومات إلى المنتسبين. ولقد استفاد عام 1996 نحو 131000 منتسب من الدروس بالمراسلة.ويقدم المركز الاتحادي للتثقيف السياسي ومراكز التثقيف السياسي التابعة للولايات والمبرات التابعة للأحزاب السياسية عروضاً كثيرة ومتنوعة لتأهيل الكبار وتعميق ثقافتهم، وخصوصاً في المسائل السياسية الراهنة وفي المسائل الأساسية للنظام الديموقراطي.- مدارس الطريق الثانية للتعليم: وهي تمكن الكبار من الحصول لاحقاً على الشهادات المدرسية.وتحاول المكتبات، والمتاحف، والمراكز الثقافية والاجتماعية، والمجموعات المنظمة ذاتياً، ومبادرات المواطنين، ومحلات بيع الكتب، وغير ذلك من المؤسسات تلبية الحاجات التعليمية النوعية للكبار والصغار خارج مؤسسات متابعة التأهيل التقليدية.- الهيئات العامة للإذاعة والتلفزيون: وهي تساهم عن طريق ما تبثه من برامج في نشر المعلومات وتشجيع التعليم والثقافة. وهناك المعهد الإذاعي الذي يعمل بالتعاون الوثيق مع الجامعات الشعبية. وهو يقدم عروضه لمتابعة التأهيل عبر البرامج الإذاعية والدورات المرافقة لها.- مؤسسات أخرى: هناك إلى جانب ما ذكرناه مؤسسات أخرى لها أهمية خاصة بالنسبة لتعليم الكبار وهي:- المعهد الألماني لتعليم الكبار: وهو معهد خدمي تابع لجمعية غوتفريد فيلهلم لايبنيتس العلمية، ويشكل حلقة الوصل بين الأبحاث والتطبيق في مجال تعليم الكبار. وهو يربط بهذه الوظيفة بين المجالين عن طريق ما يوفره من مواد وما ينشره من مطبوعات وعن طريق المؤتمرات ومجموعات العمل والمشاريع.- المعهد الاتحادي للتعليم المهني: وهو خاضع لإشراف الوزارة الاتحادية للتعليم والعلوم والأبحاث والتكنولوجيا، ويعمل بالتعاون الوثيق مع النظام الثنائي للتعليم المهني (المعمل والمدرسة المهنية). يقوم المعهد بإجراء الأبحاث في مجال التعليم المهني ويقدم الخدمات والاستشارات للحكومة الاتحادية وللجهات التي تنفذ التعليم المهني.- الاتحاد والولايات: وهم يعملون معاً في إطار «لجنة الاتحاد والولايات لتخطيط التعليم وتشجيع الأبحاث». أما الولايات فتتناوب فيما بينها في إطار «المؤتمر الدائم لوزراء التعليم في الولايات».تمويل متابعة التأهيل: لا يمكن تحديد رقم دقيق للأموال المصروفة على متابعة التأهيل. ويقدر هذا المبلغ عام 1994 بنحو 70 مليار مارك. تتحمل الجهات الخاصة أكثر من نصف هذا المبلغ: تصرف المعامل على متابعة التأهيل. بما في ذلك الأجور التي تدفعها للمتدربين ـ رغم انقطاعهم عن العمل ـ أكثر من 34.4 مليار مارك كل عام، ويدفع المتدربون رسوماً تصل إلى 10 مليارات مارك تقريباً.أما الأموال العامة فيأتي معظمها من صندوق التأمين ضد البطالة، ومن ميزانيات الولايات والبلديات والاتحادات. ومن الممكن أن يحصل العاملون على إعفاءات ضريبية لقاء متابعة التأهيل. ومن الأشكال الأخرى لتشجيع متابعة التأهيل ما يسمى «الإجازة التعليمية» التي يدفع رب العمل للمتدرب خلالها كامل أجره.
مواقع النشر (المفضلة)