التخطيط لمستقبل جودة التعليم ( الحلقة السابعة )
تابع التخطيط لرسم السياسة التعليمية (2)
الآليات وإمكانية التحقيق
فى الحلقة السابقة كنا نتحدث بصفة عامة عن غموض السياسة التعليمية لدينا ، وتعددية أنواع التعليم مع صعوبة تحقيق العدالة، والممارسات التى تكفل تخريج مواطنين يتمتعون بنفس الفرص التعليمية داخل المجتمع الواحد .
فى هذه الحلقة نستكمل الموضوع، ولكن بشكل أكثر إجرائية ، كى نحاول سوياً مع نهاية هذا الموضوع أن نرسم ملامح واضحة قد تسهم فى رسم سياسة تعليمية تستند إلى رؤية شاملة للمنظومة التعليمية ككل .
أولاً إعادة رسم السياسات التعليمية فى مصر من جديد أمر فى غاية الأهمية فى المرحلة المقبلة ، فما شهده التعليم من سياسات غامضة غير متكاملة الحلقات أدت إلى أزمات داخل المنظومة التعليمية . لهذا فالتخطيط ،والتهيئة لرسم سياسة تعليمية جديدة أمر أساس لعلاج الكثير من الأزمات لدينا.
ثانياً عند بداية رسم السياسات التعليمية يوضع فى الاعتبار أننا لا نخطط سياسات منعزلة عن بعضها البعض فما نرسمه للتعليم قبل الجامعى متكامل، ومتواصل مع التعليم الجامعى ، لأنه ببساطة شديدة المنتج واحد . لذلك عند رسم السياسات من الضرورى ألا ينعزل مخططى السياسات بتوجهاتهم، وآرائهم، وبالتالى ممارساتهم عن المراحل التعليمية الأخرى ، لأن معالجة الأمور من الضرورى أن تكون بشكل كامل يكفل سد الفجوات الناجمة عن العزلة الفجة بين قطاعات التعليم المختلفة .
ثالثاً قبل البدء فى رسم السياسات ، يمكن رصد كافة الأزمات السابقة فى بنية التعليم ، والتى تشكل بؤر خطر على مستقبل التعليم، وتحديدها بدقة ، ووضع بدائل، وسيناريوهات مستقبلية لحلها ، ومن ثم فبداية عملية التخطيط تبدأ من الواقع التعليمى بكافة مشكلاته، وأزماته التى أدت إلى وهن المنظومة التعليمية ، ورصد الأزمات، والمشكلات يأتى من دراسات، وإحصائيات وتقارير تناولت هذا الموضوع ، وبدء العمل عليها كى يتم التوصل إلى رؤى لحل تلك المشكلات
رابعاً إرسال بعثات إستطلاعية لدول العالم المتقدم فى مجالات التعليم المختلفة فى شكل فرق عمل للاطلاع على السياسات التعليمية لديها، وآليات تفعيلها فى المنظومة التعليمية ، وكتابة تقارير بذلك ، وإمكانية الاستفادة من تلك التجارب فى البيئة التعليمية لدينا . وتجارب دول النمور الآسيوية فى المنظومة التعليمية فى الوقت الحالى من أفضل التجارب ملائمة لمنظومتنا التعليمية . على أن يكون إرسال البعثات يكون موازياً لعملية رصد مشكلات الواقع التعليمى ووضع بدائل لحلها ، وقد يستغرق هذا الأمر عاماً كاملاً على المستوى التنفيذى ، والخطط التنفيذية التابعة للتخطيط الاستراتيجى للسياسات .
خامساً مع عودة البعثات لرصد واقع السياسات التعليمية لدول العالم المتقدم ، ومع رصد مشكلات الواقع التعليمى لدينا، ووضع بدائل لعلاجها ، تكون لدينا أدوات، ومواد حية يمكن على أساسها بدء التخطيط لرسم السياسة التعليمية .
سادساً البدء فى تحديد الوضع المالي للمنظومة التعليمية ، والمدى الذى من خلاله يضمن التخطيط لسياسة تعليمية طويلة المدى دون الإخلال، أو النقص فى الموارد المالية ، أو عدم وضعها فى الحسبان، والاعتماد الكلى على التمويل المرحلى، والجزئى، وهذا يؤدى إلى أن تخضع السياسات التعليمية للظروف المختلفة التى معها قد تفشل عملية التنفيذ فى الغالب .
لهذا فتحديد الوضع المالى أمر فى غاية الأهمية ، وتخصيص موازنة معتمدة لعملية رسم السياسات التعليمية، وتنفيذها ركيزة لتحقيق الغاية من التخطيط لرسم السياسات .
سابعاً تحديد الموارد المادية بما تشمله من إمكانيات مادية، وبشرية تسهم فى رسم السياسة التعليمية ، وتحديد الأدوار فى هذه المرحلة عملية حيوية ، والمساءلة، والشفافية، والمحاسبية أمر أساس عند تحديد القائمين على رسم السياسة التعليمية . ومن الضرورى أن يكون القائمين على عملية رسم السياسات من كافة أطياف المنظومة التعليمية من خبراء ، وممارسين ، وإداريين ، ومعلمين ، ومتعلمين ، وأولياء أمور ، ومجتمع مدنى ، وقادة سياسيين ....
لأن شمولية الهدف يتبعها شمولية التنفيذ ، وهذا يجعلنا ننظر للأمور نظرة كلية، وليست قطاعية لأن النظام التعليمى جزء من منظومة مجتمعية يؤثر فيها، ويتأثر بها ، لذا فقطاعات الصناعة، والاقتصاد، والسياسة، والزراعة ، والتجارة شريك أساس فى رسم السياسة التعليمية ...
إنتظروا فى الحلقة القادمة إستكمالاً لآليات التخطيط لرسم السياسات التعليمية .