ظهر مفهوم ضمان الجودة في التعليم الجامعي كنتيجة للانتقادات المتصاعدة لتدني نوعية التعليم العالي، وارتفاع كلفته، وانتشار التعليم العالي الخاص، والدفع بمؤسسات التعليم العالي نحو الاستقلال الذاتي، فضلا عن المنافسة الحادة في سوق العمل ، والتنافس العالمي بين مؤسسات التعليم العالي كنتيجة للتوجه العالمي للعولمة، وانتشرت لذلك الهيئات العالمية لضمان الجودة في التعليم العالي، التي عملت على تحديد السياسات والمعايير لضمان جودة البرامج في التعليم العالي، وأصبح لزاماً على مؤسساته الأخذ بها وتحقيقها في برامجها كمتطلب أساسي للاعتراف بها واعتمادها.
وتعاني مؤسسات التعليم العالي العربية تحديات تتصل بتدني نوعية مخرجاتها وعدم موائمتها لاحتياجات سوق العمل وخطط التنمية في معظم البلدان العربية على حدٍ سواء ، وإن كثيراً من تخصصات وبرامج هذه المؤسسات لم تعد تشكل ذات أولوية لحاجة المجتمع وأصبح سوق العمل المحلي مشبعاً منها ، وتعاني مخرجاتها من البطالة وخاصة تخصصات العلوم الإنسانية والاجتماعية ، وأصبحت بعض الأنظمة العربية مثقلة بتوظيف مخرجات هذه التخصصات في المؤسسات والهيئات والوزارات بهدف حل مشكلة البطالة السافرة لمثل هذه المخرجات ، إلاّ أن القطاع الخاص يشترط لتوظيف هذه المخرجات توفر المهارات الإضافية الأخرى مثل اللغات الأجنبية والقدرة على استخدام الحاسب الآلي ، إضافة إلى بعض المهارات والقدرات الشخصية الأخرى .
ونتيجة لذلك فقد سعت الكثير من الحكومات العربية إلى إصلاح مؤسسات التعليم العالي وتجويد مخرجاتها بإنشاء وتشكيل الهيئات أو المجالس المتخصصة للاعتماد الأكاديمي وضمان الجودة التي تضمن من خلالها توطيد ثقتها ببرامجها التعليمية وموائمة مخرجاتها مع متطلبات المجتمع وسوق العمل
وتأتي هذه الدراسة لتلقى الضوء على خمسة محاور رئيسة أولها الإطار النظري لدراسة مفاهيم ومداخل ضمان الجودة للتعليم العالي التي بدأ الأخذ بها في مؤسسات التعليم العالي العربي ولم تطبقها كنظام فاعل على برامجها التعليمية ، وثانيهما لدراسة واقع التعليم العالي ومدى موائمة مخرجاته لحاجات المجتمع وسوق العمل في البلدان العربية من خلال الدراسات المنجزة لواقع التعليم العالي لكل قطر عربي على حدة ، ويناقش المحور الثالث واقع هيئات ضمان الجودة والاعتماد الأكاديمي القائمة لثلاثة عشر دولة عربية وآليات التنسيق بين هذه الهيئات ، أما المحور الرابع فقد ركز على التجارب الناجحة لهيئات ضمان الجودة والاعتماد لسبع دول أجنبية وعربية ، أما المحور الخامس فقد ناقش النتائج والتوصيات التي توصلت إليها الدراسة.
ما سبق كان مقدمة ورقة عمل مقدمة للمؤتمر الثاني عشر للوزراء المسئولين عن التعليم العالي والبحث العلمي في الوطن العربي: "الموائمة بين مخرجات التعليم العالي وحاجات المجتمع في الوطن العربي"
من إعداد أ.د/سيلان جبران العبيدي أستاذ الإقتصاد بكلية التجارة والإقتصاد جامعة صنعاء، والأمين العام للمجلس الأعلى لتخطيط التعليم بالجمهورية اليمنية
مرفق ورقة العمل
مواقع النشر (المفضلة)