ايطاليا ... التعليم الثانوي ينتصر !!

يحظى التعليم في إيطاليا بمكانة متميزة واهتمام بالغ من المؤسسات التعليمية والاجتماعية، ومن الأسر أنفسها حيث تلعب دوراً كبيراً في المسيرة التعليمية. ومما يلفت النظر في سياسة إيطاليا التعليمية الاهتمام الذي توليه الدولة بمكانة المعلم من حيث الإعداد والتأهيل، علاوة على الاهتمام بوضعه الاقتصادي وفرص الترقي المتاحة في عمله، والتي بلاشك ستكون أفضل حافز للمعلم للوفاء بالمهام المكلف بها على أفضل وجه، وهو الأمر الذي ينعكس إيجاباً على الأجيال المتلاحقة المنخرطة في العملية التعليمية.
الهيكل الإداري للتعليم
كان من التقليدي تنظيم الهيكل الإداري للمدارس في إيطاليا بشكل مركزي بحت، وذلك حتــى حقبــة الخمسـينيـات مـن هذا القرن، حيث بدأت عملية لامركزة الخدمات والمسؤوليات تنتقــل من على كاهـل الحكومـة المركزيـــة إلى مستوى الإدارات المحلية. وبحلــول السبعينيات على وجه التحديد تم تحويل كثير من المسؤوليات، ومنها تلك المتعلقـة بالتعليــم، لتصبـح من اختصـاص السـلطـات المحـليـــة بدلاً من الحكومة المركزية.
وزارة التعليم في إيطاليا: تتولى وزارة التعليم الإيطالية مسؤوليات عامة تتمثل في الإشراف والتنسيق بين الأنشطة التعليمية المختلفة، التي تنفذها المؤسسات الحكومية والأهلية، علاوة على تخطيط ودراسة وتطوير التعليم، إضافة إلى الإشراف العام على جميع المؤسسات التعليمية في البلاد. كذلك تهتم الوزارة بتطوير المناهج وتدريب الكوادر التعليمية، والسماح بالمشروعات التعليمية التجريبية، وإدارة أنشطة الميزانية وتوظيف وتشغيل أطقم العاملين في هذا المجال.
ويتولى وزير التعليم مسؤولية التوجيه السياسي للوزارة، ويساعده في مهمته نائب أو أكثر يتولى اختيارهم رئيس الوزراء، لكنهم يقومون بمهمة تنفيذ المهام التي يكلفهم بها الوزير. ويساعد وزير التعليم أيضاً مديريات وإدارات عامة متعددة، علاوة على مجموعة من المستشارين.
مجلس التعليم القومي: يساعد وزير التعليم في تخطيط وتقويم السياسة التعليمية هيئة استشارية يطلق عليها «مجلس التعليم القومي» ويتشكل هذا المجلس من 74 عضواً، معظمهم يتم انتخابه من فئات مختلفة تمثل المعلمين، والموظفين الإداريين، والمفتشين، ومسؤولين من إدارات السلطات التعليمية المركزية والمحلية، وسوق العمل، والجامعات.
ويعبر هذا المجلس عن وجهة نظره ورأيه في إدارة الخدمات التعليمية، والتخطيط، والتجريب، والتدريس، والتجديد والإصلاح التعليمي، وأي قضايا أخرى يقضي القانون بتدخله فيها، ويتم انتخاب أعضاء المجلس لفترة مدتها خمس سنوات.
مسؤوليات المناطق والمقاطعات و(الكميونات): تقضي التوجيهات العامة لقوانين الدولة بأن تتكفل المناطق بجميع المسؤوليات القانونية والإدارية الخاصة بها والمتعلقة بالمهام التالية:
1- خدمات رعاية الطلاب: تتولى المناطق مهمة تنظيم خدمات المعاونة الطبية والنفسية للطلاب، ومن ضمنهم الطلاب المعاقون، وذلك لتيسر للطلاب المقيمين في المنطقة استكمال تعليمهم الإلزامي، وتسهل للطلاب القادرين والمستحقين مواصلة دراستهم العليا.
2- التدريب المهني: تتولى المناطق مسؤولية التعليم المهني، والحرفي، والتدريب والتخصيص، وإعادة التأهيل، والتوجيه المهني خارج المدارس الثانوية العليا والجامعات.
3- إنشاء المدارس: تقوم المناطق -بالتعاون مع هيئات أخرى- بتخطيط بناء مدارس جديدة أو تحسين المباني القائمة، وتتولى توجيه الأموال التي تتلقاها من الدولة لتمويل هذه المشروعات.
أما المقاطعات فتتكفل بمهام توفير المباني والأراضي، والمعدات، والخدمات، والعاملين في المدارس من غير القائمين بمهمة التدريس ذاتها.
وتتولى المراكز المحلية القيام بالخدمات اللازمة لإدارة المدارس في مناطقها، وتضمن وتتأكد من التحاق الأطفال والطلاب بالتعليم الإلزامي، والتعليم الثانوي العالي، أو التدريب المهني، مهما كانت ظروفهم المادية أو الجسمانية.
وتدير (الكميونات) المراكز المحلية، خدمات رعاية الطلاب المتمثلة في توفير وسائل النقل المجانية للمدارس، وتنظيم الوجبات المدرسية داخل المدرسة وخارجها، علماً بأن تقديم هذه الوجبات يتم مجاناً أو بشكل مدعوم اعتماداً على الحالة المالية للعائلات، كما تقوم بمنح كوبونات الشراء الخاصة بالكتب الدراسية، علاوة على الدعم المالي لغير القادرين، ومن أجل تحسين إدارة الخدمات المذكورة، تتجمع الكميونات الصغيرة معاً في معظم الأحيان لتشكل «كونسرتيوم» أو اتحاداً.