المعلمون
يتم تدريب المعلمين من خلال برامج المدارس الثانوية التي تستمر أربع سنوات دراسية، بالإضافة إلى سنتين بالمعاهد الخاصة بعلم أصول التدريس، والملحقة بكليات الفلسفة في الجامعات، أو من خلال البرامج العادية التي تستمر أربع سنوات في كليات الفلسفة.
ويحق لخريجي المدارس الثانوية التدريس في المرحلة الابتدائية لطلبة الصفوف الأولى حتى الرابع فقط، بينما يحق لخريجي الجامعات تدريس أي صف في المرحلة.
وهناك نقص حاد في معلمي الابتدائي، وذلك بسبب تقاعد عدد ضخم من المعلمين، أو مغادرتهم للبلاد، أو مقتلهم في أثناء الحرب، أو تغييرهم لمهنتهم بسبب تضاؤل الأجور التي يتقاضونها سواء في أثناء الحرب أو بعدها.
وقد تم إقرار فكرة تدريب المعلم الحاصل على المرحلة الثانوية كإجراء عاجل لحل مشكلة النقص الموجودة. وتعاني أقسام العلوم نقص الخريجين؛ نظراً إلى عدم توافر مختبرات ومعامل علمية مجهزة، والتي تعد ضرورية للتمكن من اجتياز الاختبارات.
حالة المنشآت التعليمية
تعرضت أغلب المنشآت التعليمية في البوسنة للضرر الخطير، أو الدمار الكامل، أو لاستيلاء الجيش عليها، أو لاستخدامها كأماكن لإيواء اللاجئين في أثناء الحرب.
وكان الطلاب والمعلمون يحتلون المساحات المتبقية المتاحة لممارسة عملهم في ظل ظروف بالغة القسوة، حيث لا تتوافر صيانة، ولا يوجد زجاج بنوافذ المدارس ولا أبواب للفصول، وانعدمت التدفئة تماماً.
وفي ظل حالة الدمار التي لحقت بالمنشآت التعليمية في أثناء الحرب، وتحولها إلى أماكن غير آمنة، أصبح أحد الأجهزة الإدارية مسؤولاً عن توفير أماكن بديلة في البلدان المجاورة لتعمل عمل المدارس. وكانت البدائل دائماً متمثلة في شقق أو ملاجئ، أو (جراجات)، أو مكاتب مهجورة، ومازالت «مدارس الحرب» هذه قائمة في معظم مناطق المواجهة الأمامية، حيث دمرت المدارس تماماً.
وتحاول السلطات في الوقت الراهن استيعاب طلبة المدارس المدمرة بالإضافة إلى تدفق الأفراد الذين تركوا ديارهم. فبدأت بعض المدارس في العمل بنظام الفترات المتعددة (لفترتين أو ثلاث)، وتستمر كل فترة ثلاث ساعات ونصف ساعة، ويجد الأطفال صعوبة في في الانتقال للمدارس بسبب توقف هيئة النقل العام عن العمل.
أما أثاث المدارس العاملة فبطبيعة الحال هو في حالة سيئة بسبب انعدام الصيانة، وعدم الإحلال المستمر للتالف منه، لكن البلاد لديها القدرة على تصنيع أثاث المدارس.
وقد قدرت وزارة الطاقة والصناعة المتطلبات اللازمة لإعادة تعمير المدارس وتأهيلها، فبلغت التكلفة الإجمالية 170 مليون دولار أمريكي. وقد ساهمت دول ومنظمات دولية عدة في عمليات إعادة إعمار المنشآت، ويأتي على قائمة المتبرعين لهذا الهدف السامي حكومة المملكة العربية السعودية.
مراحل التعليم
نظام التربية في البوسنة قديم جداً، فأول مدرسة في البوسنة هي مدرسة الغازي خسروبك في سراييفو، تخرج فيها 460 دفعة. وطوال فترة تاريخها لم تتوقف أبداً، وهذا لم يكن سهلاً في البوسنة، لأن الجيوش كانت تأتي دوماً والحضارات تتبدل، ولكن بقيت هذه المدرسة تعمل. وهذه المدرسة هي وقف من أحد القادة العثمانيين.
ونظام التربية قديم، حيث إنه منذ 150 عاماً، وهناك ثلاث مراحل: المرحلة الأولى الابتدائية، وتبدأ من سن السابعة إلى الخامسة عشرة، وهذا يعني أنها ثماني سنوات، وهذا التعليم إجباري لجميع الأطفال من الذكور والإناث، ولا يحق لأي والد أن يبقي أبناءه دون تعليم، وهناك غرامة وعقوبات شديدة جداً لمن يحاول منع ذلك. وهذا النظام بدأ من 1945م عندما جاءت الحشود النمساوية إلى البوسنة.
ولهذا نستطيع أن نقول إنه ليس هناك أمي في البوسنة، وبهذا تكون البوسنة إحدى الدول النادرة في العالم الإسلامي التي لا يوجد فيها أميون.
والمرحلة الثانية هي الثانوية، ومدتها ثلاث سنوات من الخامسة عشرة إلى الثامنة عشرة، وهذه المدارس الثانوية تشمل تخصصات التعليم العام والمهني ومدارس فنية، وحوالي 80% من الأبناء يواصلون التعليم الثانوي بعد المرحلة الابتدائية، 20% فقط يتوقفون عن التعليم، والذين يواصلون المرحلة الثانوية يمكنهم المواصلة للمرحلة الجامعية، حيث يوجد في البوسنة خمس جامعات أكبرها جامعة سراييفو، وتحوي ثلاثاً وعشرين كلية، إضافة إلى كلية الدراسات الإسلامية في سراييفو التي افتتحت منذ عشرين سنة، وهناك سبع مدارس إسلامية وكليتان لإعداد المعلمين.
البيان
جاء «البيان الإسلامي» الذي نشره المحامي آنذاك رئيس البوسنة حالياً ( على عزت بيغوفيتش) عام 1970، وقدم بسببه للمحاكمة، وقضى في السجن أعواماً تسعة، جاء تحت شعارين:
الأول: هدفنا عودة المسلمين إلى إسلامهم.
والثاني: شعارناً «الإيمان والجهاد»
وحدد ثلاثة مبادئ أساسية وهي:
1- أن الإسلام هو النظام الوحيد الذي يعمل من أجل مجتمع دولي أفضل.
2- أن الإسلام منفتح على العلم، وأي نظرية علمية يجب أن تحتوي في طياتها قيماً إنسانية، وأن تكون تعبيراً صادقاً عن العلاقة بين الإسلام والعلم.
3- أن الإسلام هو تأكيد العلاقة بين الدين والعلم، وبين الأخلاق والسياسة، وبين الفرد والمجتمع، وبين الروحانية والمادية، فالإسلام «وحدة» يربط بينها جميعاً.
وتحت عنوان التعليم جاء في البيان ما يلي:
- الإسلام لا يضعف التعليم، وإنما يجعله أداة للحفاظ على الحضارة والثقافة والمبادئ الدينية.
- ليس هناك أصح وأنفع من اكتساب العلم وتطبيقه.
- نظراً لكثرة عدد الأميين في البلاد الإسلامية، يجب التعجيل بتعميم المدارس والجامعات، لكي لا يضطر المسلمون إلى التعليم عند الآخرين.
- ليس المهم من أين نأخذ العلم والتكنولوجيا، لأننا يجب أن نأخذ العلم إذا أردنا التقدم، ولكن السؤال المهم: إلى متى سنبقى مستمرين في إهمال التعليم، وما استعدادنا لحماية معارفنا وثقافتنا وأخلاقنا؟