فى هذه الحلقة سنركز على ما يعرف بفنيات التعلم الذاتى . لماذا تختلف مهارات التعلم الذاتى من شخص لآخر ؟ الإجابة هذا أمر طبيعى ،ومطلوب فى الوقت ذاته ، لأن التعلم الذاتى القائم على الاكتشاف المستمر يتميز بالتفرد ، والتميز الإبداعى لفرد عن آخر ، من حيث جودة الأداء ، وكذلك مجال التعلم . ومن ثم فلا غرابة أن نجد شخصان يستخدما نفس الخطوات التى شرحناها فى الحلقات السابقة ، والمنتج مختلف لدى كلاً منهما . لأن فنيات التعلم الذاتى التى تميز فرد دون آخر تقتضى ذلك ، وإلا لم يكن تعلماً ذاتياً
من هنا فما هى فنيات التعلم الذاتى ؟
إليك المثال التالى كى نقرب الفكرة بسهولة ، معلمتان متميزتان كلاً منهما على حدى تبحث فى موضوع عن كيفية إيجاد علاج لأزمة المياه فى الخمس سنوات القادمة .
المعلمة الأولى ، وضعت آليات التعلم الذاتى فى مخليتها ، وبدأت تسير على نفس الخطوات السابق ذكرها فى الحلقات السابقة ( يرجى الرجوع إليها) ، فوضعت مجموعة من البدائل لحل أزمة المياه فى الخمس سنوات السابقة ، دون قياسها أو تجريبها فى الواقع .
أما المعلمة الثانية كان لديها من المرونة ، والأدوات الأخرى ، والقدرة على البحث عما هو مختلف، ومميز فى الوقت ذاته ، فبدأت تضع لها فنيات للعمل ، بحيث بدأت ترتب أولويات العمل ، وتضع خريطة ذهنية لدراسة معالم الأزمة ككل ، وتستعين بالرسوم البيانية المتدفقة ، وتضع الصور المعبرة عن العمل المنجز ، وتتفرد بذكر أمثلة من الواقع ، ودراسات سابقة محلية ، وعالمية ، وتضع مقياساً لتقييم أدائها بإستمرار ، وتتابع ما أنجزته من خلال استشارة الخبراء ، والحصول على تغذية راجعة مستمرة ، وتفحص ، وتحلل بإستمرا ر ما تنجزه ، وتتأنى فى عملية العرض النهائى للأطروحة المقدمة كى تقدم أفضل ما يكون . ومن ثم فقامت بوضع بدائل تتميز بالإجرائية ، والقابلية للتطبيق فى الواقع ، وفقاً لظروف المجتمع، واحتياجاته الفعلية .
أما المعلمة الأولى قد نجحت فى الوصول إلى المعلومة بسهولة بمفردها ، وإلى أن تأتى بفكرة جديدة ، لكن لم تستطع دراسة، وتجريب الفكرة بأدوات، وفنيات تمكنها من العمل بكفاءة ، وتطبيق الفكرة فى الواقع المجتمعى .
وما فعلته المعلمة الثانية أنها لم تكتفى بما طرحناه من آليات للتعلم الذاتى ، فقد فكانت لديها فنياتها الخاصة بها ، فى عرض الفكرة، وتجريبها فى الواقع فنجحت أطروحتها على المستوى النظرى، والعملى على السواء .
هذه ببساطة هى فنيات التعلم الذاتى التى تستند إلى :-
-الخروج عن المألوف، والمعتاد .
-إمتلاك الأدوات الخاصة لعرض الفكرة، والتى تتميز بالابتكار، والإبداع .
-التجريب ، والمتابعة لما تم طرحه من أفكار .
-القدرة على ربط الفكرة المقترحة بالواقع .
-دراسة الواقع بشكل يضمن طرح أفكار لم يتم تطبيقها من قبل .
والسؤال الآن هل يرتبط التعلم الذاتى بالذكاء ؟
الإجابة من وجهة نظرى ، ليس شرطاً فوجود قدر كافٍ من التركيز ، والإهتمام ، والانتباه للموضوع المبحوث أفضل بكثير من فكرة الذكاء التى أثبت الكثير من علماء النفس المعرفى تباينها ، وعدم تحديد أبعادها بالضبط خاصة مع القول بالذكاءات المتعدد ة ، لهذا فبعيداً عن فكرة الذكاء التى ليس بالضرورى أن يكون نقيضها الغباء أو الإهمال . وإنما قدر كبير من التركيز ، والاهتمام أفضل بكثير ، وأمر كافٍ لتحقيق شروط الإبداع ، والتميز من أصالة ، ومرونة ، وطلاقة .
لهذا لا تشغلنا فى عملية التعلم الذاتى ، والإلمام بالفنيات اللازمة للتعلم فكرة الذكاء من عدمه نظراً لعدم وضوحها حتى اللحظة الراهنة .
أمر آخر فى غاية الخطورة، والأهمية وهى التنظيم، والترتيب المنطقى لأعمالنا ، وأفكارنا ، وكذلك أولوياتنا هو ما يضمن الوصول إلى أفكار إبداعية قابلة للتطبيق، والقياس فى الواقع .
موعدنا بإذن الله فى الحلقة القادمة لاستكمال موضوع التعلم الذاتى القائم على الاكتشاف المستمر من زاوية مميزة جداً فى الوقت الراهن .
مواقع النشر (المفضلة)