كثيراً عندما نعتلى مكانة ما ، أو نأتى بشئ جديد لم يتناوله غيرنا نتصور اننا ملكنا الدنيا ، ومن عليها ، وأنه لا مخلوق على وجه الأرض يستحق إلا شخصنا فحسب . تلك هى معالم الغرور التى تعد قاطرة الفشل القريب
لأن الله وهبنا العقل كى نبتكر ونبدع لا أن نبقى الوضع على ما هو عليه ، لهذا فالإتيان بشئ جديد أو الإبداع فريضة على كل إنسان عاقل ، كما أن إعتلاء المرء منصباً ما لا للزهو أو الافتخار ، وإنما لتأدية الواجب المنوط به الفرد ، وتأدية رسالة معينة بحكم خبرته ، ومعرفته الواسعة ، لهذا فهو ُمكلف ، وسيحاسب مالم يبدع، ويأتى بالجديد ، ومن ثم لا يمن علينا بمخترعاته أو أفكاره فهذا واجبه .
كلنا ننسى ما خلقنا من أجله ، وهو إعمار الأرض بكل ما هو صالح ، لأننا عقلاء نعمر، ونبنى، ونبتكر، ونبدع هذه فريضة البشر
وقد اتصف سيد العالمين بأسمى سمات العلماء وهى التواضع ، فرغم سعة علمه ، وتفرده عن بقية الخلق بالعلم ،والمعرفة التى أوحاها رب العزة إليه ، إلا أنه تحلى بتواضع العلماء الذى يزيد من قدر العالم ، ويوسع من مقدار، وحجم معرفته ، وقدرة بصيرته .
وعن قيس بن مسعود أن رجلاً كلم رسول الله يوم الفتح فأخذته الرعدة ، فقال النبي
" هون عليك فإنما أنا ابن امرأة من قريش تأكل القديد "
وعن أنس قال : دخل رسول الله يوم الفتح ، وذقنه على راحلته متخشعاً . أرأيتم تواضعاً أعظم من ذلك ؟ قائد يظفر بخصومه الذين أخرجوه من بلده ، وقاتلوه ، وسبوه .. ، ثم يظفر بهم ويدخل معقلهم دخول الفاتحين ، ومع ذلك يطأطىء رأسه عند انتصاره على عدوه تواضعاً لله وشكراً فما أعظمه من قائد ، وما أجله من مربِ!!
والتواضع مضاد التكبر ، وهي خصلة ذميمة لا تعود على صاحبها بالنفع .
لقد كان علم الرسول يفوق بنى البشر من حيث المنهج وطريقة التفكير ، والقدرة على الإقناع والإتيان بالدليل العقلى ، والنقلى على صدق علمه ، هذا مع القدرة على الإستنارة بتوجيهات وآراء الآخرين واحترام وجهات نظرهم حتى ، ولو على غير صواب أو تفتقر إلى البرهان والحجة المقنعة ، ومع كل هذا إلتزم التواضع ، وتحلى بالخلق العظيم فوصفه رب العزة ( وإنك لعلى خلقٍ عظيم ) . ونحن نفعل عبارة yes we act يا ليتنا ندرك قيمة التواضع ، ونتحلى بها فى حياتنا الدنيوية قبل فوات الآوان .
مواقع النشر (المفضلة)