المهارة والتربية الرياضية :
طبيعة المهارات الرياضية:
يستخدم مصطلح المهارة بطرائق متنوعة ومتعددة خلال الحديث اليومي العابر، ففي المنزل نسمع الأباء يتحدثون عن مهارات أبنائهم في المشي أو السباحة أو لعب كرة القدم، وفي الصناعة يصنف العمال على وفق مهاراتهم (عمال ماهرين وشبه ماهرين وغير ماهرين)، وكذلك فيما يتعلق بالتخصصات المختلفة في بقية مجالات الحياة. ويمكننا ان نقول بان المهارات كافة هي حسية حركية (Sensory motor) في طبيعتها، فالمعلومات الواردة عن طريق الأعضاء الحسية والتوجيهات الصادرة من الدماغ هي من الأهمية للمهارة بما لايقل عن الجوانب الحركية. ونظرا لاشراك الجوانب الادراكية بشكل فعال في أداء المهارات الحركية وبخاصة المركبة فان اغلب المهارات الحركية في المجال الرياضي تسمى بالمهارات الادراكية – الحركية (Perceptual motor skills).
في المجال الرياضي يمكن استخدام مصطلح المهارة بأشكال مختلفة منها:
أولا: يستخدم مصطلح المهارة أحيانا للإشارة إلى نشاط يظهر نتيجة لعملية النمو للكائن الحي، كالمشي والزحف والقفز والركض وغيرها، وتسمى هذه الحركات أحيانا بالمهارات الأساسية أو الأولية. وبما أن المهارة مكتسبة (يقوم الفرد بتعلمها)، بينما المهارات الأساسية لم تكتسب عن طريق التعلم بل النمو، فيفضل عدم استخدام مصطلح المهارة هنا وتسميتها بالحركات الأساسية. وهذه الحركات ليس لها أهداف محددة، والتمرين عليها يجعلها في حالة استعداد دائم للاستخدام متى ما دعت الحاجة إلى استخدامها، ويمكن عندما يصبح لهذه الحركات أهداف محددة بوضوح كما هو الحال في سباقات المشي والركض والوثب ان تدرج ضمن أشكال المهارات الأخرى.
ثانيا: يستخدم مصطلح المهارة أحيانا للإشارة إلى الفعل الذي يهدف للقيام ببعض الحركات بشكلها الصحيح من الناحية الميكانيكية، مثل تمكـن الرياضـي من تنفيذ أسلوب قفزة فسبوري Fasbury Flop في القفز العالي بشكل جيد ولكن على ارتفاع منخفض فقط، أو يتمكن لاعب التنس من تنفيذ الضربات المختلفة بطريقة صحيحة من النواحي الميكانيكية أثناء التدريب ولكنه يعجز عن تنفيذها في مباراة حقيقية، أو إتقان لاعب كرة القدم لبعض التمريرات أو التصويبات التي يؤديها أثناء التدريب ولكنه يعجز عن تنفيذها بالشكل المناسب والمطلوب في المباريات. وفي مثل هذه الحالات يفضل استخدام مصطلح (التكنيك) بدلا من المهارة، إذ انه اكثر ملائمة، فيعرف التكنيك بأنه أسلوب أداء الحركة الصحيح ميكانيكيا (فنيا) لمهارة معينة وهو جزء مكمل ومهم من المهارة ولكنه ليس جزئها الأساس.
ثالثا: تشير المهارة أحيانا إلى فعل أو مجموعة كاملة من الأفعال التي لها هدف أو عدد من الأهداف المحددة بوضوح وفي مثل هذه الحالات فان المهارة قد تشمل من جهة أفعالا مثل رمي الرمح والغطس إلى الماء والوثب الطويل، حيث يكون للتكنيك دور فعال في الاداء، ومن الجهة الأخرى يمكن ان تشمل أفعالا مثل كرة القدم وكرة السلة والكرة الطائرة وغيرها حيث تعد ردود الفعل للبيئة الخارجية عاملا أساسيا في أدائها، فقد يمتلك لاعبي كرة القدم مقدرة جيدة في السيطرة على الكرة والمحاورة بها ولكن عدم مقدرته على استخدامها بشكل مناسب في اللعب يدل على عدم إتقانه لمهارة لعب كرة القدم. ويمكن أحيانا أن يمتلك لاعب التنس تكنيكا جيدا للضربات المختلفة لكنه يفتقر إلى المهارة في لعبة التنس بسبب عدم مقدرته على إدراك المواقف والأوقات المناسبة لاستخدام كل ضربة من تلك الضربات. ففي هذا النوع من الرياضة يكون لاتخاذ القرارات دور كبير في تحديد مستوى المهارة.
وفي مهارات مثل رمي القرص وسباحة المسافات القصيرة ومسابقات الوثب والقفز بالعاب القوى يعد الفعل الحركي (Motor action) العامل الحاسم في الاداء، بينما يعتمد أداء المهارات في الألعاب الفرقية والمنازلات على مقدرة الفرد في إدراك ما يدور حوله والقيام بالاستجابة الملائمة للظروف المحيطة به.
ويرى كل من (Guthrie) و (Knapp) المهارة بأنها (المقدرة المكتسبة لتحقيق أهداف محددة سلفا بأقصى درجة ممكنة من الثقة وبحد أدنى من الإنفاق في الزمن والطاقة). ففي التنس الأرضي على سبيل المثال قد نلاحظ تقارب المستوى المهاري لدى لاعبين بالنسبة للضربات وتوجيه الكرات ولكن اللاعب الذي ينفق قدرا اقل من الطاقة على ارض المعلب للحصول على النتائج نفسها يعد هو الأفضل والأكثر مهارة.
إن الأهداف المحددة مسبقا للمهارة يمكن ان يكون أساسها السرعة أو الدقة أو القوة أو النوعية أو الصعوبة أو مجوعة مما سبق ذكره، فالغطس إلى الماء والحركات الأرضية في الجمباز على سبيل المثال تعد رياضات تتطلب مجموعة من العناصر كالدقة والصعوبة والنوعية. وفي بعض الأحيان يكون تحقيق الفوز هو الأساس للأهداف المحددة كما هو الحال في العديد من الرياضات ككرة القدم وكرة السلة والكرة الطائرة والمنازلات ففي هذه الألعاب يحقق اللاعبون أحيانا النتائج نفسها ولكن بطرائق متنوعة اذ يستخدم اللاعبون حركات مختلفة للتعامل مع ظروف مشابهة.