ارقد في سلام
جنازة ((لا أسستطيع))

لا أستطيع و لا استطيع و لا أستطيع ..............................



كانت حجرة الصف الرابع الخاصة بـ ((دونا)) تشبه أيه حجرة أخرى رأيتها في الماضي . فالطلبة يجلسون في خمسة صفوف لست طاولات، أما المكتب الخاص بالمعلم فكان في المقدمة مواجهاً للطلبة . و كانت هناك لوحة توضح عمل الطلبة ، و هي تشبه إلي حد كبير تلك الموضوعة في فصول المرحلة الإبتدائية . غير أن هناك شيئاً بد مختلفاً في ذلك اليوم الذي دخلت فيه الفصل لأول مرة، فقد كانت هناك إثارة.
كانت دونا مدرسة في بلدة صغيرة بولاية متشيجان ، بعد عامين من سن التقاعد . بالإضافة إلي ذلك فقد تطوعت في مشروع تنمية البلاد ، و الذي قمت أنا بتنظيمه و تيسير عمله ، و قد تركز التدريب على أفكار فنون اللغة ، و التي سوف تجعل الطلبة يشعرون بالرضا عن أنفسهم ، و يتولون شئون حياتهم . و كانت مهمة دونّا هي حضور جلسات التدريب ، و تطبيق المفاهيم المعروضة . أما مهمتي فكانت زيارة الفصول الدراسية و تشجيع التطبيق .
جلست على أحد المقاعد في آخر الصف و راقبت ما يحدث . فقد كان جميع التلاميذ يملؤون ورقة بالأفكار و المعتقدات ، و كانت الطالبة الجالسة بجواري و البالغة من العمر عشرة أعوام ، تملأ ورقتها بـ (( لا أستطيع))
(( لا أستطيع ركل كرة القدم لأبعد من القاعدة الثانية ))
(( لا أستطيع إجراء القسمة المطولة لأكثر من ثلاثة أرقام ))
(( لا أستطيع جعل ديبي تحبني))
كانت ورقتها مملؤة حتي المنتصف ، و لم تكن هناك أى دلالات علي التوقف ، فقد واصلت عملها بإصرار و تصميم .
و أخذت أتنقل عبر الصفوف و أنظرؤ في أوراق الطلبة و لاحظت أن الجميع يكتبون عن الأشياء التي لا يستطيعون القيام بها .
(( لا أستطيع عمل عشرة تمرينات ضغط))
(( لا أستطيع إصابة من يحوم حول السياج))
(( لا أستطيع أكل كعكة واحدة))
و عند هذه اللحظة أثار هذا النشاط فضولي ، و لذلك قررت أن أراجع المعلمة لأرى ما الذى يحدث . بينما كنت أقترب منها لاحظت أنها أيضا كانت مشغولة بالكتابة . و شعرت أنه من الأفضل عدم مقاطعتها .
(( لم أستطع جعل والدة جون تحبني))
(( لم أستطع جعل آلان يستخدم الكلمات بدلاً من اللكمات ))
و قد جعلني هذا أبذل قصارى جهدي ، لتحديد السبب الذي يجعل الطلبة و المعلمة يتكلمون فقط عن الأشياء السلبية ، بدلاً من الكتابة عن الأشياء الأكثر إيجابية (( أستطيع)) عدت مرة أخرى إلي مقعدي و تابعت ملاحظاتي . استمر الطلبة في الكتابة لمدة عشر دقائق أخرى ، ملأ معظمهم أوراقهم ، أما الباقون فقد استخدموا ورقة أخرى .
و كانت تعليمات دونّا صريحة (( أتموا الورقة التي بين أيديكم ، و لا تبدءوا أخرى جديدة )) و كانت هذه إشارة للتوقف ثم طلبت منهم ثني أوراقهم و إحضارها إليها ، و عندما وصل الطلبة إلي مكتب المعلمة قاموا بوضع الأوراق المليئة بعبارة ( لا أستطيع)) في صندوق حذائها الفارغ .
و عندما تم جمع كل الأوراق وضعت دونا ورقتها ، ثم قامت بتغطية الصندوق و أمسكت به و خرجت من الفصل متجهة نحو الردهة ، و تبعها الطلبة و تبعتهم بدوري .