بدايات الشاطر السياسية في الجامعة
تنبه خيرت الشاطر مبكراً إلى دنيا السياسة، فطرق أبوابها مع أولى خطواته في الجامعة، في زمن النكسة، حين أظلم المستقبل في وجه جيل، أقنعه عبدالناصر بأن الدنيا ملك يمينه، فإذا به يهزم ويكسر، ولا يجد إلى انتصاره من سبيل.
داخل أسوار الجامعة كان التيار الإسلامي هو الأقوى جذباً له، فانجرف معه، ليناله ما نال رفاقه من ظلم وقمع، ليبدأ رحلته مع السجن عام 1968، اشترك في مظاهرات الطلاب في نوفمبر من ذلك العام التي خرجت تطالب بالقصاص من كل من تسبب في الهزيمة، خيرت الطالب الجديد في العمل السياسي، كان من بين ألوف رفعت سلاحها 'صوتها' في وجه الظلم، فلم يكن جزاؤه سوى السجن الذي تعرف اليه في زيارة أولى كانت الأقصر - أربعة أشهر - لم يكن ذلك فحسب بل فصل من الجامعة وجند في القوات المسلحة في فترة حرب الاستنزاف قبل الموعد المقرر لخدمته العسكرية، لم يفت ذلك كله في عضد الفتى، فهو كما الأبطال وإن لم يكن يدرك ذلك حينها يواجه قدره وإن ثقل عليه بقوة صبر وعزيمة، ولذلك تجاوز تلك الفترة ليعود لجامعته ويتخرج مهندساً عام 1974.
يحتاج البطل إلى جماعة كي يتقوى بها، فالبطل الفرد - كما تعلمنا التراجيديا - دائماً ما يسقط في أخطاء قد تتسبب في موته، لهذا سعى الشاطر إلى الانضمام إلى جماعة الإخوان المسلمين كي يكون حجراً في بناء ذي أساس قوي، يزيد من شدته ويرشد قراراته فلا يقع في الخطأ التراجيدي'.
خيرت كان عضوا في منظمة الشباب الاشتراكي
والغريب أن هدى، ولاحظت أن آخرين ساروا مثلها كانوا يتعمدون الابتعاد تماماً عن ذكر أن خيرت كان عضوا في منظمة الشباب الاشتراكي المنبثقة عن تنظيم الاتحاد الاشتراكي في هذه الفترة، وحتى لا تغضب هبة زكريا من هدى، فإننا نشير إلى قولها في نفس العدد: 'هل قرار الإخوان أمس بالترشح للرئاسة هو من باب 'ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم' أم من باب 'الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فأخشوهم'؟
هل من أيد قرار جماعته واستعد ليبذل وقته وجهده وماله وولده في المعركة القادمة يعلم علم اليقين أن هذا هو الطريق الصحيح لتحقيق الغاية وبلوغ الهدف ونهضة الوطن والتمكين للرسالة الخاتمة في الأرض وعودة الأمة إلى سابق عزها ومجدها؟
هل من صدم بقرار جماعته وقرر أن ينتزع نفسه من أحضانها ويقاسي في ذلك ألماً لا يدركه إلا من ترعرع في جنبات هذه الدعوة المباركة، فتنسم عبير الأخوة في الله واختلطت الفكرة بكيانه فذابت الحدود الفاصلة وصارت حياته لدعوته، ودعوته هي حياته، في هذه اللحظات فقط، ندرك لماذا دخل النبي - صلى الله عليه وسلم - مكة يوم الفتح غاضاً ناظريه غير مباه، فإنما يعلم أنه كلما فتحت الدنيا زادت المساحات الرمادية وانتقلت الخيارات من خانتي الصح والخطأ إلى خانات عدة تحمل ألف صح وألف خطأ، كان صلى عليه وسلم يدرك جيداً أن هذه هي اللحظة الفارقة في تاريخ دعوته وأمته وأصحابه الذين تحدوا سياط العذاب، فمن يضمن له ألا تهزمهم سيوف الفتن، في هذه اللحظة فقط يدري قلب رباني كقلب محمد - صلى الله عليه وسلم - أن ما يراه البعض قمة التمكين إنما هو قمة الضعف والفقر والعوز لله عز وجل'.
مواقع النشر (المفضلة)