تسامح العقلاء


التسامح فضيلة العقلاء ، والحكماء الذين يعرفون أن الدنيا قصيرة مهما طالت ، وأن الله سيرث الأرض ، ومن عليها يوم تأذف الآذفة . كما أن العقلاء يدركون أن الله من صفته التسامح ، والعفو فيكون لسان حالهم دوماً مَن أنا كى لا أعفو عن الإساءة أو الأخطاء من الآخرين ؟!!!!
ولكن هل كل التسامح مقبول ؟ وهل يمكن العفو بلا إصلاح أو تصحيح إعوجاج ؟
ولكى تعفو عن شئ من الضرورى ألا يكون هناك أذى للآخرين بعد عفوك، وتسامحك ، أما إذا كان الإيذاء مستمراً ،ومتواصلاً فلا مجال للتسامح ، ويكون من الحكمة ، والعقل هو اتخاذ الموقف الصالح لمنع الأذى أو الظلم .
المسألة تحتاج إلى روية فالعفو ، والتسامح فى حق الآخر أو على المستوى الشخصى مقبول ، لكن فى حق الوطن ، ومصلحته الأمر بحاجة إلى مراجعة كى يتم إرضاء جميع الأطراف ، وإلا لا يكون ثمة تسامح بل تهاون فى الحقوق .
وشتان بين التسامح فى هذه اللحظة ، وبين تسامح العقلاء النابع عن دراسة، وروية ، ورؤية واضحة لمصلحة الجميع ، وليس المصلحة الشخصية فحسب .
كم منا قد تنازل عن حق المجموع من أجل أن المخطئ فى حق فلان أو فلانة قام بإرضائه أو إرضائها على حساب الجماعة ؟
هنا الفكرة لا تنم عن تسامح بل خيانة للمصلحة العامة من أجل تغليب المصلحة الشخصية .
تسامح العقلاء هو ما نريده ، نحن نريد حكماء يدركون ما يفعلون ، ولا يبيعون الوطن من أجل مصالحهم الشخصية . المسألة خطيرة لأنها توجد على مستوى الهيئات ، والمؤسسات الحكومية التى من المفترض أنها تحقق مصلحة الوطن .
التسامح له شروط كى يتحقق ، كى لا يتحول إلى تهاون فى حقوق الغير . وهذا ما ننشده فى yes we act ، وهو تسامح العقلاء الحكماء .