مصر التي لا نعرفها!

لم أكن لأتوقع أو أتخيل أو أتصور أن هناك مكان في مصر بهذا الجمال و الروعة في قلب الصحراء، قد يعود بك الزمن الي آلاف السنين يمتزج فيه الواقع بالخيال و الحقيقة بالأساطير، كانت تدعي "بنتا " كما وجد في معبد ادفو تم سميت "سانتاريه " ثم أطلق عليها العرب اسم " الواحة الأقصى " ثم سميت بـ سيوه! و هي بقعة خضراء في وسط الصحراء القاحلة تبتعد عن مرسي مطروح بمسافة 306 كم جنوب غرب مرسى مطروح و نحو 820 كم من القاهرة يحدها من الشمال سلسلة من الجبال الصخرية و من الجنوب سلسلة من الكثبان الرملية و يقبع تحتها اكبر كنوز مصر الذي لم تعرف قيمته بعد و لو كان هذا الكنز عند دوله مجاوره لنا تعرفونها جيدا لعرفوا كيف يستفيدوا منه ، هل عرفتم هذا الكنز؟



و هي من أقدم الواحات المصرية وهى تقع تحت سطح البحر المتوسط بحوالي 17م و مناخها معتدل في فصلي الشتاء و الخريف شديد الحرارة في الصيف! و تبلغ مساحة سيوه 94263 كم2 ويبلغ إجمالي عدد السكان بها 17 ألف نسمة فقط.
و هي أشهر واحة في مصر بل و في إفريقيا أيضا لما تنفرد به عن باقي الواحات حيث يرتادها السائحون من جميع أنحاء العالم لما تتمتع به من جذب سياحي كبير بها معبد تتويج لإسكندر الأكبر و أطلال مدينة شالي القديمة ،و معبد آمون و معبد الوحي و الواحات المندثرة و القرية المتحجرة و القواقع المتحجرة التي يرجع تاريخها الى ملايين السنين كما يوجد بها عيون المياه الطبيعية الساخنة الصالحة للعلاج الطبيعي و علاج الروماتيزم و الروماتويد و آلام المفاصل و يوجد بها منطقة جبل الدكرور حيث الدفن في الرمال الساخنة المشعة و بها أربع بحيرات لعيون المياه المتدفقة من أجمل ما تراه في حياتك!

واحة سيوه .. حكاية لها العجب
و تحت عنوان واحة سيوه .. حكاية لها العجب ! انقل لكم هذه الفقرات و هي لكاتب لم اعلمه و كم أتمني إن اعرفه يقول في هذا المقال الرائع:
من الصعب إذا أردت الحديث عن واحة سيوه الكبرى أن تقنع من تحدثه أنك تتكلم في الحاضر وليس الماضي السحيق، والأصعب منه أن تبحث عن نقطة البدء، فبأي خيوط الأسطورة نبدأ: من كرامات سيدي سليمان؟ أم جبل الدكرور؟
يمكن أن أبدأ من حكاية الغولة أو من جبل الموتى.. لا أدري.. فالحكايات والأساطير والعادات ثرية ثراء هذه البقعة الخلابة.. لكن لنبدأ من دعوة الشيخ الطرابلسي التي تركت بصمتها علي كل شيء في سيوة.
دعوة الشيخ التي أصابت واحة الجارة
كان الشيخ الطرابلسي قادمًا من ليبيا في طريقه إلى الحجاز سيرًا على الأقدام لأداء فريضة الحج، فمر بواحة "الجارة" أو "أم الصغير" إحدى الواحات السيوية الصغيرة فرشقه بعض الصبية بالحجارة، فدعا عليهم الشيخ بقلة النسل، وقد كان.
هذا ما استقر في ذاكرة أهالي الواحة التي تُعَدّ أصغر واحة في مصر حيث لا يتعدى سكانها 340 نسمة لا يزيدون ولا ينقصون، ويسود اعتقاد قديم لدى الأهالي أنهم لو أنجبوا طفلا في الصباح فإن شيخًا من كبار السن سيموت في المساء، وتصادف أنه كثيرا ما كان يحدث ذلك.
وحين تزور واحة الجارة عليك أن تقطع 130 كم من واحة سيوة حتى تصل إلى هذه الواحة التي يحيط بها من الخارج سور أشبه بأسوار القلاع له باب واحد فقط يغلق على سكانها في المساء خوفًا من الضباع التي تعيش بكثرة على تخومها وتهدد أهل الواحة وتفتك بثروتهم الحيوانية.
وأهل "الجارة" ظلوا حتى قيام ثورة يوليو 1952 لا يعرفون شكلاً من أشكال العملة النقدية مكتفين بالمقايضة، وهم يعيشون -إلى الآن- على الزيتون والبلح ويستخدمونه في المقايضة بما يحتاجونه من سكان القرى الأخرى والأغراب، وهم في حياتهم أشبه بجدارية عتيقة، فمنذ قديم الأزل لا يفكرون إلا في دعوة الشيخ الطرابلسي، ويدعون الله أن تنتهي هذه اللعنة التي أصابت نسلهم!.
و في كل عام عندما يحل شهر أكتوبر وعند اكتمال القمر تبدأ احتفالات أهالي سيوة بعيد الليالي القمرية أو "عيد السلام"، فعند سفح جبل الدكرور يجتمع السيويون شيوخا وشبابا وأطفالا ونساء، تاركين منازلهم، يجتمعون على مائدة واحدة، حيث يحمل كل شيخ قبيلة مائدة من الطعام على رأسه ليقدمها لكل الناس، لا فرق بين غني وفقير، ولا يبدءون في تناول الطعام قبل إطلاق إشارة البدء من شخص يسمى القدوة يجلس في أعلى مكان على الجبل، وبعدها تبدأ الاحتفالات والأناشيد لأهم عيد في سيوة. وعندما يحل مساء اليوم الأول للاحتفالات يجلس شيوخ القبائل يروون قصص البطولات والتصدي للغزاة وأمجاد سيوة القديمة ويروون أشهر قصة تصالح وهو التصالح الكبير بين السيويين الشرقيين والغربيين والذي كان الفضل فيه للشيخ أحمد الظافر المدني الذي صاهر بين الشرقيين والغربيين ليسود التسامح وتذهب الخلافات، ومن هنا اتخذ هذا اليوم من كل عام ذكرى طيبة للاحتفال بعيد السلام كعيد قومي للواحة.
وفي "يوم المصالحات" تعقد المصالحات لإنهاء الخلافات بين القبائل، وبعد التصالح يتناول الجميع الغذاء، دليلا على انتهاء أي خصومات وقعت على مدار العام.
وفي اليوم الثالث يرتدي شخص جلبابا أبيض ويطوف على المنازل ليأخذ من كل بيت شيئا يؤكل، ويتم عمل وليمة كبيرة يتجمع الأهالي لها مرة أخرى؛ تأكيدا للتصافي والتسامح، وتسمى هذه الوجبة "النفخة"، ويزور هذا العيد -عيد الليالي القمرية- نحو 30 ألف زائر وسائح سنويا ليشاهدوا هذه الطقوس السيوية العريقة.