ب ـ تحديـات تتعلـقبإعـداد المـعـلـم من الدعوات التي تتردد حديثاً في الدراساتالتربوية، أنه لا تطوير للمنهج بدون تطوير للمعلم، وأنه لا يمكن إحداث التطويرالمهني للمعلم بدون تطويره الشخصي. والواقع إن تطوير إعداد المعلم يعتبر من أكثرميادين التربية دعوة للإصلاح باعتباره حجر الزاوية في العملية التعليميةوالتدريسية وأنه إذا صلح المعلم صلح التعليم (مرسي، 1996م). وقد خلص بشارة في كتابه " تكوين المعلمالعربي والثورة العلمية " في منتصف الثمانينات من القرن الماضي الميلادي إلىأن أهم ما يميز واقع برامج إعداد المعلم العربي ما يلي:1.تعجز برامج التكوين الحالية عن تزويد الطالب ـ المعلم بمهارة التعلم الذاتي، الأمرالذي يجعله غير قادر على متابعة التغيرات التي تطرأعلى محتويات المنهج نتيجةالتقدم العلمي والتكنولوجي في العصر الحديث (عصر العولمة).2.لا يحظى الجانب العملي التطبيقي في برامج الإعداد بالقدر الكافي من الاهتمام، بليغلب عليه الطابع الشكلي في الإشراف والتنظيم، بينما تبالغ هذه البرامج في أهميةالدراسات النظرية ذات السمة غير الوظيفية مما أدى إلى معاناة حقيقية لدى خريج تلكالمؤسسات من شعور بالفجوة بين ما مر به من خبرات خلال إعداده وما يواجهه في حياتهالعملية، ولا شك أن هذا ينعكس سلباً على أداء المعلم.3.التكامل بين الجوانب الثلاثة لبرامج إعداد المعلم ( الأكاديمي، الثقافي والمهني)موجود كفكرة، بينما هو غائب في الممارسة العملية، فالتنسيق ضعيف للغاية بينالقائمين على تعليم الجانب التخصصي والثقافي، وضعيف كذلك بين كل من الجانبينالتخصصي والثقافي وبين الجانب المهني، مما ينعكس بدوره على عملية الإعداد بحيثيبدو البرنامج وكأنه مجموعة من المواد المنفصلة التي لا رابط بينها. ويصبح الأمربالنسبة للطالب مجرد دراسة كل مادة بصورة مستقلة لأداء الاختبار فيها، بل غالباًما يخفى على الطالب دواعي ومبررات دراسة الموضوعات التي تعلمها.4.إن تقويم نمو الطلاب يتم بصورة متخلفة رغم أن مؤسسات إعداد المعلمين تهتم بالقياسوالتقويم التربوي كمقررات دراسية في إطار الإعداد المهني، إلا أن هذه المؤسساتنفسها تستخدم الأساليب القديمة في تقويم طلابها، وكثيراً ما يتم التركيز على تقويمالجانب التحصيلي فقط. (بشارة، 1406هـ) ولقد توصلت دراسة قُدّمَت إلى حلقة عن إعدادالمعلم في العالم العربي نظمها مركز البحوث التربوية والنفسية في كلية التربيةبجامعة أم القرى بالتعاون مع المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (حجروآخرون، 1982م)، إلى مجموعة من الحقائق ، من أهمها:1. إن مجموعة الضوابط المكونة لفلسفة إعداد المعلم العربي كانتولا زالت تقوم على نظرة جزئية، لا نظرة شاملة. فلم توضح العلاقة بين إعداد معلمالمرحلة الابتدائية، وإعداد معلم المرحلة الثانوية، وإعداد معلم التعليم الفني.ومن هنا يأتي التضارب أحياناً والتداخل أحياناً، والتباعد في أكثر الأحيان.2. ما يزال اعتقاد بعضالسلطات بأن لها الأحقية في الاشراف على إعداد المعلم لأنه يعمل في مدارسها.3. إن السياسة التربويةالحالية لإعداد المعلم العربي ما تزال بطيئة في تقبل ما هو مستحدث وجديد ( من أمثلة هذه المستحدثات: التعليم الذاتي،التعليم المبرمج، التعليم المصغر، الإعداد القائم على الأداء، الإعداد القائم علىأساس التمكن والمقدرة، استخدام أوعية تكنولوجية حديثة لنقل المادة العلمية تعتمدعلى قوالب تنظيم محتوى المنهج مثل المنظومات والتعيينات وغيرها من الأساليبوالاستراتيجيات والاتجاهات المستحدثة). وهكذا يمكن الاستطراد في سرد التحديات التيتتعلق بإعداد المعلم العربي والتي عبرت عنها المؤتمرات والبحوث والدراسات الخاصةبإعداد المعلم . وبالإستعانة بنتائج تلك المؤتمرات والبحوث يمكن تحديد أهمالتحديات التي تواجه إعداد المعلم العربي في عصر العولمة على النحو التالي:1. العناية بإعداد معلمي المستقبل لتربية تلاميذهم تربية قائمةعلى مبادئ العقيدة الإسلامية، ولتوجيه تدريس مواد تحصصهم توجهاً إسلامياً.2. العناية باللغة العربية الفصحى ليس فقط من كونها لغة مصادرالثقافة الإسلامية، ولكن أيضاً من حيث كونها لغة تدريس جميع المواد الدراسية.3. إعداد معلمي المستقبل لإجراء البحوث التربوية التي تسهم فيإيجاد حلول لمشكلات كل من المتعلمين والمناهج الدراسية والإدارة المدرسية وغيرهامن المشكلات التربوية.4. العناية باكتساب المعلم كفايات العمل داخل حجرة الدراسة، ومنثم التركيز على اكتساب المهارات اللازمة لذلك من خلال الأساليب الحديثة مثلالتعليم المصغر والتحليل اللفظي للأداء وغيرها.5. التركيز على كل من التقويم الذاتي وتقويم النمو الشاملللتلاميذ باستخدام أساليب موضوعية متنوعة، واستثمار التغذية العائدة من التقويم فيالتشخيص والعلاج.6. العناية بمهمات المعلم في حال استخدام الحاسب الآلي أو التعليمالمبرمج أو التعليم عن بعد أوغيرها من الأساليب التي تُغير من النمط التقليديلمهمات المعلم في العملية التعليمية.7. العناية بمختلف جوانب مسؤوليات المعلم التربوية التي سوفيواجهها في عمله مثل: تحديد الأهداف التربوية والتعبير عنها بأسلوب إجرائي ولغة دقيقةوترجمتها إلى أنماط سلوكية، والتخطيط لتحقيق هذا السلوك والتعاون مع الآخرينلتحقيقه.8. إعداد المعلم لمهمات أخرى في عصر العولمة مثل: إرشاد الطلابوتوجيههم وحل مشكلاتهم، وإسهامه في خدمة بيئة المدرسة بما يجعل المدرسة مركز إشعاعثقافي وتربوي بما يُعين على التغلب على محاذير العولمة الخاصة بالغزو الثقافيوتقليص العلاقة الحميمة بين المثقف والحياة من حوله.9. العناية بالتطوراتالحديثة في مجال التخصص، وبالمهارات التدريسية بما يُقدم منه في المناهج الدراسية. 10. العناية بتطبيقاتمادة التخصص في المقررات الدراسية الأخرى بالمرحلة التي يعد المعلم للتدريس فيها وتطبيقاتها في الحياةالعملية. 11. التركيز على المهارات التدريسية التي تساعدالمعلم على أن يُعنَى بتنمية طلابه تنمية شاملة، وأن يفتح لهم آفاق التفكير الناقد بمايُمَكّنهم من إدراك مخاطر العولمة المتمثلة في الغزوالثقافي والتواصل الإعلامي الذي يسعى للاستحواذ على ثقافة ووجدان الأمة وتهديدموروثاتهاالاجتماعية.12.الاهتمام باكتساب المعلم للمهارات الخاصة باختيار التقنية التعليمية الحديثةووسائلها المعاصرة حتى يكون قادراً على استيعاب واستخدام نتاج الثورة التقانيةوالاستفادة من إنجازات العلوم وثورة المعلومات التي فتحت آفاقاً جديدة في شتىالمجالات.13.الاهتمام باكتساب المهارات التدريسية الخاصة بتعليم الأعداد الكبيرة من الطلاب ،والعناية بالفروق الفردية، والعناية باستخدام أساليب التدريس الحديثة مثل التدريسبالفريق، والتدريس لتحقيق التمكن، وتفريد التعليم، واستخدام المكتبة، وإجراءالبحوث والدراسات الميدانية وغيرها 14.الاهتمام بتحطيط النشاط المدرسي وتنفيذه وتقويمه بما يحقق الأهداف التربويةالمنشودة منه، ومنها:· ممارسة الشورى والمحافظة على الحق العام وحقوق الآخرين.· تنمية مواهب الطلاب وقدراتهم ورعاية ميولهم المفيدة.· تعويد الطلاب على العمل الجماعي وتحمل المسؤولية.· مساعدة الطلاب على اكتساب الثقة بالنفس واكتساب مهاراتالقيادة.· إتاحة فرص الإبداع والابتكار، والتعبير عن النفس بالأسلوبالمناسب.· فتح قنوات الاتصال بين المجتمع المدرسي وبيئة المدرسة.وهيأهداف ـ في مجملها ـ تسعى إلى المحافظة على الموروثات الاجتماعية للأمة وعلىهويتها الدينية والثقافية، وفي هذا سعي لمواجهة ما يُتَوقع أن تعود به العولمة منأضرار في المجال التربوي الثقافي الاجتماعي من تهديد للموروثات الاجتماعية وتعميمالثقافات الغربية والغزو الثقافي للاستحواذ على ثقافة ووجدان الأمة وتكثيف النهجالإستهلاكي.15. العناية بتزويد المعلمبالمفاهيم الحديثة لتنظيم خبرات المنهج الدراسي مثل مفهوم النظم،