إحنا دافنينه سوا
هل فكرت يوماً ما فى أصل هذا المثل ومناسبته ؟
يقال: إن اثنين من لصوص الحمير
تسللا في الظلام إلى إحدى الزرائب وسرقا حمارًا وسحباه
إلى خارج القرية حتى وصلا إلى منطقة فيها بصيص من النور.
وعندئذ تبين
لهما أن الحمار الذي سرقاه حمار هزيل
معتل الصحة، بل هو
باختصار شديد، عبارة عن جلد على عَظْم
وعلى وشك الموت في أية لحظة.
وطوال الطريق ظل اللصان يندبان حظهما التعس
الذي أوقعهما في هذا الحمار
الذي لا يساوى شيئًا في سوق الحمير
بل ولا يوجد أي مغفل يمكن أن يشتريه ولو بأبخس الأثمان.
وفجأة توقف الحمار عن السير
وسقط على الأرض
وانتفض مرتين ثم نفق ومات.
وزاد همُّ اللصين
فجلسا على الأرض
ليستريحا قليلاً
وليفكرا في طريقة لسرقة حمار آخر
بدلاً من الحمار النافق.
وكان اللص الأول أذكى قليلاً من اللص الآخر
فقال: إن من الواجب أولاً أن ندفن الحمار
لإخفاء جسم جريمة السرقة
ثم نبحث عن طريقة للحصول على أموال الناس
ويا حبذا لو كان ذلك برضاهم!
فـ"النَّصْب"(أي الغش والخداع) أحسن من السرقة وأكثر أَمْنًا!
فعلينا أن ندفن الحمار
ونقيم فوقه ضريحًا صغيرًا
ونجتهد أن نقنع الناس من سكان القرية
وسكان القرى المجاورة
بأننا غريبان كنا في صحبة رجل صالح
وهو رجل كان حبيبًا للحمير وعطوفًا عليها، وله بركات يعرفها كل الحمير!!.
وحبكة هذه القصة تقتضى أن يدَّعيا أنهما أقاما له ضريحًا حيث مات؛ لتستمر بركاته على الحمير في كل أرجاء المنطقة ووضعا صندوقًا من الخشب
يسمى"صندوق النذور"
يضع فيه طالب الحاجة ما تجود به نفسه.
ولبسا عمامتين خضراوين كمظهر مميز للمهنة الجديدة.
وهكذا أقيم للحمار النافق ضريحٌ شاعت شهرته
وأخذ أصحاب الحمير يقصدونه
ليبارك حميرهم
وكان اللصان يشرفان على شئون الضريح، ويحصلان من الناس على"أتعاب"محترمة، وكانا يبيعان أيضًا أحجبة وتمائم لتعليقها برقاب الجحوش الصغيرة؛ لتقيها شرَّ أعين الحاسدين، وتمنحها القوة والعافية والصبر. وكلما ذهب أحد الناس إلى السوق؛ ليبيع حمارًا أو ليشترى، لابد أن يمر أولاً على الضريح ليدفع المعلوم ليحصل على بركة بيع الحمار.
وهكذا مرت الأيام والشهور والسنون، والناس تعتقد أن"تحت القبة شيخ"، وأصبح اللصان من كبار الأثرياء. ولكن لأن اللص يظل دائما لصًا؛ فقد كان كل من اللصين يسرق زميله، بين حينٍ وآخر. وفى أحد الأيام اتهم اللص الغبي زميله اللص الذكي بأنه يسرق بعض الأموال من صندوق النذور، ويأخذ أكثر من نصيبه، وأخذ اللص المتهم يحاول أن يبرئ نفسه من تلك التهمة، فقال لزميله:
(وحياة"سيدنا "أنا ما عملت كده!)،
فقال اللص الغبى:
أنت تحلف لي بسيدنا"دا إحنا دافنينه سوا!".
مواقع النشر (المفضلة)