لما أراد أحد الفلاحين البسطاء في قريتنا ، أن يفرح بانبه الكبير ( يزوجه ) قبل أن يموت قرر أن يبني لابنه شقة الزوجية علي أن تطل علي أربع جهات ، يدخل لها الهواء من كل جانب و تكون الحياة فيها لونها بنبي و أنا جنبك و أنت جنبي و كله تمام يا أفندم .
و لكن يا تري من أين سيأتي هذا الفلاح البسيط بمكان يبني فيه شقة لابنه بهذه المواصفات ... ؟ فبينما هو جالس في خلوة مع نفسه ، هداه تفكيره أن يبني هذه الشقة فوق عشة البهائم ( أعزكم الله و أكرمكم ) الموجودة في حقله ، كما هو معروف لنا جميعاً أن عشة البهائم هذه عبارة عن أربع أعمدة من الخشب و سقف من حطب الذرة و القطب و قش الأرز و من شدة إعجابه بفكرته هذه قرر تنفيذها بسرعة شديدة لدرجة أنه لم يستشر أسرته في الأمر و لا أهله و لا عشيرته و لا حتي ابنه العريس فهو يظن في قراره نفسه أنه اتخذ قراراً حكيماً و صائباً و لا داعي لأن يستشير فيه أحداً فلا يعتقد و لا يتصور أن يختلف معه أحد في قراره هذا .
لقد شرع في تنفيذ ما قرره بمفرده حيث أحضر الطوب و الأسمنت و الرمل و أحضر عدداً من البناه ليبنوا له شقه نجله الأكبر فكانت المفاجأة كبيرة بالنسبة لهم فالرجل يريد أن يبني شقة لانبه الأكبر فوق عشة البهائم في الحقل .. كيف كل هذا التناقض و سوء الفهم .. ؟ !
فقال البناه له : إن هذا لا يجوز و لا يصح فأنت إذا ما بنيت شقة فوق عشة البهائم فمن المؤكد أن تحدث كارثة حيث ستنهار الشقة فوق العشة وسيموت الجميع .
و لكن الفلاح الذكي صاح بأعلي صوت قائلاً : يا ناس أريد أن أفرح بابني قبل أن أموت يا ناس أريد أن أفرح بابني قبل أن أموت .
و أمام إصرار و عناد الفلاح لم يجد البناه بداً من الانصياع لأوامر الفلاح الذكي و قاموا ببناء الشقة فوق العشة .
و بعد انتهاء عملية البناء نادي الفلاح الذكي علي انبه العريس ليري جمال شقته و يتفرج علي عش الزوجية السعيد المطل علي أربع جهات و ما أن وطأت قدماه الشقة حتي انهارت الشقة فوق العشة فمات ابنه علي الفور وانهارت العشة و ماتت البهائم في الحال أيضاً ، فصعق الفلاح من هول الفاجعة و المصيبة التي ألمت به ولا حول ولا قوة إلا بالله لقد مات كل شيء و أخذ الفلاح الذكي يبكي بحرقه و مرارة مردداً : يا فرحة ما تمت - يا فرحة ما تمت - يا فرحة ما تمت - يا فرحة ما تمت
السؤال لاذي يطرح نفسه هنا بقوة :..
هل توجد علاقة بين ما يحدث في تعليمنا في هذه الأيام و بين عبقرية فلاح قريتنا هذا .... ؟
هل مرحلة التعليم الإبتدائي في مدارسنا تصلح كقاعدة نبني عليها مراحل أخري ... ؟
لو قمنا بترتيب آخر عشرة وزراء في تاريخ وزارة التربية و التعليم فأين نضع وزيرها الحالي في ترتيب القائمة ... ؟
متي تنهض أمتنا و تتحرر ... ؟ و هل يمكن لها أن تنهض بغير تحرير التعليم .. ؟
مواقع النشر (المفضلة)