تكمــــــــــــلة
وفضلا عن ذلك.. فإنني.. إزاء ما فقدناه من شهداء من أبناء مصر.. في أحداث مأساوية حزينة.. أوجعت قلوبنا وهزت ضمير الوطن.. أصدرت تعليماتي بسرعة الانتهاء من التحقيقات.. حول أحداث الأسبوع الماضي.. وإحالة نتائجها علي الفور إلي النائب العام.. ليتخذ بشأنها ما يلزم من إجراءات قانونية رادعة.
ولقد تلقيت بالأمس التقرير الأول.. بالتعديلات الدستورية ذات الأولوية.. المقترحة من اللجنة التي شكلتها من رجال القضاء وفقهاء القانون .. لدراسة التعديلات الدستورية والتشريعية المطلوبة. وإنني.. تجاوبا مع ما تضمنه تقرير اللجنة من مقترحات.. وبمقتضي الصلاحيات المخولة لرئيس الجمهورية وفق المادة "189" من الدستور.. فقد تقدمت اليوم بطلب تعديل ست مواد دستورية.. هي المواد "76" و "77" و"88" و "93" و "189".. فضلا عن إلغاء المادة "179" من الدستور.. مع تأكيد الاستعداد للتقدم في وقت لاحق.. بطلب تعديل المواد التي تنتهي اليها هذه اللجنة الدستورية.. وفق ما تراه من الدواعي والمبررات.
تستهدف هذه التعديلات ذات الأولوية.. تيسير شروط الترشح لرئاسة الجمهورية.. واعتماد عدد محدد لمدد الرئاسة تحقيقا لتداول السلطة.. وتعزيز ضوابط الاشراف علي الانتخابات ضمانا لحريتها ونزاهتها.. كما تؤكد اختصاص القضاء وحده بالفصل في صحة عضوية اعضاء البرلمان.. وتعدل شروط وإجراءات تعديل الدستور.
أما الاقتراح بإلغاء المادة "179" من الدستور.. فإنه يستهدف تحقيق التوازن المطلوب.. بين حماية الوطن من مخاطر الارهاب.. وضمان احترام الحقوق والحريات المدنية للمواطنين.. بما يفتح الباب أمام ايقاف العمل بقانون الطوارئ.. فور استعادة الهدوء والاستقرار.. وتوافر الظروف المواتية لرفع حالة الطوارئ.

الإخوة المواطنون..
إن الأولوية الآن.. هي استعادة الثقة بين المصريين بعضهم البعض.. والثقة في اقتصادنا وسمعتنا الدولية.. والثقة في أن التغيير والتحول الذي بدأناه.. لا ارتداد عنه أو رجعة فيه..
ان مصر تجتاز أوقاتا صعبة.. لا يصح ان نسمح باستمرارها.. فيزداد ما ألحقته بنا وباقتصادنا من أضرار وخسائر.. يوما بعد يوم.. وينتهي بمصر الامر لأوضاع.. يصبح معها الشباب الذين دعوا إلي التغيير والاصلاح.. أول المتضررين منها.
إن اللحظة الراهنة ليست متعلقة بشخصي.. ليست متعلقة بحسني مبارك.. وانما بات الأمر متعلقا بمصر.. في حاضرها ومستقبل ابنائها إن المصريين جميعا في خندق واحد الآن.. وعلينا أن نواصل الحوار الوطني الذي بدأناه.. بروح الفريق وليس الفرقاء.. وبعيدا عن الخلاف والتناحر.. كي نتجاوز بمصر أزمتها الراهنة.. ولنعيد لاقتصادنا الثقة فيه.. ولمواطنينا الاطمئنان والأمان.. وللشارع المصري حياته اليومية الطبيعية.
لقد كنت شابا مثل شباب مصر الآن.. عندما تعلمت شرف العسكرية المصرية.. والولاء للوطن والتضحية من أجله.. افنيت عمرا دفاعا عن أرضه وسيادته.. شهدت حروبه بهزائمها وانتصاراتها.. عشت أيام الانكسار والاحتلال.. وأيام العبور والنصر والتحرير.. أسعد أيام حياتي يوم رفعت علم مصر فوق سيناء.. واجهت الموت مرات عديدة.. طيارا.. وفي "أديس أبابا".. وغير ذلك كثير. لم اخضع يوما لضغوط أجنبية أو املاءات.. حافظت علي السلام.. عملت من أجل أمن مصر واستقرارها.. اجتهدت من اجل نهضتها ومن أجل ابنائها.. لم أسع يوما لسلطة أو شعبية زائفة.. اثق ان الاغلبية الكاسحة من أبناء الشعب.. يعرفون من هو حسني مبارك.. ويحز في نفسي ما ألاقيه اليوم من بعض بني وطني.
وعلي أية حال.. فإنني إذ أعي تماماً خطورة المفترق الصعب الحالي.. واقتناعا من جانبي بأن مصر تجتاز لحظة فارقة في تاريخها.. تفرض علينا جميعا تغليب المصلحة العليا للوطن.. وان نضع مصر أولاً.. فوق أي اعتبار وكل اعتبار آخر.. فقد رأيت تفويض نائب رئيس الجمهورية.. في اختصاصات رئيس الجمهورية.. علي النحو الذي يحدده الدستور.
انني أعلم علم اليقين ان مصر سوف تتجاوز أزمتها.. لن تنكسر إرادة شعبها.. ستقف علي أقدامها من جديد.. بصدق وإخلاص أبنائها.. كل أبنائها.. وسترد كيد الكائدين وشماتة الشامتين.
سنثبت نحن المصريين قدرتنا علي تحقيق مطالب الشعب.. بالحوار المتحضر والواعي سنثبت أننا لسنا أتباعا لأحد.. ولا نأخذ تعليمات من أحد.. وان أحدا لايصنع لنا قراراتنا.. سوي نبض الشارع ومطالب أبناء الوطن.
سنثبت ذلك بروح وعزم المصريين.. وبوحدة وتماسك هذا الشعب.. وبتمسكنا بعزة مصر وكرامتها وهويتها الفريدة والخالدة.. فهي أساس وجودنا وجوهره.. لأكثر من سبعة آلاف عام.
ستعيش هذه الروح فينا ما دامت مصر ودام شعبها.. ستعيش في كل واحد من فلاحينا وعمالنا ومثقفينا.. ستبقي في قلوب شيوخنا وشبابنا وأطفالنا.. مسلميهم وأقباطهم.. وفي عقول وضمائر من لم يولد بعد من أبنائنا.
أقول من جديد.. إنني عشت من أجل هذا الوطن.. حافظا لمسئوليته وأمانته.. وستظل مصر هي الباقية فوق الأشخاص وفوق الجميع.. ستبقي حتي أسلم أمانتها ورايتها.. هي الهدف والغاية.. والمسئولية والواجب.. بداية العمر ومشواره ومنتهاه.. وأرض المحيا والممات ستظل بلدا عزيزا.. لايفارقني أو أفارقه.. حتي يواريني ترابه وثراه.. وستظل شعبا كريماً.. يبقي أبد الدهر مرفوع الرأس والراية.. موفور العزة والكرامة.
حفظ الله مصر بلدا آمنا.. ورعي شعبه وسدد علي الطريق خطاه