حوار ثلاثيّ الأبعاد ... مقالة بقلم نبيل حزين
كل منّا له طقوسه وعادته اليوميّة التي يؤدّيها ، ويجتهد
في المحافظة عليها . فمن عادتي اليوميّة،
التي أقوم بها بعد صلاة المغرب ، ممارسة الرياضة المحببة إلي
وهي رياضة المشي السريع ثم تعقبها الهرولة
فالجري بسرعات مختلفة ومتفاوتة في أزمنة قصيرة وطويلة أحيانا .
وأثناء ممارسة هذه الرياضة التقيت بشابين يمارسان الرياضة
الأول :يعمل مهندسا
والثاني :يعمل طبيبا
ودار بيينا حوار شائق تبادلناه بخفة ورشاقة
فقال المهندس: إنني لا أجد وقتا كافيا
لممارسة هذه الرياضة ؛ لأنني طول الوقت
في مواقع العمل بين العمال والبنائين (البناوين)
تحت نيران الشمس المحرقة
ومراتٍ قليلة بين جدارن مكتبي المكيف الهواء ، وبرغم قسوة الشمس
وسخونة الجو؛ فإنني أشعر بسعادة لا حد لها
عندما أرى البناء يرتفع ليعانق أعنان السماء
فهذا أكبر مكافأة لفكري وجهدي
الذي أصبح واقعا أراه بعيني بعدما كان رسّما على الورق
ثم تناول الحوار الطبيب الشاب الذي وجه حواره للمهندس
وهو ينظر إليّ وقال: أما أنا فلم أجد الوقت الكافي ؛ لأن ساعات العمل
لدي غير محددة وقد أصل العمل ليل نهار
وبرغم كل ما أعانيه من بعد عن بيتي وأسرتي لفترات طويلة
و تعرضي للعدوى من المرضى ؛ إلا أنني أشعر براحة شديدة
وسعادة لاتوصف عندما أطبب مريضا
أو أسهم في شفاء عليل
قال: أم أنتم أيّها المدرسون ساعات العمل
لديكم محددة من السابعة صباحا حتى الثانية بعد الظهر
أي أنكم تجدون وقتا كافيا لممارسة أنشطتكم المختلفة
فنظرت إليه وقد ارتسمت ابتسامة خفيفة على شفتي
و قلت :له قد تكون محقا بعض الشيء
ولكنك أغفلت شياء مهما أن عملي يبدأ منذ الثانية
من بعد الظهر ؛ لأني عندما أعود إلى بيتي
بعد أن أفرغ من عملي أبدأ الاستعداد لليوم التالي
بتحضير الدروس التي ألقيها في الصف أمام طلابي
وهذا التحضير يستغرق وقتا طويلا بسبب وجود
أكثر من شعبة أقوم بتدريسها وفي هذه الحالة
أقوم بإعداد أوراق العمل وتجهيز خطة إثرائية
وبرامج علاجية وأسئلة صفية وأسئلة لاصفية
وقد أكون مسئولا عن نشاط مدرسي معين
فيجب أن أعد له برامجه المختلفة
وأكون مستعدا لحضور دورات تدريبية وورش عمل
وحصص مشاهدة وندوات وما إلى ذلك من أمور مختلفة ...
إلا أني عندما أرى طلابي يتفوقون في دراستهم
ويحققون أحلامهم التي رسموها في عقولهم
أشعر؛ أنني قدمت شيئا جميلا يدخل السعادة والسرور
على قلبي ؛ لأن الطالب هو الامتداد الطبيعي لفكر معلمه
فقال: هون عليك
هل أنت مكينة تدور بتروس ومحركات لاتتوقف؟
إذا كيف تمارس هوايتك المفضلة ؟
قلت: له تنظيم الوقت واحترام المواعيد وترتيب الأولويات
هو أساس نجاح كلّ شيء وبعد ذلك انصرف كل منّا إلى طريقه

بقلم : نبيل حزين