تابعت المحكمة ما ورد في بعض وسائل الإعلام من تعليقات حول التعديل المقترح لنص المادة‏39‏ من الدستور‏,‏ التي ناط بها الاختصاص بالفصل في صحة عضوية مجلس الشعب‏,‏ بدلا من النص الحالي الذي يعهد بهذا الاختصاص لمجلس الشعب‏.‏وتود المحكمة أن تبدي للرأي العام في مصر بعض الحقائق الآتية‏:‏
‏1‏ ـ أن المحكمة لم تسع من جانبها لطلب أي اختصاص لها في هذا الشأن‏,‏ بل انها اطلعت علي هذا التعديل وغيره من التعديلات التي أدخلت علي بعض أحكام الدستور بعد نشرها في وسائل الإعلام المختلفة‏.‏
‏2‏ ـ إن المجلس الأعلي للقوات المسلحة الذي آلت إليه إدارة شئون البلاد في هذه المرحلة بالغة الدقة عهد بمهمة تعديل بعض نصوص الدستور الي لجنة مشكلة من خيرة رجالات القضاء وكبار أساتذة القانون الدستوري‏,‏ وقد باشرت اللجنة مهمتها وأفرغت اجتهادها في تلك النصوص المزمع عرضها علي الشعب المصري في استفتاء عام‏.‏
‏3‏ ـ ان اللجنة المشار إليها قد أفصحت في غير موضع تعليقا علي النص المقترح للمادة‏39‏ من الدستور أنها ناطت الاختصاص بالفصل في صحة عضوية مجلس الشعب للمحكمة الدستورية العليا مسايرة منها للنهج الذي اضطرت إلي الأخذ به معظم الدساتير الحديثة في الدول الديمقراطية‏.‏
‏4‏ ـ تذكر المحكمة الكافة بأن نص المادة‏39‏ من الدستور لم يكن يعطي محكمة النقض الاختصاص بالفصل في صحة عضوية مجلس الشعب وانما كان دورها ينحصر في إجراء التحقيق في صحة الطعون المقدمة الي المجلس بعد احالتها الي المحكمة من رئيسه ثم تعرض نتيجة التحقيق والرأي الذي تنتهي إليه المحكمة علي المجلس للفصل في صحة الطعون‏,‏ والقاصي والداني يعرف ما كان يتم وما كان يقال من إن المجلس سيد قراره‏.‏
‏5‏ ـ النزاع في صحة عضوية مجلس الشعب هو نزاع قضائي بطبيعته ويتعين بالتالي أن تتولي الفصل فيه هيئة قضائية بحكم تشكيلها وضماناتها ويستحيل أن تكون هذه الهيئة غير المحكمة الدستورية العليا وذلك لأمرين‏:‏
أولهما‏:‏ أن العملية الانتخابية في جميع مراحلها تثير بالضرورة مدي مطابقة إجراءاتها للدستور‏,‏ وهي بذلك عملية تتكامل مراحلها ويستحيل فصل بعض أجزائها عن بعض‏.‏
ثانيهما‏:‏ أن بيد المحكمة الدستورية العليا الوسائل التي تقيس بها دستورية العملية الانتخابية لأعضاء البرلمان لأنها تطبق عليها مناهجها في تفسير الدستور وتحيطها بنظرة كلية تضم أجزاءها الي بعضها‏,‏ وتستظهر بتحقيقاتها المحايدة نوع الضغوط المؤثرة فيها علي ضوء خبرتها العملية‏.‏
‏6‏ ـ إن المحكمة الدستورية العليا ادراكا منها للظروف التي تمر بها البلاد‏,‏ وما تتطلبه من ضرورة تضافر كل الجهود لعبور هذه الفترة العصيبة‏,‏ وحرصا منها علي ألا تستدرج الي معارك جانبية ليس هذا أوانها تشق الصف بين أعضاء الأسرة القضائية الواحدة علي نحو يضر بمصالح البلاد‏,‏ فقد رأت لدي عرض هذا الخلاف عليها أن توسد الأمر برمته الي المجلس الأعلي للقوات المسلحة لاتخاذ القرار المناسب الذي يحقق صالح الوطن‏