لا للعصيان المدنى ونعم لبناء بلدى
ما بين 11 فبراير 2011 يوم أن أزاح الله وحده عن مصر من جثم على صدورنا وظننا انه لن يزاح عنها وما بين 11 فبراير 2012 والذي تدعوا فيه بعض الفصائل لإضراب عام في البلاد وكأننا نتحسر على إزاحة هذا النظام البوليسي الذي نجح فى إذلال شعبه واهانة كرامته داخل أرضه وخارجها
فلماذا هذه الدعوة ولماذا فى هذا اليوم بالذات على الرغم من أن المطالبة التى كنت أتوقعها هى أن نطالب بجعل هذا اليوم هو العيد الفعلي للثورة المصرية
فأرى انها ليست الا دعوة لتخريب مصر والانقضاض على مكتسبات الثورة المصرية التى لم يكن لأفضل الحالمين ان تتحقق على ارض الواقع
ولذلك لا أجد سببا مقنعا لهذه الدعوة التى لا اجد لها مبررا سوى انها دعوة صريحة لتعرية الوطن والأخذ بيديه الى الخلف خاصة وأننا نسير على خطى الديمقراطية التى نحلم بها وننشدها ورأينا بأم أعيننا ممارسة ديمقراطية فى انتخابات مجلس الشعب لم نكن لنحلم ان نمارسها فى ارض مصر التي زرع فيها التزوير والالتفاف على إرادة الشعب لعقود طويلة حتى ظننا ان هذه التربة لن تخرج علينا نبتا أخر مطلقا غير الذي زرع فيها واعتادت عليه ويجرى الان اكتمال الجناح الثاني للسلطة التشريعية وقد أعلن عن فتح باب الترشح لرئاسة الجمهورية لأول مرة لا يوجد احد إطرافها رئيس فعلى للجمهورية يجلس على مقاليد الحكم والجميع الآن ممن يرغبون خوض غمار هذه التجربة يقفون على مسافة واحده من صندوق الانتخابات الذي نقدره جميعا فهو من يعبر عن إرادة الأغلبية الديمقراطية التي طالما أن حلمنا بها
ولكن وللأسف الشديد ازدات بشكل كبير وعلت نبرة التخوين والتشكيك فيما بين الجميع فالشعب الذي ظل كاتما غيظه عقود طويلة يرى بعينيه ما يجرى حوله فى العالم من ممارسات ديمقراطية فى أنظمة الحكم فى بلدان العالم ويتحسر على حالة خاصة عندما يقرأ تاريخه وحضارته ويعض على نواجذه من الحال الذي وصل اليه هو نفسه هذا الشعب الذي يدعوا للإضراب لانه لن يصبر أيام ويريد ان يجعل من 11 فبراير يوم تنحى وخلع النظام الفاسد الذي أفسدنا بفساده وما هذه الدعوة الى الإضراب الا صورة من صور الفساد الذي زرعها هذا النظام فى نفوسنا وأغلق جميع أبواب الأمل والتفكير الايجابي فى عقولنا فصرنا نرى جميع الألوان بلون واحد وهو الأسود الحالك رغم ما أسلفنا من خطوات نحو الانتقال بالدولة الى مصاف الدول الديمقراطية والتي أشاد بها الجميع فى الخارج قبلنا نحن أصحاب هذه التجربة مهما أتت من نتائج قد يختلف عليها البعض وأظنهم ممن يدعون الى هذا الإضراب ولكنها إرادة الشعب والتي لا نملك جميعا الا احترامها والانصياع الى نتيجتها طالما اخترنا الديمقراطية سبيلا لنا فعليبنا تحمل تبعاتها ولنترك للأيام فقط الحكم على من اختارهم الشعب فهو وحده صاحب الحق فى الحكم على اختياراته وبالتالي الوقوف مرة أخرى داعما لهم او مزيحا لهم والإتيان بغيرهم ولم يعد للميدان رهبة او للتعبير عن الإرادة هواجس وخوف
فما زرع فى النفوس من أباطرة امن الدولة الذراع الحاكمة للنظام السابق فى نفوس الناس من خوف ورهبة وذل وإذلال انكسرت بفضل الله تعالى وكللت بالنجاح فى 11 فبراير 2011 والذي يريدون أصحاب الدعوة الى الإضراب الى طمس الفرحة بهذا اليوم وجعله يوما اسودا على مصر والمصريين بهذا الإضراب والذي أتوقع له الفشل لا لسبب سوى ان الله تعالى يأبي إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون
بالطبع مقالتي هذه تعبر عن رأيي الشخصي ورؤيتي للأحداث ولن تعجب الكثيرين الذين يجمعنا جميعا حب هذا الوطن ولكن كل منا يحبه بطريقته وكما يقولون ومن الحب ما قتل ولذلك وجب علينا التنويه عن مخاطر هذا الإضراب خاصة فى ظل اقتصاد ساهمنا جميعا فى تراجعه ووصوله الى أدنى المعدلات ووضع امني تحمل معنا ذنوب وآثام غيره ليسس إلا لكونه كان يحمل نفس اللقب وتناسينا جميعا انه لا تذر وازرة وزر أخرى أو أننا لن نستغني عن هؤلاء ولن ينصلح الحال الا بهم وان احتاج الأمر الى التطوير والتحسين فلا ضير فى ذلك ولكن اخذ الأمور على أعنتها ليس هذا هو المطلوب خصوصا ان الخاسر الوحيد هو نحن جميعا ومصر التي يقدرها العدو قبل الحبيب
كم كنت أتمنى ان تتوافق ثورتنا التى من الله علينا بها وراح ضحيتها أرواح افتدى بها الوطن حريته ان يتعاهد كل منا مع نفسه أن يبدأ هو أيضا بالتوافق معها فى ثورة داخلية مع نفس كل واحد منا ان صلح من حاله وشأنه حتى تكتمل الصورة ويستوي البناء ونرى مصر التي فى خاطر كل منا ويتمناها كل مصري فخور يعرف قدرها وعظم شانها فليس من المعقول ان نلقى بالتقصير على الآخر ونحن مدركين جيدا أننا مقصرين فما الوطن الا نحن فأبدأ بنفسك فالمجتمع أنا وأنت
إن كنا حقا للوطن محبين وعلى مستقبله حريصين ولندع سياسة التخوين ونبدأ بأنفسنا ولعملنا ولعيوبنا معالجين فان أعاننا الله على ذلك أظن ان الوضع سوف يكون أفضل بكثير مما يحلم أكثر المتفائلين والحالمين منا
وحفظ الله مصر للمصريين وأدامها الله أمنا وأمانا كما كرمها فى ذكرها فى كتابه الكريم
بقلم / نادر الليمونى
مواقع النشر (المفضلة)