فيروسات يعتل بها تفكيرنا:
ثمةفيروسات خطيرة متناثرة في بيئتنا الثقافية بمنظوماتها المختلفة ، أصابت تفكيرنا بفقر الدم ، وأذهاننا بالشلل ، وعقولنا بالكساح ، مما يظهر أهمية تفعيل جملة من النصوص الشرعية في عقلنا الجمعي والفردي للاستشفاء والتداوي بها ، والتي من شأنها إجراء عملية (جراحة ذهنية) نتمكن بها من إزالة تلك الفيروسات وإزهاقها ، كقوله ـ تعالى ـ في الحث على الثتبت والتحري: ((يَا أَيُّهَا الَذِينَ آمَنُوا إن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فََتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ)) [الحجرات: 6] ، وقوله: ((إنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الحَقِّ شَيْئاً)) [يونس: 36] ، وقوله ـ جل وعز ـ في الحث على العدل ومجافاة الهوى: ((يَا أَيُّهَا الَذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إن يَكُنْ غَنِياً أَوْ فَقِيراً فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلا تَتَّبِعُوا الهَوَى أَن تَعْدِلُوا وَإن تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً(135) ))[النساء: 135] ، وقوله ـ تعالى ـ في بيان سبب المصائب: ((وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ)) [الشورى: 30] ، وقول النبي -صلى الله عليه وسلم- في النهي عن الانتفاش الكاذب: »لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر ، قيل: إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسناً ونعله حسناً؟ قال: إن الله جميل يحب الجمال ، الكبر بطر الحق وغمط الناس«(12).
ومع أهمية استحضار هذه النصوص وغيرها وتفعيلها في العقول ، يجب تعاهد تلك العقول بالتربية والإنضاج ، والحزم في إزالة ما علق بها من تلك الفيروسات لسبب أو لآخر ، والجرأة في »الإنكار الذهني« على المعتلين والمتلبسين بها ، والديمومة في تذكير الغافلين أو المتغافلين!!.
ومن أهم هذه الفيروسات ما يلي(13):
1- التفكير القائم على أساس الهوى (اللاموضوعية).
2- التفكير القائم على مشاعر الكمال الزائف (الانتفاخ الذهني).
3- التفكير المستند على المواقف المسبقة (التحيز المسبق).
4- التفكير المبني على المشاعر وكأنها حقائق ثابتة (المراهقة الذهنية).
5- التفكير المبني على التمنيات وكأنها توقعات حقيقية (التوهم الذهني).
6- التفكير المتكئ على العادة (الجمود الذهني).
7- التفكير الذي يعتقد صاحبه دوماً أن جهة ما مسؤولة عن كل ما يحدث (عقدة المؤامرة).
8- التفكير الذي يعتقد صاحبه أنه يستطيع دائماً أن يعرف ما يفكر فيه الآخرون (الفراسة المتوهمة).
9- التعميم في التفكير من خلال رؤى محدودة غير كافية (الأرنبة الذهنية).
10- التردد والبطء في التفكير (السلحفة الذهنية).
11- التردد والبطء في اجترار الأفكار (الاجترار الذهني).
التفكير المعلّب:
أصحاب هذا اللون من التفكير هم أولئك الذي يستنتجون قواعد عامة من حوادث شخصية ، أو تجارب ناقصة ، أو ملاحظات سطحية ، فيخلصون منها إلى تعميمات متسرعة ، وأحكام جاهزة ، وقوالب جامدة ، وهم لا يعترفون بتغير الظروف والملابسات ،... وترى الواحد منهم يسألك عن مسألة شائكة ويطالبك بجواب يتلخص بنعم أو لا!! ، وإذا خالفته قاطعك ، وحسم القضية بقوله: »إن المسألة كلها تتلخص في...« ، ثم يصدر حكماً نهائياً...وربما التفت إليك مستطيلاً حديثك، مستغرباً عجزك عن حسم المسألة،ومستجدياً عينيك نـظـــــرة إعجاب وإكبار على قدرته الفائقة على الحسم!!.. إن نتائج تفكير أولئك أشبه ما يكون بما نخرجه من جوف المعلبات التي نشتريها من الأسواق(14)!!