دور المعلمين في تشخيص صعوبات التعلم لدى الأطفال
إعداد : محمود طافش
مشرف تربوي بمدارس الحكمة الثانوية
مقدمة:
تحظى قضية صعوبات التعلم باهتمام عالمي واسع ؛ وذلك بسبب لتزايد المضطرد في أعداد هذه الفئة من الناس ، غير أن التعامل مع أفرادها يتطلب جهودا كبيرة ؛ نظراً لعدم تجانسهم ، و لتعدد أشكال وأنواع هذه المشكلة التي تواجه الدارسين . ويعد المعلم من أقدر الأطراف المعنية بالكشف عن صعوبات التعلم ؛ وذلك لعدة عوامل أهمها : كثرة احتكاكه بالطفل ، ومعرفته بالمقررات الدراسية وبمدى تحصيل الطفل لها ، وقدرته على تحليل سلوك تلاميذه ، لذلك فإن من الأهمية بمكان إشراكه في البرامج والأنشطة التي تخطط لمعالجة هذه المشكلة وتنفيذها، ومن ثم تقويم التحسن الذي يطرأ عليها . فما أهم السمات المميزة للأطفال الذين يواجهون صعوبات في التعلم ؟ وكيف يمكن تشخيصها وعلاجها ؟
السمات المميزة :
أثبتت ملاحظات المعلمين جدواها في تحديد الخصائص المميزة للأطفال الذين يتوقع أن يواجهوا صعوبات في التعلم ، وذلك من خلال العديد من الدراسات العالمية ، وفيما يلي أشهر هذه الدراسات والنتائج التي توصلت إليها :
1- أشارت دراسة بابيس Pabis 1979 إلى أن الطفل الذي يواجه صعوبة في التعلم يبدي اضطراباً في واحدة أو أكثر من العمليات الأساسية المستخدمة في اللغة المنطوقة أو المكتوبة.
2- توصل كيرهارت cerheart 1973 إلى أن الطفل الذي يواجه صعوبة في التعلم هو من ضمن الأطفال ذوي الذكاء المتوسط أو فوق المتوسط ، وأنه يتمتع بحواس عادية أو فوق العادية، غير أن تحصيله الأكاديمي يكون دون ذكائه وإمكاناته التعليمية ، ولا يتناسب مع عمره الزمني.
3- أشارت دراسة قام بها كيرك kirk 1972 إلى أن الطفل الذي يواجه صعوبة في التعلم نتيجة لوجود مشكلة لديه، لكن هذه المشكلة ليس لها علاقة بقضايا الإعاقة.
4- أشارت دراسة فاليت valett 1969 إلى أن الطفل الذي يواجه صعوبة في التعلم لديه صعوبة نوعية فيما يتعلق باستخدام المهارات الضرورية للتعامل مع المشكلات.
5- أشارت دراسة قام بها الباحثان جونسون ومايكل بست Johnson & Michelbust 1967 إلى أن الطفل الذي يواجه صعوبات في التعلم سليم انفعالياً وحركياً وحسّياً وعقلياً ، لكنه غير قادر على التعلم بالطرق العادية.
6- أشارت دراسة قام بها باتيمان Bateman 1964 إلى أن الطفل الذي يواجه صعوبات في التعلم يظهر عليه تباعداً تعليمياً دالاً بين قدراته وأدائه.
7 - كما قام الباحثان الأمريكيان Taylot & Patricias بدراسة تم بموجبها استخلاص أهم الخصائص المميزة للأطفال الذين يعانون من صعوبات في التعلم ، وقد طلب إلى مجموعة من المديرين والمشرفين التربويين الإجابة على أربعة عشر سؤالاً فكان الاتفاق على أن الخصائص أو الممارسات الآتية تميز أطفال صعوبات التعلم:
- كتابة الحروف والكلمات بصورة مقلوبة.
- تباين دال بين تحصيل التلميذ وإمكاناته العقلية.
- تباين التحصيل الأكاديمي في المقررات الدراسية.
- صعوبة الاحتفاظ بالمعارف المكتسبة.
- صعوبة الاستجابة للتوجيهات.
- صعوبة فهم المناقشات الدائرة في الموقف الصفي.
- ضعف التمييز البصري.
- عدم القدرة على الاستفادة من برامج الفصول العادية دون مساعدة خاصة.
- صعوبة أداء الواجبات.
- صعوبة إدراك مفهوم الزمن.
- ضعف ذاكرة التتابع البصري.
و تمخضت ملاحظات المعلمين كذلك عن مجموعة من الصفات التي تميز الأطفال الذين يعانون مشكلات في التعلم ومن هذه الصفات:
أ- ممارسة عادات تعلمية غير سوية.
ب- ضعف الدافعية.
ج- ضآلة الإنجاز.
د- غرابة السلوك.
هـ- التباين بين الأداء المتوقع والأداء الفعلي.
و- عدم القدرة على الانتباه لمدة طويلة.
ز- ضعف التركيز.
ح- التأتأة أثناء القراءة.
ط- القراءة البطيئة.
ي- المزاج المتقلب.
أسباب صعوبات التعلم :
رد الباحثون التربويون من أمثال مارتن 1980 الأسباب الكامنة وراء صعوبات التعلم التي يعاني منها الأطفال إلى مجموعة من العوامل العضوية أو البيئية، ومن أبرز هذه العوامل:
1- إصابة المخ نتيجة لتعرض الطفل لمرض يسبب لديه تلفاً دماغياً، ومن أكثر الأمراض خطورة على دماغ الطفل التهاب السحايا، الحصبة الألمانية، التهاب الخلايا الدماغية، وربما يصاب دماغ الطفل نتيجة لتعاطي والدته المخدرات أو العقاقير التي تحتوي على نسبة عالية من السموم، أو تعرضها لعملية ولادة مبتسرة أو متعسرة ينجم عنها نقص في الأكسجين الذي يتنفسه الطفل. وقد استطاع علماء الأعصاب أن يحددوا المنطقة من الدماغ التي إذا أصيبت ، فإنها تؤدي إلى صعوبات في القراءة والكتابة والحساب.
2- العوامل الوراثية، كشفت الدراسات الحديثة أن الجينات الوراثية تلعب دوراً في إيجاد صعوبات تعلم لدى بعض العائلات ، خصوصاً إذا حصل الاقتران بين الأقارب . كذلك فإن الأمهات المتقدمات في العمر أو المطلقات أو غير المتعلمات أو المصابات بأمراض مثل التخلف العقلي أو السكري أو اللواتي لا يجدن عناية صحية ملائمة قد يواجه أطفالهن صعوبات في التعلم .
3- سوء التغذية، والذي يتمثل في النقص الحاد بالفيتامينات خلال السنة الأولى من عمر الطفل ، بسبب عزوف والدته عن إرضاعه من أجل أن تحافظ على أناقة صدرها، كما أنا المواد الحافظة للأطعمة المعلبة التي تقدّم للأطفال الرُضع تساعد - وكما يرى مارتن 1980 على إعاقة النمو الطبيعي لجسم الطفل، وخصوصاً على نمو الجهاز العصبي المركزي. كما دلت دراسة قام بها نيدلمانNeedleman1983 على وجود علاقة بين وجود المواد الكيميائية في الأطعمة وبين تدني تحصيل المتعلمين وانخفاض درجات ذكائهم .
4 - عوامل البيئة . أشارت دراسة قام بها الباحثان Smith&Strik إلى وجود علاقة بين التعلم والظروف البيتية والمدرسية ، بحيث يتحسن حال الذين يعانون من صعوبات تعلم إذا وضعوا في ظروف ملائمة ، وتوافرت لهم أجواء تعليمية صحية ، في حين يزداد وضعهم سوءاً إذا وُضعوا في بيئات مضطربة تعاني من عدم كفاءة المعلمين ، ونقص الوسائل ، وعدم مراعاة الفروق الفردية .
5 - العوامل الإحيائية الكيميائية . وفي هذه الحالة تنجم صعوبات التعلم عن خلل في عملية إنتاج النواقل العصبية الموصلة للنبضات بين الخلايا ، مما يترتب عليه عجز الدماغ عن القيام بمهامه بصورة دقيقة ، ومن هنا تبرز قلة الانتباه أو اضطراب في الحركات ، وصعوبات في التعلم أو التحدث ، كما يحصل لمتعاطي الكحول مثلا .
وقد أشارت الدراسات التي تمّ بموجبها قياس مستوى المواد الكيميائية في الدم والبول والسائل الشوكي إلى أن وجود خلل أو عدم اتزان في هذه المستويات يؤدي إلى بروز مشكلات في عمل الدماغ ، وقد أكد هذا الاعتقاد التحسن الذي طرأ على الأداء بعد استخدام الأدوية المضادة للقلق النفسي ولقلة الانتباه ، وتلك التي تستخدم في علاج الأشخاص الذين يعانون من خمول أو نعاس أو انطواء .
التشخيص والعلاج:
يتفق الباحثون في هذه القضية على أهمية الكشف المبكر عن مواضع وأسباب هذه المشكلة ؛ لأن التبكير يجعل البرامج العلاجية أكثر فاعلية ، كما أن التأخر في الكشف يقلل من فرص نجاح العلاج ، ويصبح التعامل مع المشكلة أكثر صعوبة إذا كانت متصاحبة مع مشكلة أخرى مثل: الاضطرابات الانفعالية أو التأخر العقلي، أو إذا كانت الإجراءات العلاجية المتبعة غير كافية. كذلك فإن تأخر عملية التشخيص لصعوبات التعلم النمائية قد يؤدي إلى تكاثر وتشابك الصعوبات الأخرى التي تترتب عليها وبالتالي فإنه سيكون من العسير تشخصيها ، والبحث في العلاج الملائم لها.
وتواجه عملية التشخيص المبكر لتحديد الأطفال الذين يعانون من صعوبات في التعلم مجموعة من الصعوبات أهمها:
1- غموض التشخيص: حيث يصعب تحديد وتنفيذ إجراءات تشخيص الصعوبات الخفيفة والمتوسطة خصوصاً مع صغار السن، كما أن الصعوبات المتعلقة بالكلام أو القراءة يصعب تحديدها قبل سن السادسة أو السابعة.
2- الاختلافات النمائية ؛ حيث تؤثر هذه الاختلافات بين الأطفال جسمياً وعقلياً في دقة التشخيص ، فقد يعجز النمو العقلي عن مسايرة النمو الجسمي ، كما أنه يصعب في معظم الأحيان تقويم نمو الجهاز العصبي المركزي فلا تبدو الحالة مؤكدة للمقوّم.
3- دلالات التسميات: عندما يصعب التأكد من دقة التشخيص فإن التسميات قد تكون غير مطابقة للواقع ، فينجم عن ذلك مشكلات نفسية وآثار جانبية قد يترتب عليها شعور الطفل بأنه دون أقرانه ، فتقل ثقته بنفسه ، ويستسلم للعجز، ومن هنا برزت الحاجة للاستعانة بمعلمين مدربين قادرين على تفهم الحالة التي يتعاملون معها ، وتشخيصها ، وبث الأمل فيها
مواقع النشر (المفضلة)