أرض النفاق
كلما شاهدت رائعة الكاتب يوسف السباعى ، والمخرج فطين عبد الوهاب فيلم "أرض النفاق" ، أجد نفسى أضحك كثيراً ، وأبكى أكثر ، وأكثر من شدة ما أرى من مجاملات ، وقدرة الفرد على تلميع الآخرين حتى يصل إلى مآربه ، ويصبح فى أعلى المناصب . أجد نفسى يحضرنى هذا الفيلم الآن ، عندما كنا فى قرابة ثلاثين عاماً نعيش فى أرض النفاق ، نجامل ، ونعلو من شأن التافه ، والأعمال الرديئة للوصول إلى المآرب ، ويرضى عنا ولى الأمر، أو نقف بجانب الفاشل الذى لا يبذل جهداً من أجل ضرب ، وإخماد الناشط حتى ييأس، ويكتئب ، ويشعر بالظلم ، والقهر فى بلده. هذا ما حدث مع علماء كثيرين لفًظهم المجتمع فى الحقبة الماضية لأنهم يفعلون ، ويبدعون، ويبتكرون ، ويغيرون من الواقع ، لكن النظام كان يريد الجاهل ، والخامل ، والمنافق الذى يعرف من أين تؤكل الكتف ، والخانع الذى يسمع الكلام ، وُيظبِط الآخرين من أجل تحقيق المصالح الخاصة به، فإنتفت العدالة فى أرض النفاق ، وبتنا نقول ألا من ُمنصِف يشد بأذر المجتهد ، ويرفع من شأنه ، ولا يحبطه على حساب الخامل ، والغير مبدع . كدنا نيأس لولا رحمة الله بنا . الكل يقف بجوار صاحب القوة ، والمنصب ، والكلمة العليا ، حتى لو كانت مهنته بسيطة، وحجم ما يقوله ، أو يكتبه ، أو يفعله من تفاهات مهما كان فهو البطل الذى يجب أن نقف بجواره على حساب الحق . ونسينا أن الحق هو الله . أتقف ضد الحق من أجل الباطل ، والمزيف، والمخادع ؟!!!!!! هذا ما كان يحدث فى أرض النفاق .
واليوم ليس كالبارحة ، فنحن اليوم لدينا القدرة على أن نميز الغث من الثمين ، وأن ندرك قيمة العامل ، والمجتهد ، والمثابر وأن نقف بجواره لأنه يستحق الوقوف بجواره ، أما الخامل ، والكسول، والذى يعلى كلمته لتحقيق مصالحه الشخصية فمن المفترض ألا نقف بجواره مهما كان .
ولا ننسى أننا من نصنع البطل . وأعتقد أنه مع عبارة yes we act لا نريد بيننا منافق، أو مخادع نريد عامل ، وفعال ، ومبدع كى يستحق أن يعيش فى أرض الحقيقة لا أرض النفاق .