المشكلات الحقيقية لجودة التعليم
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المشكلات الحقيقية لجودة التعليم

إذا كانت التغيرات الزمنية والمكانية والبيئية لاتكل عن دفعنا إلى الحراك لتنمية أفكارنا لننتهج الأفضل ولنتحمل مسؤولية توفير أفضل البيئات للتعليم التي نعمل من داخلها للأخذ بأيدي طلابنا إلى الطريق الموصل للأمان فهم أيضا يسعون إلى ذلك دون أن يشعرونا لأنهم أكثر مقدرة على تحمل أخطائنا وأكثر كفاءة فيتحمل مسؤولية أنفسهم نحو الأفضل على الأقل وليس الكمال ولأنهم أكثر تبصر بمشكلاتهم ولديهم من الحساسية ما يجعلهم يواجهونها ولا يسلطون الضوء عليها فقط..إ
لأنهم مبدعون في صمتهم وصبرهم وانتظارهم. إنهم على القدر الذي نعول عليه بناء هذا الوطن ونهضته ورقيه كيف لا وهم المصدر الحقيقي والمحرك للطاقة.. إنهم عطاء.. خير.. أمل.. طموح.. ذكاء.. هم ينمون بسرعة كسرعة الصوت يسبقون عمرهم الزمني يسبقون مؤتمراتنا ولقاءاتنا وحواراتنا إنهم لا ينتظرون التوصيات لأنهم يدركون احتياجاتهم وينتقدون معوقات الجودة ومشكلاتهم ويبرزونها لنا وإن أبطأنا عليهم وضعوا الحلول لأنفسهم وأكملوا الطريق إنهم يعقدون مؤتمراتهم الصغيرة والخاصة بهم.. إنهم يصنعون القرارات.. ويشعلون الأفكار لنا..لكي يقولوا لنا سوف يشرق الوطن بعقولنا وقلوبنا ومن هذا الإشراق نستمد عناوين جديدة لمؤتمراتنا القادمة..
أنا أستطيع أن اصنع إنسانا منتجا وفاعلا محبا وفيا لوطنه مخلصا في عمله صادقا في عطائه قائدا يعتمد عليه.. يواجه التحديات بكل ما تطور لديه من قدرات وخبرات في خيمة أو في بيت مستأجر وفي غرفة صغيرة وقد تكون حارة أو داخل سور بلا ساحة ومدرسة بلا سقف وغير ذلك من الصور وذلك حين يحب الطالب أستاذه باحترام ويكن له مشاعر التقدير والوقار لأنه كلما اشبع عاطفيا ونفسيا اشبع نفسه عقليا..
بدليل أن هناك بيئات مدرسية مدمرة ويظهر فيها مبدعون ومتميزون لوجود معلم مخلص وداعم كتب في ذلك الشيخ علي الطنطاوي -يرحمه الله- يصف شدة بكائه على أستاذه بعد وفاته وقال: ( لم يكن حسنا في مادته العلمية ولكنه كان حسنا في حنانه لم يكن يتجاهلنا ولا يشعرنا بالقلق من مادته.. ولم يكن يبالغ فيم ساءلتنا )
وكتب الدكتور عبد الرحمن بدوي: (جاء دوري في اختبار الأدب لنهاية العام وفجأة نسيت النص المطلوب فأوشكت على البكاء من شدة الخوف فسألني الأستاذ هل تنظم الشعر فقلت نعم فقال اسمعني فألقيت عليه قصيدة من تأليفي وكانت هي الدرجة الكاملة الوحيدة التي حصلت عليها من بين المواد) ..
عالج هذا الأستاذ الخوف بالاحتواء وقدر موهبة الطالب ليصبح هذا الطالب دكتورا في الأدب العربي.. ذكر العالم المصري أحمد زويل الفائز بجائزة نوبل للسلام بالكيمياء كنت معجبا بجمال عبد الناصر وكنت في الصف الأول الابتدائي وأفشيت هذا السر لأستاذي فساعدني أن أبعث إليه رسالة إعجاب أعبر فيها عن شعوري وبعد مرور أربع سنوات يصل إلى مدرستي الطينية في قرية صغيرة وبعيدة في مصر برقية من جمال عبد الناصر إلى احمد زويل تسلمتها من أستاذي وقد كتب فيها ( اهتم بنفسك يا ابني بلدك مستنياك ) فرحت كثيرا وكبرت كثيرا وتحمست أكثر وتذكرت هذه الرسالة وأنا استلم الجائزة ...فقد شعر الطالب باهتمام أستاذه ورعايته ولم تغيّب مشاعر طفل في الصف الأول الابتدائي .إذن.فليست المشكلات التي تعيق الجودة مركزية التخطيط.أو.مقاومة التجديد.أو.قلة الموارد المادية.أو.الروتين.أو.قلة التدريب.أو.الإحساس بعبء الجودة.
المشكلات الحقيقية التي تعيق جودة أي عمل هي التالى
1- إسناد الأعمال إلى غير أصحابها 0
2- وجود صراعات تحت مسمى المنافسة 0
3- سياسة التهديد والتخويف 0
4- ضبابية التوصيف للمهام 0
5- غياب التخصص 0
6- غياب آليات تنفيذ الأعمال 0
7- قيادة ضعيفة في الموقف والقرار 0
8- الخوف من النجاح 0
9- عدم التطابق بين القول والفعل 0
10- نسف من يطالب بحقه مقابل القيام بواجباته .
أما بالنسبة للطلاب فالمشكلات كالتالي:

1- كيف نعلمهم وهم ذوو شخصيات قوية وإيجابية ومتكاملة شخصيات منسجمة مع نفسها وأفكارها لا تقدم إلا القيم من العمل ولا تقبل إلا المتميز من الأداء
2- ماذا نعلمهم وهم يأتون بأفكار جديدة وغريبة إن أهملناها خسرنا موارد بشرية نوعية وإن أصغينا لها فلا نملك حق اتخاذ القرار تجاهها.
3- ماذا نعلمهم وسبعون في المائة من مجموع العلماء يعيشون بيننا؟
4- متى نعلمهم وقد امتلأت أوقاتهم بوسائل الاتصال الحديثة والقنوات العالمية؟

وأخيرا متى ما تسامحنا مع طلابنا تسامحوا مع أنفسهم ومتى ما أقمنا العدل توفرت حقوقهم وقلت المظالم ومتى ما أرسينا سفن الجودة بتوفير بيئة مفعمة بالتقبل ذات قيم ثابتة وسواحل متفهمة أبدعوا في بيئة لا جودة فيها ..
طلعت
محمد أحمد / أسيوط