[SIZE="4"][COLOR="darkorchid"]
أهمية التكامل بين المدرسة والمؤسسات التنشيئية المحيطة في جودة مخرجات التعليم: في الحاجة إلى الإصلاح :
يمكن القول بأن النجاح المدرسي أو الفشل عملية لا تتعلق بالطفل وحده فقط بقدر ما تهم أيضا التأطير الذي توفره له مختلف المؤسسات التنشيئية طوال حياته الدراسية. فوضعيات التعلم التي يعرفها الطفل خلال ظروف تنشئته الاجتماعية حتى تلك التي تتم خارج المدرسة قد تساعد في نجاحه المدرسي على اعتبار أن بعض هذه الوضعيات التعليمية تقوم على التكرار واحترام قواعد متعلقة بتنظيم وضعية التعلم وبوضعية التعلم نفسها وهو ما يفسح المجال أمام إنتاج خصائص مقننة والتي إذا ما تم استبطانها ستكون في خدمة التعلم المدرسي. كما هو الأمر في تعلم بعض الفنون كالموسيقى والرسم والرقص ... فبمجرد أن يتعرف الطفل على أشكال التعلم والوضعية التعليمية ويفقهها فإن ذلك سيعود عليه بالنفع في تدبير تمدرسه. وهذا ما يجعلنا ننادي بالتكامل بين المدرسة والمؤسسات التنشيئية الأخرى.
فالمدرسة ليست وحدها من يعلم لكن المشكل هو كيف نجعل من الوضعية التعليمية شيئا مشتركا بين كل المؤسسات لا بجعل كل الأنشطة خاضعة لتنظيم مدرسي قد يفقر الحياة السوسيوثقافية والتربوية للمجتمع كما فسر ذلك إيفان إيليش . فالأمر يختلف حتى في ممارسة الرياضة بين طفل يلعب مع رفاقه مقابلة في كرة القدم داخل الحي وبين طفل يذهب إلى النادي الرياضي ليتعلم ممارسة كرة القدم تحت إشراف مدرب وحسب برنامج مضبوط. فالممارسة الأولى كما قلنا تغلب فيها "أخلاقيات الترفيه" أما الثانية فتنتظم حسب "أخلاقيات العمل المدرسي". فالأمر هنا يتعلق بالدعوة إلى تقوية "أخلاقيات العمل المدرسي" بالتقليص من الوقت الميت ضمن الوقت الحر وتحويله إلى وقت منتج لصالح الطفل ونجاحه في تمدرسه. غير أن هذه ليست دعوة إلى تحويل كل الوقت الحر لدى الطفل إلى وقت منتج وإنما إلى مساعدة على خلق تمفصل بينهما بشكل يفيده في النجاح في حياته الدراسية ومحاربة التسرب الدراسي. ونعتقد أن أي سياسة تربوية عقلانية لا يمكن أن تقدم حلولا ناجعة إذا لم تأخذ بعين الاعتبار تعددية السلالم الزمنية. فالعلاقة بالمدرسة والأنشطة الترويحية والوقت الحر قد تعرض الطفل إلى خطر الفصل بين متطلبات النجاح المدرسي من أجل نجاح اجتماعي والبحث عن تفتح شخصي بفضل الاستقلال والمشاركة الفعلية في تآلفات طفلية . من هنا فإن التكامل المنشود هو منح الطفل فرصة تجعله قادرا على توقع الوقت وتقديره واعتباره مفتوحا على العفوية.
فغالبا ما تلقن المدرسة الطفل حِكَما من قبيل "الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك" أو "لا تؤجل عمل اليوم إلى الغد"؛ غير أنها لا تعلّمه كيفية تحويل هذه الحِكَم إلى سلوكات تساعده على التغلب على المشكلات التي تعيق تمدرسه. في حين أن الأمر بسيط حسب الطرح الذي بسطناه في ورقتنا هذه، إنه لا يعدو أن نساعد الطفل على الموافقة والتلاؤم بين الوتيرة المدرسية والوتيرة الاجتماعية الخاصة به. بمعنى آخر اختياره للأنشطة التي تقترحها البنيات والمؤسسات الترويحية والتي يمكنها أن تستجيب في نفس الوقت لحاجياته الشخصية كطفل وللمقتضيات الاجتماعية للمدرسة.
فالطفل كتلميذ لا يجب أن يعيش النجاح والتفوق كواجب يجعل منه مُنتوجاً مدرسيا ولكن ككائن اجتماعي يمتلك ثقافة قادرة على أن تجعل منه مواطنا كامل المواطنة، يشكل النجاح بالنسبة له مدخلا لبناء مشروع حياة يدمجه في مجتمعه.
من هنا نرى أن مدرسة منفتحة على باقي المؤسسات التنشيئية (أندية الطفل على سبيل المثال لا الحصر) وفي توافق معها ومندمجة في النسيج المجتمعي لا يمكنها أن تكون إلا بإعمال حقوق الطفل وملاءمة زمن التمدرس مع الوقت الحر والأزمنة الاجتماعية الأخرى.

لعل هذا الامر ينطبق علينا نحو اطفالنا ويلقى اهتمام مثل زمان
منقول
الوقت الحر لدى الأطفال وطرق استغلاله : تجربة أندية الأطفال بالمغرب
د. عبد الفتاح الزين
المعهد الجامعي للبحث العلمي/ جامعة محمد الخامس السويسي الرباط (المغرب)
رئيس مجموعة الدراسات والأبحاث حول الطفل وفضاءات الحياة