مما لا شك فيه أن التغيير في النظم العالمية أثر بشكل كبير على كثير من المفاهيم المتعلقة بمناحي الحياة المختلفة، والتي تسهم في إحداث تغييرات تتناسب والتقدم الهائل في عصرنا الحالي ومنها مفهوم القيادة أو الإدارة حيث أصبح التركيز على القيادات التي تتحلى بالمعرفة والمهارات العلمية العالية، والمتطورة التي تسعى إلى الريادة والبعد عن السيطرة والتسلط وتحقيق مستوى عالي من الأداء حيث إنها مصدر التوجيه والإرشاد للوصول للمستوى المطلوب.

والقيادة التقليدية لا تستطيع أن تستوعب هذه المفاهيم وتعمل على تفعيلها ولا تساعد على الإبداع؛ لأنها غير مبدعة بطبيعتها بل في كثير من الأحيان تقتل الإبداع من حولها، ولا تستطيع فهم الأبعاد المختلفة للمواقف التي تواجهها وتشخيصها واتخاذ القرارات اللازمة لها؛ لأنها تعودت الركون إلى وسائل تقليدية وغير ملائمة، كما أنها لا تعرف المرونة والقدرة الحوار والإقناع.

وغالباً ما ترتبط هذه القيادة بالمجتمعات الشرقية حيث يسود مفهوم الهيمنة والسلطوية وحب التحكم والسيطرة من اجل إشباع غريزة استغلال السلطة بغض النظر عن المصلحة العامة أو تحقيق أداء يسهم في بناء المجتمع؛ مما يكون له مردود سيء على أفراد هذه المجتمعات وقتل طموحاتهم التي تتحطم على جدار القيادة المتسلطة ، على عكس ما تتمتع به المجتمعات الغربية من تنظيم للعلاقة بين القيادة ومرؤوسيها والمواطنين ولا يمكن له تجاوزها، وتطبق عليه اللوائح تماما كما تطبق عليهم بدون تمييز، لذا فالجميع يعرف ما له وما عليه ويسعى إلى النهوض بمجتمعه وتطويره بنفس راضية وفكر قانع وراق.

لابد للقيادة وخصوصاً داخل المؤسسة التعليمية أن تتمتع بشخصية قادرة على استيعاب الآخرين واحتواءهم، والقدرة على تحفيز العاملين والمتعلمين وخلق حالة من التفاعل الجيد بينها وبينهم، أن تكون ذات رؤية ثاقبة في إدارة المؤسسة التعليمية، قادر على التفكير وحسن التصرف في المواقف التي تتم داخلها، كما يجب أن تكون قيادة مبتكره تعمل على تنمية روح الابتكار لدى مجتمع المؤسسة التعليمية؛ مما يكون له أثر ايجابي على تفعيل العملية التعليمية بشكل جيد.

حيث إن التعليم يحتل مكانة خاصة بين الخدمات التي تقدم داخل المجتمع؛ لما له من دور أصيل في تنمية المجتمع وبناء ثقافته ومستقبله، كما أنه يسهم في بناء الفرد المستنير القادر على صنع التنمية الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، ولا يتحقق ذلك إلا من خلال توفير القيادة القادرة على تحقيق ذلك ، فيجب على وزارة التربية والتعليم وضع معايير خاصة لمن يشغل منصف القيادة داخل المؤسسة التعليمية تفرز قيادة ذات كفاءة وفاعلية عالية ، والتنمية المهنية لها لزيادة مستواها الوظيفي بما يتناسب مع متطلبات التنمية، وتطبيق مبدأ اللامركزية في اتخاذ القرارات الإدارية داخل المؤسسة التعليمية، ونبذ القيادة السلطوية التي ترفض تطبيق مبادئ الحداثة وتعميق روح المشاركة والشفافية بين مجتمع المؤسسة حيث إن وجود مثل هذه القيادة يعيق حركة التنمية داخل المجتمع.

نأمل في أن نجد القيادة التعليمية القادرة على البناء وتطبيق مبادئ العدالة والمساواة والشفافية بدأ من أول السلم القيادة وحتى أصغر قيادة وتنمية روح الولاء والانتماء من أجل رفعة مجتمعاتنا والنهوض بها ورسم مستقبل أفضل لها.