قال العالم النفساني الشهير، البروفسور كارل سيشور " لا يستخدم الرجل العادي أكثر من عشرة بالمئة من طاقة الذاكرة الفعلية لدية . فهو ينفق التسعين بالمئة الأخرى بانتهاك قوانين التذكر الطبيعية ".
" قوانين التذكر الطبيعية "
الانطباع ... والتكرار .... وترابط الأفكار
الانطباع :
ان أول قانون للذاكرة هو الانطباع : احصل على انطباع عميق وسريع وراسخ عن الشيء الذي ترغب في تذكره ومن أجل القيام بذلك، يجب أن تركز تفكيرك . لقد أذهلت ذاكرة ثيودور روزفلت كل واحد قابله . هذه الميزة غير العادية سببها أن انطباع الأشياء لم يكن مكتبوبا على الماء بل محفورا على الفولاذ . فقد درب نفسه، من خلال المثابرة والتمرين، على أن يركز تفكيره حتى في أصعب الحالات .
كتب هنري وارد بيتشر : " ان ساعة من التفكير المكثف تفيد أكثر من عدة سنوات حالمة ".
وقال إيوجيني غرايس ( أحد رجال الأعمال البارزين ) " ان كان هناك شيئا أكثر أهمية مما تعلمته ومارسته كل يوم ضمن أية ظروف، فهو التركيز على العمل الذي أقوم به ". هذا هو أحد أسرار القوة، وخاصة قوة الذاكرة .
هل تعلم لماذا كان لنكولن يقرأ بصوت مرتفع ؟
كان لنكولن يقرأ بصوت مرتفع دائما ما يرغب في تذكره، وكان يقول : "عندما أقرأ بصوت مرتفع، فان حاستين تلتقطان الفكرة : أولا، أرى ما أقرأ، وثانيا أسمعه، لذلك يمكنني أن أتذكر ما أقرأه بشكل أفضل ".
كانت ذاكرته قوية جدا وبشكل غير عادي، وهو يقول : " ان ذهني كقطعة من الفولاذ - من الصعب أن تحفر أي شيء عليها، لكن من المستحيل، بعد أن تحفر شيئا، أن تمحوه ".
ان مناشدة حاستين هي الطريقة التي استخدمها في الحفر إمض وافعل مثله . . .
لكن قبل أي شيء، شاهده فاننا نميل الى الشاهدة وتلتصق بأذهاننا الانطباعات العينية، وغالبا ما نستطيع أن نتذكر وجه الرجل مع أننا لا نستطيع أن نتذكر اسمه . فالأعصاب التي تؤدي من العين الى الدماغ هي أضخم بخمسة وعشرين ضعفا من تلك التي تؤدي من الأذن الى الدماغ . ولدي الصينين حكمة تقول : " ضعفا واحدا من الرؤية يوازي ألف ضعف من السمع ".
يقول مارك توين خطرت لي فكرة الصور! فتلاشت مشكلاتي مع النسيان ففي خلال دقيقتين، رسمت ستة صور بقلمي، جسدت الجمل الرئيسية تماما، ثم ألقيت بالصور حالما رسمتها، لأنني تأكدت أن باستطاعتي إغلاق عيني ومشاهدتها في أي وقت . حصل ذلك منذ ربع قرن تقريبا، وتلاشت المحاضرة في ذهني منذ أكثر من عشرين سنة، لكن باستطاعتي أن أكتبها ثانية من خلال الصور - لأنها هي التي بقيت عالقة في الذهن".
التكرار ...
ان جامعة الأزهر في القاهرة هي واحدة من أضخم الجامعات في العالم . انها مؤسسة اسلامية، يزيد عدد طلابها عن العشرين ألفا، يتطلب امتحان الدخول من الطالب أن يرتل القرآن غيبا .
فكيف يستطيع هؤلاء الطلاب العرب أن يؤدوا هذه الواجبات الصعبة ؟ بواسطة التكرار طبعا، أي بواسطة قانون التذكر الطبيعي الثاني .
التكرار الأعمى ليس كافيا . بل انه التكرار الذكي، أي التكرار بواسطة جهد ذهني نبذله - هو ما يفيدنا.
حقيقة علمية : التكرار المنفصل يوفر ضعف الوقت من التكرار المركز المتصل .
ويمكن تعليلها بعاملين اثنين :
أولا، خلال فترة الفراغ بين تكرار المادة، ينشغل العقل الباطن بتوثيق ترابط الأفكار، ومثلما يذكر البروفسور جايمس : " نحن نتعلم السباحة خلال الشتاء، والتزلج خلال الصيف ".
ثانيا، ان الذهن باستخدام فترات الفراغ، لا يشعر بالارهاق الناتج عن التطبيق المتتابع، فالسير ريتشارد بورتون، مترجم " ألف ليلة وليلة " الى الإنكليزية، كان يتكلم 27 لغة، ومع ذلك، اعترف أنه لم يدرس أي من هذه اللغات أكثر من خمسة عشر دقيقة في الجلسة الواحدة، " لئلا يفقد الذهن نشاطه ".
نتيجة : لا تقوم بالتحضير للخطاب قبل إلقائه بليلة واحدة لأن الذاكرة ستقوم بسبب الضرورة، بالعمل ضمن نصف مقدرتها الممكنة .
هنا اكتشاف مساعد جدا عن الطريقة التي بها ننسى . فقد أظهرت التجارب النفسية مرارا أن المادة الجديدة التي يجب أن نتعلمها، ننساها خلال الساعات الثماني الأولى أكثر مما ننساها خلال الثلاثين يوما التالية . انها لنسبة مذهلة ! وهكذا، وقبل أن تذهب لحضور اجتماع عمل ، راجع معلوماتك قبل إلقاء الخطاب، فكر بالحقائق الموجودة لديك، واملأ ذاكرتك بالنشاط .
ترابط الأفكار..
فكلمات " تاريخ ولادتك " ترتبط برقم محدد وكلمات " الاجتماع الشهري"، تقطع جميع خطوط التذكر باستثناء بنود أجندة الاجتماع والتحضير لها .
ان سر الذاكرة الجيدة هو اذن سر تكوين عدة أفكار مترابطة ومتعاكسة لدى كل حقيقة ترغب في الحصول عليها، لكن هذا التكوين للأفكار المترابطة - أليس هو مجرد التفكير العميق بالحقيقة ؟ وباختصار، من بين شخصين لديهما التجربة الخارجية ذاتها، من يفكر أكثر بتجربته ويحكيها ضمن علاقات مترابطة ؟ انه الذي يمتلك الذاكرة الأفضل .
مواقع النشر (المفضلة)