الحنان عمتي
(1)
بين الأسرة البيضاء مررت سريعا ، غاضة الطرف، أرتجف،
الحوائط القماشية التي تفصل بين كل معاناة وأخري تجثم علي أنفاسي، وتكاد تمنعني من التنفس بطريقة طبيعية،
أظنني أسمع دقات قلبي وقتها،
ها قد وصلت أخيرا الي المكان الموصوف،
- صباح الخير يا جميل...
قلتها لعمتي الراقدة في ثياب الحالات الحرجة، تظهر بالكاد من بين أنابيب الأجهزة التي وشجت حولها،،
كالزهرة البيضاء بين الأغصان أراك يا عمتي الحبيبة.
- ليه كدا يا حبيبتي ...ليه تتعبي نفسك، أنا كويسة خالص الحمد لله، قالتها بحنان العالم كله وهي تعتدل بصعوبة لتقبلني
- ايه ده؟ يعني أمشي؟ أحسن برضو علشان آخد الشوكولاتة معايا..
- وكمان،،،لا لا ...أنا ح أعمل بيها ايه...كفاية تعبتي نفسك وسيبت شغلك ودراستك
مؤشر القلب ألمحه ينبض 170-171-170-171
يرفرف قلبك يا قلبي كعادته!


- وبعدين بقي ايه الاستقبال الحار ده ؟ عمتي وحشتني، جيت أشوفها ايه المشكلة؟
- الدكتور قال عملية.. بس أنا مش بحب العمليات ..بخاف منها،


كالطفلة الصغيرة تتكلم
- عادي ، كل الناس بتخاف من العمليات، ان شاء الله بسيطة وح تبقي زي الفل.
كالطفلة الصغيرة تطمئن



(2)


- ممكن أفهم بتعملي ايه حضرتك؟
- ولا حاجة دول شوية بطاطس بقشرهم علشان نعمل الغدا
- وأنا جاية أجري من الكورس ، ليه بقي ان شاء الله؟ قااااال ايه روحي لعمتك ونسيها علشان تعبانة ،، دنا جايبني هنا يفسحوني ،
- يا حبيبتي بيتك منوراه،،، سيبك من الكلام ده وقوليلي، عاملة ايه في الكورس؟ طبعا بنت أخويا ، أكيد أشطر واحدة..
- طب ممكن بقي بعد اذنك، هاتي البطاطس ده
- لا لا
- معلش بعد اذنك فين المقشرة، بتاعتكم حضرتك؟
- أنا بقشر بالسكينة
- آه ، جميل جدا ، طيب عيش حياتك انت يا قمر مع البطاطس ، وأنا ح أكمل الحاجة اللي جوة.
- لا لا بالله عليكي ما تعملي حاجة، الست جاية النهاردة وح تعمل كله
- الله الله طب وبتشحططوني أنا ليه بقي،
- يا بنت اقعدي بقي، ها احكيلي عملت ايه النهاردة؟



( 3)


فوق شبهات النسيان انت
ما من مرة أمسكت فيها سكينا ، الا تذكرت أناملك البيضاء الرقيقة وهي تمسك بحبات البطاطس برفق ،وكأنها تحكي لها حدوتة،
ما من مرة صرخت فيها وهجت ومجت، الا ورأيت عيناك المفعمة بالزجر الرؤم الذي لا تفارقه الابتسامة...
ما من مرة أكلت أكلة حلوة، أو رأيت منظرا جميلا، أو حصلت علي تقدير، أو أحببت انسانا، الا تذكرتك يا حبيبتي،
ما من مرة رأيت حنانا، الا رأيتك فيه يا عمتي الحبيبة!