التعليم في الهند.. عالي الجودة!!
تعتبر الهند منذ آلاف السنين مركز إشعاع علمي وثقافي، حيث كان يدرس بها
الفلسفة والدين والطب والأدب والدراما والفنون والفلك
والرياضيات وعلم الاجتماع وغيرها، كما عرفت الهند المؤسسات التعليمية منذ زمن بعيد مثل مؤسسة «نلاندا وفيكر مشيلا وتشكاشيلا» التي تقع الآن في باكستان، وكانت هذه المؤسسات التعليمية تستقطب دارسين من مختلف البلاد مثل الصين وسيريلانكا، وكوريا وغيرها.
وخلال القرن الحادي عشر أنشأ المسلمون مدارس ابتدائية وثانوية وجامعات في مدن مثل «دلهي ولوكنو والله أباد»، كما استخدموا اللغة العربية في التدريس، وكان هناك تفاعل قوي بين الحضارة الهندية والإسلامية في القرون الوسطى خصوصاً في مجال الدين والفلسفة والفنون الجميلة والعمارة والرياضيات وغيرها.
مع دخول البريطانيين الهند دخل معهم نظام التعليم الإنجليزي عن طريق المدارس «التبشيرية».
وخلال القرن التاسع عشر تم إنشاء عدد من الجامعات والكليات مثل الكلية الهندية في كالكتا عام 1817م، ومؤسسة الفيسمتون التعليمية في بومباي عام 1834م، ثم تم إنشاء ثلاث جامعات في كالكتا وشيناي وبومباي عام 1857م، ومنذ ذلك الحين حقق التعليم تقدماً ملحوظاً في البلاد، فقد وصل عدد الجامعات في الهند الآن إلى 229 جامعة بها آلاف من الكليات منها 4338 كلية هندسة ومعاهد تكنولوجيا وأكثر من 100 كلية طب، بالإضافة إلى معاهد زراعية ومراكز تعليمية لتخصصات مختلفة.
فالحكومات الهندية المتعاقبة تلعب دوراً أساسياً في تطوير التعليم وبالأخص التعليم الأساسي والثانوي. فإدارة التعليم أنشئت لأول مرة عام 1910م خلال فترة الاستعمار البريطاني للهند كإدارة تعليمية منفصلة تتولى الإشراف على التعليم في الهند، ومع حصول الهند على استقلالها في 15 أغسطس عام 1947م تم تحويلها إلى وزارة التعليم، إلا أنها مرة أخرى أصبحت إدارة للتعليم تتبع وزارة تنمية الموارد البشرية بموجب التعديل الدستوري رقم 174 لعام 1985م.
منذ أن حصلت الهند على الاستقلال بدأت تبذل جهوداً جبارة لكي تعيد بناء نظامها التعليمي، مما اقتضي نضالاً عنيفاً ضد متناقضات عديدة منها: الكثافة السكانية العالية جداً، حيث يبلغ تعداد سكان الهند 940 مليون نسمة، ويبلغ معدل الزيادة السكانية السنوي 2%، وعجز أولياء الأمور متوسطي الدخل عن إلحاق أبنائهم بالمدارس أو إبقائهم بها لفترة طويلة، يضاف إلى ذلك قلة عدد المدرسين المؤهلين والمعدات الفنية، كما أن تباين الظروف الاجتماعية والاقتصادية وتعدد اللغات شكل عقبات اقتضت مجهوداً مضاعفاً من أجل تخطيها، وبرغم كل هذه العقبات إلا أن الهند حققت إنجازات لا بأس بها خلال فترة ما بعد الاستقلال.
وفي عام 1968م تبنت الحكومة الهندية سياسة قومية للتعليم بهدف تحسين نوعية الخدمة التعليمية ووصولها إلى قطاعات عريضة من الجماهير، بالإضافة إلى الاهتمام بتعليم الفتيات بوصفهن أكثر الفئات حرماناً من التعليم وتعزيز التراث الثقافي الهندي في عقول الأجيال الجديدة من خلال خطة تعليمية وضعت خصيصاً من أجل تحقيق هذه الأهداف.
وتم تطوير السياسة القومية للتعليم عام 1986م لتصبح أكثر شمولاً، ومن المتوقع أن يستمر تنفيذ هذه السياسة حتى نهاية هذا القرن. وقد أضيف إلى هذه السياسة في عام 1992م برنامج عمل يحدد سبل تنفيذ السياسة القومية للتعليم وتمويلها.
وتركز هذه السياسة المعدلة على أولويات الخطط المستقبلية التعليمية مع مواجهة ما يجد من تحديات، ومن أهم أهداف هذه السياسة الوصول إلى الحصول على 6% من إجمالي الدخل القومي للهند تستثمر في مجال التعليم، إلا أن الميزانية المخصصة للتعليم من إجمالي الدخل القومي حتى الآن تبلغ 3.3% بينما كانت 0.8% في عام 1952م.
وقد زادت نفقات التعليم في ميزانية الدولة لتصل إلى 300 ألف مليون روبية عام 1996م، بينما كانت في عام 1952م 744.6 مليون روبية فقط، وبذلك بلغت نسبة المخصصات التعليمية في ميزانية الدولة لعام 1996م 11.1% بينما كانت نسبتها عام 1952م 7.9%.
ويبلغ عدد المؤسسات التعليمية في الهند 888 ألف مؤسسة بها 179 مليون طالب، كما بلغ عدد طلاب التعليم الابتدائي في الهند 149.4 مليون طالب مسجلة بذلك ثاني أكبر دولة من حيث عدد طلاب المرحلة الابتدائية، ويمثل هذا العدد حوالي 82% من إجمالي عدد أطفال الهند، ويبلغ عدد المعلمين بالمرحلة الابتدائية 2.9 مليون مدرس ويتولى المجلس الاستشاري المركزي للتعليم الذي أنشئ عام 1935م تقويم العملية التعليمية والإشراف على السياسات التعليمية القومية.
كما يقوم المجلس القومي للبحث والتدريب التعليمي الذي أنشئ عام 1961م في «نيودلهي» -بوصفه هيئة مستقلة هدفها الرئيس تحسين نوعية التعليم وكفاءة المعلمين - بوضع المناهج وإعداد الكتب الدراسية بداية من المرحلة الابتدائية وحتى بداية المرحلة الثانوية، كما يضع المجلس القومي للبحث والتدريب التعليمي القواعد التي على أساسها يضع المجلس المركزي للتعليم الثانوي البرامج الدراسية للمرحلة الثانوية والتي يتم تدريسها في المدارس التابعة للمجلس.
ويقوم المجلس القومي بإعداد مواد إرشادية خاصة بتعليم الأطفال وتدريب المدرسين والمشرفين، ويوفر المساعدات الفنية للبرامج القومية للتعليم.