قال عيسى ابن مريم عليه السلام: يا معشر الحواريين إن ابن آدم خلق في الدنيا في أربع منازل،
هو في ثلاث منهن بالله واثق، حسن ظنه فيهن بربه، وهو في الرابع سيئ ظنه بربه، يخاف خذلان الله تعالى إياه.
فأما المنزلة الأولى: فإنه خلق في بطن أمه خلقاً من بعد خلق في ظلمات ثلاث، ظلمة البطن، وظلمة الرحم، وظلمة المشيمة، ينزل الله تعالى عليه في جوف ظلمة البطن،
فإذا خرج من البطن وقع في اللبن لا يخطو إليه بقدم، ولا يتناوله بفم، ولا ينهض إليه بقوة، ولا يأخذه بحرفة، يكره عليه إكراهاً، ويوجره إيجاراً، حتى ينبت عليه عظمه ولحمه ودمه،
فإذا ارتفع عن اللبن، وقع في المنزلة الثالثة، في الطعام بين أبويه يكتسبان عليه من حلال وحرام، فإن مات أبواه عن غير شيء تركاه، عطف عليه الناس، هذا يطعمه وهذا يسقيه، وهذا يؤويه،
فإذا وقع في المنزلة الرابعة، فاشتد واستوى، واجتمع عليه، وكان رجلاً خشي أن لا يرزقه الله تعالى فوثب على الناس يخون أماناتهم، ويسرق أمتعتهم، ويخونهم على أموالهم مخافة خذلان الله تعالى إياه
.