الحكمة ضالة المؤمنكثيراً ما نصف إنسان ما بالحكمة . ولكن هل فى يوم ما سألنا أنفسنا ما المقصود بالحكمة ؟
إذا استوطنت الحكمة فى العقل ، وقلنا أن الشخص الحكيم هو الشخص العاقل ، إذن أصبحنا كلنا حكماء على هذا النحو . أما إذا وصفنا الحكمة بالشعور ، والوجدان ،وتمركزت الحكمة فى القلب ، فعادةً ما نصف النساء بأنهن أقل حكمة من الرجال لأنهم يسلكون بعواطفهن ، وقلوبهن أكثر من عقولهن . إذن فما المقصود بالحكمة ؟، وهل مصدرها العقل أم القلب أم الإثنين معاً ؟
نستطيع على الفور الخروج من دائرة الجدل فى هذا الشأن بالإهتداء بقول الله سبحانه وتعالى ( ُيؤتى الحكمة من يشاء ، ومن ُيؤت الحكمة فقد ُأوتى خيراً كثيراً ) . سورة البقرة الآية 269.
الحكمة هنا تعنى التصرف السليم الذى يرضى جميع الأطراف ، ويشير إلى أن هذا الشخص العاقل ذو القلب الرحيم استطاع بفطنة ،وعلم ،وقدرة على إلتفاف الجميع حوله أن يحل المعضلة ، والمشكلة بصورة تتصف بالحكمة ،والتصرف العقلانى ، ورٍِقة فى التعامل ، ومراعاة شعور الآخرين دون المساس بأحد .
ومن ثم فالحكمة تتطلب العقلية الإيمانية ، التى تهتدى بالسلوك الصادق ، والأمانة فى القول ، والفعل ، وكذا محبة الخير ، والقدرة على التوجيه ، والإرشاد ، والسلوك القويم الذى ينبع من مبادئ دينية ، وخلقية مفعلة ، وليست محفوظة عن ظهر قلب دون تفعيل حقيقى فى الواقع .
لذلك فالحكمة هى ضالة المؤمن الباحث عن السعادة دوماً ليس له فحسب ، وإنما لجميع أمته كما كان سيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم ، يتصف بالحكمة فكان سلوكه الإيمانى ، وإعطاء كل ذى حق حقه دليل على العقل الرشيد ، والقلب المؤمن الخاشع الذى يخش الله فى السر ، والعلن . فدل سلوكه على حكمته ، وقدرته على حل المعضلات التى عجز فى حلها العلماء ، واستطاع قيادة دول بأكملها تحت لواء الإسلام دون أن يفرض الإسلام على أحد ، وإنما حكمته ، وعقلانيته الرشيدة جعلت غير المسلم يلتف حوله مثل المسلم تماماً لأن دستور الحكمة يقتضى العدالة ، ومكافأة العامل ، والمجتهد أياً كانت ديانته أو جنسه أو لونه أو بلده ... تلك هى الحكمة ، التصرف العقلانى الإيمانى الرشيد لجمع شمل الأمة على الفعل ، والسلوك ، والعمل، والعمران ، وليس الكلام ، والمواعظ ، وفرض الرأى، والفتوى بغير سلوك صادق حقيقى ، والتى تدل على الكلام الكثير دون الفعل ، والفتاوى بغير حكمة .
ومن هنا فهيا نسعى للوصول إلى مرتبة الحكمة من خلال تفعيل عبارة yes we act وندرك صدق ما نقوله بأعمالنا ، وإبداعاتنا الحقيقية التى تدل على إيمان داخلى عميق بقدرة الحكماء وحدهم بتصرفاتهم الرشيدة على تنمية المجتمع ، والوصول إلى التقدم الفعلى من خلال الحكمة التى دوماً يبحث عنها المؤمن بحق .
مواقع النشر (المفضلة)