عندما كنت فى بداية المرحلة الإبتدائية بدأت أتعرف على كرة القدم و كان البعض يسألنى عن الفريق الذى أشجعه ، و أنا لا أعلم لماذا من الضرورى أن أختار فريق و أشجعه ؟ و بعدها بدأت أقرأ فى الصحف عن أخبار كرة القدم .
و الآن اى فريق أشجع ؟ و على أى أساس أختار ؟ و ماهى الفائدة من تشجيع هذا الفريق بالذات ؟ و فى النهاية اخترت فريق على أساس اللون الذى يرتديه ، و نظراً لعدم انتشار التلفزيون فى المنازل فى هذا الوقت فكانت معظم مشاهدة المباريات فى المقاهى ، و بدأت ألاحظ تصرفات بعض الرجال أثناء متابعتهم المبارة .
فكان يبدو الرجل محترم فإذا أحرز أحد الفريقين هدفاً تغير حال هذا الرجل .
إما أن يعلو صوته فرحاً و إستبشاراً ، و يستهزء و يسخر من مشجعى الفريق الآخر ، و إما أن ينعدم صوته و تحمر أذناه و يتوارى خجلا كأنما فعل فاحشة ، وبعد إنتهاء المباراة أرى المشاحنات و الشتائم و السخرية و غيرها من الأشياء التى تخالف الخلق الكريم .
كل ذلك يحدث ، و أنا أسمع عن شىء اسمه " الأخلاق الرياضية "
كنت أشاهد المباريات التى تقام فى الحوارى و الحارات و ما يحدث فيها شتائم و مشاجرات وسب للدين و الأب و الأم ، و بعض المؤامرات لكسر أحد اللاعبين ، و تواطؤ الحكام ، و يقال عن شىء اسمه " الأخلاق الرياضية "
و من هذا الوقت حتى الآن لا أدرى ما هى الفائدة من تشجيع أحد الفرق دون الآخر ؟ و لماذا هذا التعصب الأعمى لأى فريق ؟ و لماذا لا نكتفى بلعب كرة القدم بهدوء ؟ أو مشاهدتها بهدوء .
و قد أخترت أن تكون " أخلاقى غير رياضية " و لم أهتم بعدها بمشاهدة كرة القدم حتى لا تفسد أخلاقى .
و قد رأينا الآن كيف أن كرة القدم أوقعت العداوة و البغضاء بين أبناء الأمة العربية ، و أوقعت العداوة و البغضاء بين المصريين بعضهم البعض ، و أوقعت العداوة و البغضاء بين أفراد العائلة الواحدة .
ثم نتحدث عن شىء اسمه " الأخلاق الرياضية "
و قد رأينا ان بعض الشباب يلعبون بالكرة ثم يفوزون و يحصلون على أموال طائلة و النياشين و يلقبون بالأبطال و لم يقاتلوا عدوا و لم يحرورا أرضاً .
و قد رأينا الأن من يترك عمله من أجل مشاهدة مباراة ، أو يتكاسل عن صلاته أو يتركها من أجل مشاهدة مباراة .
لماذا لا تكون الرياضة ممارسة و ليست مشاهدة .
لماذا لا تكون أخلاقنا كريمة و ليست أخلاق رياضية .
أنا أتحدى من ينادى بالأخلاق الرياضية أن تقام مباراة واحدة بين فريقين و لا يتم الفصل بين جمهور الفريقين بحواجز حديدية و رجال أمن .
سمعت عن أحد الصحابة بعد وفاة النبى عليه الصلاة و السلام كان قادماً من خارج المدينة و فى هذا اليوم كان يقام سباق للخيل خارج المدينة ، فسأله رجل : من سبق ؟ فقال الصحابى : السابقون الأولون ، فقال الرجل : من فاز ؟ فقال الصحابى : فمن زحزح عن النار و أدخل الجنة فقد فاز ، فقال الرجل ليس عن هذا أسأل ، فقال الصحابى : و أنا عن هذا أجيب .