خيرت الشاطر أكثر الرافضين لترشحه للرئاسة

والثاني الذي تكلم سياسة كان زميلنا قطب العربي لقوله: 'كان المهندس خيرت الشاطر أكثر الرافضين لترشحه للرئاسة حين طرح البعض هذا المقترح خلال الأيام الماضية، وله في هذا الأمر تصريحات منشورة يريد البعض إحراجه بها حالياً، ولكن الرجل تخلى عن موقفه الشخصي ليلتزم بقرار الشورى الذي كلفه بهذا الترشيح رغم ما يحمله من مخاطر شخصية له، وهذا موقف يحسب له لا عليه، وأصبح لزاماً عليه أن يبدأ حملة انتخابية مكثفة يسابق بها الزمن، ويسابق بها مرشحين آخرين يصولون ويجولون منذ أكثر من عام في ربوع مصر وعبر فضائياتها.
حالة الهلع التي انتابت معارضي الإخوان تنبىء عن كفر بالديمقراطية والتعددية الحزبية، وعلى هؤلاء المعارضين أن يراجعوا مواقفهم، وفي الوقت نفسه على الإخوان أن يتوقعوا كل شيء في عالم السياسة والانتخابات'.

الإمام البنا جعل من الشورى ركيزة الاخوان

وفيما عدا ما كتبه سليمان وقطب، فإن العدد امتلأ بمقالات ودراسات لا مهنية فيها ولا أمانة، كما حاول آخرون إضفاء القداسة على خيرت، وهو الأمر الذي يثير الشكوك في هؤلاء الناس حتى من الناحية الدينية إذ كيف سولت لهم أنفسهم ذلك.
فمثلاً نشرت الجريدة بحثاً لزميلنا عبدالحكيم البحيري،عن الشورى في الإسلام وأن ما حدث من الإخوان ومجلس الشورى تطبيق لها، قال: 'يقول الأستاذ سيد قطب - رحمه الله - عن أهمية الشورى في الإسلام: 'إن الإسلام كان ينشىء أمة ويربيها ويعدها لقيادة البشرية، وكان الله يعلم أن خير وسيلة لتربية الأمم وإعدادها للقيادة الرشيدة أن تربى بالشورى.
من جانبه فطن الإمام البنا إلى أهمية هذا المبدأ الإسلامي العظيم في نجاح فكرته ودعوته.
يقول 'نحن مدرسة عالمية، منهاجها القرآن، وإداراتها العامة مجلس الشورى العام، وناظرها العام مكتب الإرشاد، وأساتذتها ومدرسوها أعضاء مجالس الإدارة المركزية وفصولها القرى والمدن والأندية والمساجد، وطلبتها كل من انتسب للإخوان المسلمين، وشعار هيئات الإخوان الإدارية الشورى بإبداء الرأي وتمحيص الحقائق بالمباحثة بين المجتمعين واحترام رأي الرئيس وتقديره، 'وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله'، ورغم اختلاف الفقهاء حول حكم الشورى بين من يرى بأنها مندوبة أو مستحبة إلا أن الإخوان عزموا أمرهم منذ النشأة واختاروا رأي أغلبية الفقهاء الذين يقولون بوجوب الشورى استناداً إلى قوله تعالى 'وشاورهم في الأمر'، يقول صاحب الظلال في قوله تعالى 'وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين'.
وبهذا النص الجازم 'وشاورهم في الأمر' يقرر الإسلام هذا المبدأ في نظام الحكم، أن الشورى مبدأ أساسي لا يقوم نظام الإسلام على أساس سواه، أما شكل الشورى والوسيلة التي تتحقق بها، فهذه أمور قابلة للتحوير والتطوير وفق أوضاع الأمة وملابسات حياتها، وكل شكل وكل وسيلة تتم بها حقيقة الشورى - لا مظهرها - فهي من الإسلام، المسائل والقرارات في مجال السياسة تتعلق بباب المصالح المرسلة التي تقوم على الموازنات بين المصالح والمفاسد وليس من باب الحلال والحرام، وبناء عليه فإن صناعة القرار في هذا المجال تقوم على تحليل الوضع الراهن والذي يمكن تغييره بناء على تغيير الواقع، وهذا ما حدث مع تغيير قرار الإخوان بشأن الترشح للرئاسة الأمر الذي يحاول البعض وضعه في مربع الحلال والحرام وليس من باب المصالح المرسلة التي تتغير بتغير الموقف من خلال المصالح والمفاسد. وأخيراً يتساءل البعض: لماذا فضلتم أبو الفتوح إذن؟
الأمر هنا يتعلق بمخالفة قرار مؤسسة الشورى في الجماعة حتى لو كان قرارا في غير مسألة الرئاسة لأن التزام أفراد الصف جميعاً، خصوصاً القيادة منها بآداب الشورى أمر لا تهاون فيه، ولو رفض الشاطر الترشح للرئاسة نزولا على قرار الجماعة لقامت الجماعة بفصله على الفور احتراماً للقيادة واللوائح التي تضبط العمل داخل مؤسسات الجماعة'.
ولا أفهم كيف يمكن فصل الشاطر إذا رفض لأي أسباب مثل مرض قد يمنعه من تحمل العبء، أو وجود مصالح اقتصادية له قد يستخدمها خصوم الإخوان في الطعن عليه والتشكيك فيه، ويريد التفرغ لأعماله. أيضاً فإن حكاية استشهاده بما كتبه المرحوم سيد قطب في كتابه - في ظلال القرآن - عن الشورى فإنها لا تعني الديمقراطية لأن النص هنا ينصرف على الرسول صلى الله عليه وسلم، لأن الله يأمره بأن يتشاور وإذا استقر وعزم على رأي فليأخذه ويتوكل على الله، وهو أمر لا يمكن أن ينصرف إلى غيره، خاصة إذا كان سياسا، بالإضافة إلى أن الرسول نفسه صلى الله عليه وسلم هو القائل' أنت أعلم بشؤون دنياكم' وهذه الحجة استخدمها عدد من علماء الدين للقول بأن الحاكم غير ملزم بالأخذ بالشورى بعد أن يستمع إليها وكان على رأسهم المرحوم الشيخ محمد متولي الشعراوي وآخرون، أيضاً، فإنه تعمد الاستشهاد بما كتبه سيد قطب في الظلال، وتغافل انه بعد الظلال ألف كتاب - معالم في الطريق ـ الذي اتهم فيه المجتمع بالجاهلية وكفره، وكان أساس تنظيم 65 الذي اعتقل فيه المرشد الحالي والأمين العام محمود عزت، وهم من القطبيين المتشددين، وأما الجميلة هدى فايق فقالت عن الشاطر: 'كما سير الأبطال الشعبية، تبدأ حكايته عادية لا تنبىء تفاصيلها عن أية إشارات إلى ما سيؤول إليه الحال، ربما لم يخطر له يوماً وهو طفل تبهره حكايات الأبطال أنه بنفسه سيصبح بطلاً لحكاية تتجمع خيوطها لتنسج ما أصبح يعرف بسيرة 'الشاطر' تلك التي تبدو في تفاصيلها وكأنها خارجة من رحم الملاحم الإغريقية عن بطل يواجه قدره وحده مع إيمانه بالوصول والنجاة'.