[SIZE="5"][B]

الجودة الشاملة في الاسلام


الجودة والإتقان مبدأ إسلامي

قال الله تعلى : { صنع الله الذي أتقن كل شيء } سورة النحل آية 88 .

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً ان يتقنه "
وفي الوقت الحاضر أصبح نظام الجودة في التعليم سمة العصر الذي نعيشه يحتضن جميع جميع جوانب العملية التعليمية كالمنهج الدراسي والمعلم والطالب ومصادر التعلم والبيئة المدرسية والمجتمع المدرسي


فقه الجودة في الإسلام

تعريف الجودة:

الجودة من (أجاد) أي أحسن.. يقال (فلان تكلم فأجاد، أي تكلم فأحسن.. فلان عمل فأجاد أي عمل فأحسن) وعكسه (تكلم فأساء وعمل فأساء).

والجودة تعني الاتقان كما تعني في مستوياتها العالية التفوق والإبداع..
والجودة هي نتيجة الاهتمام أساساً بالكيف والنوع لا بالكم.
والجودة في المصطلح الحديث ارتبطت إجمالاً بالجوانب الاقتصادية والتنظيمية (الجودة الإدارية) (الجودة التصميمية) (الجودة الصناعية) (الجودة الزراعية)..
والجودة في هذه المجالات باتت محكومة بمواصفات ومعايير ومقاييس، ولم تعد خاضعة للمزاج والذوق الشخصي..

وبالتالي فإن الإنتاجية الجيدة باتت تحتاج إلى شهادة جودة من شركات ومؤسسات نشأت لهذه الغاية
وقد جاء في كتاب (إدارة الجودة الشاملة) للدكتور عادل الشهراوي ما يوضح (نظام الجودة ومواصفاتها القياسية الدولية آيزو 9000) بالنسبة لأي إنتاج.


الإسلام والجودة:


قد لا أكون مبالغاً إذا قلت إن الإسلام عقيدة وشريعة وأخلاقاً وكفلسفة للكون والإنسان والحياة، هو كمال الجودة وتمامها.. ومن خلال ذلك نفهم البعد اللانهائي في قوله تعالى:

( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً)(المائدة : 3)

وكيف لا يكون الإسلام كمال الجودة والإبداع وهو دين الله
]بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ (117) [ (البقرة).

- ] بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُن لَّهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (101) ذَلِكُمُ اللّهُ رَبُّكُمْ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (102) لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (103) قَدْ جَاءكُم بَصَآئِرُ مِن رَّبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا وَمَا أَنَاْ عَلَيْكُم بِحَفِيظٍ (104) [ (الأنعام).


إن الإبداع البشري هو أثر ومظهر من آثار ومظاهر الإبداع الرباني.. بل إنه وظيفة تكليفية ومسؤولية شرعية وليس خياراً بشرياً قبله الإنسان أو رفضه: ]أَيَحْسَبُ الْإِنسَانُ أَن يُتْرَكَ سُدًى (36) أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِّن مَّنِيٍّ يُمْنَى (37) ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى (38) فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنثَى (39) أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَن يُحْيِيَ الْمَوْتَى (40) [ (القيامة

الجودة والإحسان:
وإذا كانت الجودة مظهر من مظاهر الإحسان ونتيجة من نتائجه.. فإن الإسلام دعوة مطلقة إلى الإحسان: ]صِبْغَةَ اللّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدونَ (138) [ (البقرة).

وفي قوله تعالى: ]لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً[ (هود : 7) إشارة واضحة إلى أن الجزاء يتعلق بكيفية الأداء كائناً ما كان هذا الأداء.. وكذلك في قوله تعالى: ] إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَّهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً (7) [ (الكهف) وفي قوله تعالى: ]الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ (2) [ (الملك).


الإنسان الذي أبدع الله خلقه مدعو إلى الإبداع:

إن من الشكر لله على إبداع خلقه يفرض على الإنسان أن يكون محسناً مبدعاً في عمله وصنعته ومهنته كائناً ما كانت.. ففي قوله تعالى: ]لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (4) [ (التين) دلالة واضحة على جودة الخلق وإحسان الخالق وإبداعه.. وكذلك في قوله تعالى: ]وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ (12) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ (13) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ (14) [ (المؤمنون).


الإسلام يدعو إلى الجودة:
إن من البديهي أن يدعو المبدع إلى الإبداع وأن يحض المحسن إلى الإحسان.. وهذا شأن منهج الله في دعوته الإنسان إلى الجودة والإبداع والإحسان.. وصدق الله تعالى حيث يقول: ]وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لله وَهُوَ مُحْسِنٌ[ (النساء : 125).


ويقول تعالى: ]وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً[ (البقرة : 83)
وفي الخطاب النبوي دعوة واضحة بينة إلى الجودة والإتقان والإبداع والإحسان..
مثال ذلك في قوله r: "إن الله تعالى يحب من العامل إذا عمل أن يحسن" رواه البيهقي.. وكذلك في قوله r: "إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه" للبيهقي.. ولكم أعجبني ما أورده الأستاذ عبد الرحمن حبنكه الميداني في كتابه (العقيدة الإسلامية وأسسها) حيث أصاب كبد الحقيقة (راجع الكتاب المذكور).